فاتن.. صوت اللاجئين الفلسطينيين بمخيم برج البراجنة في لبنان

فاتن.. صوت اللاجئين الفلسطينيين بمخيم برج البراجنة في لبنان

اللاجئة الفلسطينية فاتن ازدحمد

بهاتفها النقال، تتجول اللاجئة الفلسطينية فاتن ازدحمد داخل أزقة مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين بالعاصمة اللبنانية بيروت، تسأل المارة وأصحاب المنازل عن العائلات التي تعاني من أوضاع صعبة، اجتماعيا واقتصاديا، بهدف التقرب منهم، وتقديم المساعدة على طريقتها الخاصة.

فابنة قرية النهر قضاء عكا (شمالي فلسطين المحتلة) تحمل على عاتقها ما عجز عنه المسؤولون عن أحوال واحتياجات اللاجئين، فسخرت حياتها لتقدم ما باستطاعتها لمساعدتهم بإمكاناتها البسيطة، وبما هو متوفر لديها.

البحث عن حالات إنسانية

فبعد انتهاء فاتن (44 عاما) من عملها في جمعية المرأة الخيرية، يبدأ عملها الإنساني بالتجول داخل المخيم، والبحث عن حالات إنسانية تحتاج المساعدة، مضحية بوقتها وعائلتها وراحتها على حساب مبادرتها، فهي تقول إن كل الإرهاق يذهب حين تقوم بهذا العمل الإنساني، وترى الفرحة مرسومة على وجوه العائلات والأطفال وأهالي المخيم.

ببساطة، تزور فاتن عائلة فقيرة، تتعرف على احتياجاتها ومطالبها، وتقوم بنصب الهاتف أمام أفرادها وتجعلهم يتحدثون بحرية عن مطالبهم، وتقوم هي بالتعليق أو محاورتهم مباشرة وشرح تفاصيل معاناتهم بلغة عربية بسيطة وبلهجة أهالي المخيم، من دون تصنع أو تكلف، ومن دون الظهور أمام الكاميرا، وبعد ذلك تقوم بنشر المقطع مصحوبا بمعلومات عن العائلة على مواقع التواصل الاجتماعي ليصل لأكبر عدد من أصحاب الأيادي البيضاء.

نشر ثقافة المحبة والتعاون

فكرة ازدحمد بدأت بعد تفاقم الأزمات التي تعصف بمخيم برج البراجنة من فقر وبطالة وتفشي الأمراض المستعصية وكثرة البيوت الآيلة للسقوط، وبعد زياراتها المتكررة بحكم عملها للعائلات، التي أظهرت لها حجم المعاناة؛ فبعض العائلات -حسب فاتن- لا تملك غازا ولا برادا، أو أدنى مقومات الحياة البسيطة.

تقول فاتن "انبثقت فكرتي من رحم المعاناة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعاني منها كلاجئين فلسطينيين في لبنان، فنسبة الفقر مرتفعة، والبطالة مستفحلة في ظل غياب المؤسسات المعنية باللاجئين الفلسطينيين، خاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

ولهذا اتخذت قرارها بأن تزور العائلات لمساعدتهم ونشر ثقافة المحبة والتعاضد في المخيم عن طريق مساعدة بعضهم البعض.

وسيط بين المتبرع والمحتاج

تقوم فاتن بعلمها الإنساني هذا بنفسها من دون مساعدة من أحد أو أي فريق عمل، تقضي وقتها الخاص ويوم إجازتها في جولة داخل المخيم، تقابل الناس وتدون الأرقام، وتضع جدولا لزياراتها؛ فهي تصف دورها في المبادرة بالمساعد فقط، فهي لا تتدخل نهائيا بين المتبرع والمحتاج، ولا تقوم بتسلم أي مساعدات، سواء كانت عينية أو مادية.

وتلقى هذه المبادرة تفاعلا وإقبالا كبيرين من أهالي المخيم، خاصة المحتاجين، وبعضهم يقوم بزيارة فاتن في منزلها أو مكان عملها؛ طالبين زيارتها للاطلاع على أحوالهم وتصوير معاناتهم، كي يحصلوا على مساعدة من أهل الخير.

فلا معايير محددة لدى فاتن لتحديد المحتاج، كما توضح، فهي تقول إن كل اللاجئين الفلسطينيين يعانون من سوء الأوضاع الاقتصادية، خاصة مع الأزمة في لبنان التي رمت بثقلها على أهالي المخيمات. عائلات كثيرة مختلفة الاحتياجات ومتعددة الطلبات من دواء إلى غذاء إلى إعادة ترميم منازل؛ كلها زارتها فاتن لتسليط الضوء على حالاتهم.

احتياجات سكان المخيم

يرى محمد عيسى (لاجئ فلسطيني لديه والدان من ذوي الاحتياجات الخاصة) أن هذه المبادرات تسلط الضوء على احتياجات أهالي المخيم، في ظل غياب الإعلام عن مطالبهم، وفي ظل غياب المؤسسات المسؤولة عن تقديم المساعدات.

ويردف "أتمنى من خلال هذه المبادرة مساعدة أطفالي ومساعدة كل محتاج في هذا المخيم، فقد ضاقت الحياة بنا ذرعا بعد أن طرقنا باب كل المؤسسات دون تجاوب منهم".

أما وائل (لاجئ فلسطيني) فيقول "من المهم أن تكون هناك مبادرات وحملات لمساعدة الناس، لكن يجب ألا ننسى دور الأونروا بوصفها المسؤولة الأولى والأخيرة عن الشعب الفلسطيني في الشتات، إضافة إلى الفصائل الفلسطينية التي يجب أن يكون لها دور أساسي في تلبية مطالب الفلسطينيين".

لاجئون تحت خط الفقر

عائلات كثير زارتها فاتن، منها ما تمت مساعدتها، ومنها ما تنتظر، حيث قدمت مساعدات مالية لبعض العائلات تراوحت بين خمسمئة وألفي دولار، إضافة إلى بعض المساعدات العينية من أغذية وملابس، وتسعى فاتن لتوسيع نطاق مبادرتها كي تقوم بزيارة كل العائلات المحتاجة في كافة المخيمات الفلسطينية، حسب قولها.

ويعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان "فقرا مدقعا وحياة مزرية"، إذ إن 66.5% من الفلسطينيين تحت خط الفقر، منهم 6% تحت خط الفقر المدقع، و56% عاطلون عن العمل، و33% يعانون من أمراض مزمنة، حسب دراسة أجرتها المنظمة الفلسطينية لحق العودة في بيروت.

المصدر/ الجزيرة نت

رابط مختصر : http://bit.ly/2OCvLiT