مراقبون يحذّرون من محاولات تشويه أونروا مع قرب تجديد ولايتها

مراقبون يحذّرون من محاولات تشويه أونروا مع قرب تجديد ولايتها

مخاوف بين اللاجئين الفلسطينيين من إنهاء عمل أونروا-صورة أرشيفية

حذّر مراقبون متابعون لشؤون اللاجئين الفلسطينيين، من محاولات تشويه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، خصوصًا مع اقتراب التصويت لتجديد ولايتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر القادم.

ونبه المراقبون إلى أن الإعلان عن وجود مزاعم فساد بين الإدارات العليا لـ"أونروا"، "ليس بريئًا في هذا التوقيت"، حيث سيتم توظيفها من قبل الإدارة الأمريكية وإسرائيل للمزيد من الإساءة للوكالة ومحاولات تشويه صورتها والتشكيك بأدائها كمؤسسة ومحاصرتها.

وأعلنت سويسرا وهولندا عن تعليق مؤقت لمساهماتهما المالية المقدّمة "أونروا"، بعد الإعلان عن نشر تقرير أممي سرّي يزعم وجود ممارسات فساد إداري واستغلال للسلطة على أعلى مستويات الوكالة.

وتضمّن التقرير الذي نشرته وكالة الصحافة الفرنسية يوم الإثنين، اتهامات لبعض كبار مسؤولي الوكالة بالتورط في "سلوك جنسي غير لائق ومحاباة، وتمييز وغيرها من ممارسات استغلال السلطة لمنافع شخصية وقمع المخالفين بالرأي تحقيقا لأهداف شخصية".

مزيد من الضغط

وفي تصريح صحفي، قال علي هويدي، مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" في لبنان، إنه سيجري توظيف هذا التقرير من قبل الإدارة الأمريكية وإسرائيل لمزيد من الضغط على الدول المانحة لوقف الدعم السياسي والمالي والتأثير عليهم في عملية التصويت في أيلول/سبتمبر القادم.

بدورها، أكدت أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية د.عبير عبد الرحمن ثابت، أن ما أسمتها "حالة الشيطنة" التي تتعرض لها أونروا عبر التضخيم الإعلامي للتحقيقات بتهم بالفساد، تأتي "ضمن حلقة جديدة من مسلسل بدأ منذ عامين لإظهار أونروا على أنها مؤسسة فاسدة عديمة الفائدة والأفضل للعالم أن يتم حلها".

وأضافت ثابت في مقال نُشر الأربعاء، أن "التوقيت الحالي لكشف ما يعرف بالفساد في مؤسسات أونروا هو توقيت مشبوه يضع علامات استفهام عديدة حول الأهداف الحقيقية من إثارته في هذا التوقيت".

وتابعت: "أمام ما تقدم يجب أن نعي أن ما يحاك من مؤامرة على أونروا يوجب علينا نحن الفلسطينيين أن نكون أكثر إيجابية مما نحن عليه اليوم؛ وأن نساهم في دعم أونروا من خلال مؤسسات المجتمع المدني في كل مخيمات اللجوء بإسناد الوكالة والدفاع عنها بصفتها الحامي الأساسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين..".

توقيت حرج

في حين قال عضو دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية عبد الحميد حمد، "إن ما يعنينا كفلسطينيين هو مدى التزام الوكالة بمعايير السلامة المهنية في خدمة اللاجئين وفق التفويض الممنوح لها من الأمم المتحدة، وأن تستمر بتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين".

وأضاف حمد في تصريح لصحيفة "فلسطين" الصادرة من غزة: "عندما يشوب الأونروا بعض المسلكيات الإدارية والمالية عليها أن تتخذ إجراءات لحماية حقوق اللاجئين".

وتابع: "يجب أن نكون حذرين في التعاطي مع هذه التقارير في هذا التوقيت الحرج، في ظل مصلحة الاحتلال الإسرائيلي للنيل من سمعة الوكالة وإنهاء دورها وتحويل قضية اللاجئين للدول العربية المضيفة".

ونبه حمد إلى ضرورة الحذر من محاولة تصفية وتشويه صورة الوكالة، وسط محاولات أمريكية عديدة للنيل من الأونروا بدأت في وقف التمويل.

وأكد حمد ضرورة عدم تشويه صورة "أونروا" أمام الرأي العام الدولي، في ظل محاولات تصفيتها ولصق لها تهم تتعلق بعدم تنفيذ أجندات دولية في ظرف سياسي حساس.

