طبيب فلسطيني في قلب المعركة ضد "كورونا" بإيطاليا المنكوبة

طبيب فلسطيني في قلب المعركة ضد

الطبيب الفلسطيني طلال صوفان-وفا

في غرفة العناية المشددة في مستشفى "القديس ماركو" في مدينة "بيرغامو" الايطالية في إقليم لومبارديا شمال إيطالي، يقضي الطبيب الفلسطيني طلال صوفان ساعات عدة من يومه بين ست حالات صعبة مصابة بفيروس "كورونا" المستجد.

"بيرغامو" سجّلت عددا كبيرا من الوفيات والإصابات بالفيروس الفتاك، في ظل ضغط مكثف على مستشفيات المدينة والأطباء العاملين فيها، الذين لم يعد باستطاعتهم