كذلك أعرب المؤتمر العام لاتحادات الموظفين العاملين في أونروا، عن سخطه من الهجوم الشديد الذي تتعرض له المؤسسة، والهادف إلى حرف الأنظار عن مهمتها الأساسية، وهي تقديم خدمات التعليم والصحة والإغاثة والتشغيل للاجئين الفلسطينيين.

وجاء في بيانٍ صادر عن المؤتمر أنّ "ممثلي الموظفين قلقون جدًا بسبب المخاطر التي يمكن أن تضر بسمعة أونروا ودورها المحوري الإنساني في خدمة اللاجئين الفلسطينيين، بسبب نشر وثائق تتعلق بتحقيق داخلي مع بعض كبار المسؤولين فيها. وبغض النظر عن ما يجري، نؤكد على ضرورة استمرارية عمل الأونروا والقيام بأنشطتها بشكل كامل".

وشدد المؤتمر على دعمه "جميع الإجراءات والتحقيقات التي تجري تحت مظلة الأمم المتحدة، كونها الوسيلة الصحيحة والرسمية لإثبات الحقائق".

سياق طبيعي

وبالعودة إلى هويدي فقد قلّل في الوقت ذاته من أهمية قرار سويسرا وهولندا تجميد مساعداتهما مؤقتًا، معتبرًا أنه يأتي في السياق الطبيعي أن تتخذ دول أخرى إجراءات مماثلة بانتظار نتائج التحقيقات النهائية في مزاعم الفساد.

وأضاف هويدي: "حتى الآن لا تأثير على طبيعة الخدمات التي تقدم للوكالة نتيجة قرار الدولتين، وهو ليس موقف معاد للوكالة وهو تعليق للدعم المالي وليس وقف".

وتابع: "تدرك الإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي بأنه ليس من السهولة أبداً إلغاء قرار إنشاء الوكالة رقم 302 وهو أمر أشبه بمستحيل أو على الأقل غير متاح في الظروف والمعطيات الراهنة وموازين القوى الدولية، وهو الحق الذي تمتلكه حصراً الجمعية العامة لا سواها".

التحقيق مستمر

في المقابل، قال فرحان حق، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن التحقيق ما زال جاريا فيما يتعلق بالادعاءات الواردة في تقرير وكالة الصحافة الفرنسية حول تورط  كبار المسؤولين في "أونروا" بانتهاكات للسلطة.

جاء ذلك ردا على أحد أسئلة الصحفيين في المؤتمر الصحفي اليومي حول ما إذا كان أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مازال يثق بالمفوض العام لـ"أونروا"، بيير كرينبول، بحسب ما ورد عبر موقع الأمم المتحدة.

وقال فرحان حق: "في هذه المسألة، النقطة الأساسية هي أن التحقيق في الادعاء الوارد في المقال الذي ذكرته للتو ما زال جارٍ. إلى أن يتم الانتهاء من هذا التحقيق، فإن الأمين العام ليس في وضع يسمح له بالإدلاء بأي تعليق إضافي حول هذا الأمر. كما أظهر الأمين العام في الماضي، فإنه ملتزم بالعمل بسرعة عند استلام التقرير الكامل".

وحول ما إذا كان يشعر بالقلق إزاء بعض الادعاءات الواردة في التقرير، أو إن كان يعتقد أن هناك شيئا فاسدا في أونروا خاصة بعد تنحي ثلاثة من كبار المسؤولين في الأونروا من مناصبهم في الشهر الماضي، أضاف فرحان حق، أنه "ليس لدى الأمم المتحدة أي تعليق آخر حتى يتم الانتهاء من التحقيق". لذلك فهو غير مستعد في هذه المرحلة لإجراء تقييم للادعاءات التي تم تقديمها.

وتقدم وكالة أونروا خدماتها لأكثر من 5.4 مليون لاجئ فلسطيني في الضفة الغربية بما في ذلك شرقي القدس، وغزة وسوريا والأردن ولبنان.

وفي 2018، أوقفت واشنطن أيضا دعمها المالي للأونروا المقدر سنوياً بـ 360 مليون دولار، بعد تقديمها مبلغ 60 مليوناً مطلع العام ذاته.

رابط مختصر : http://bit.ly/331FLaN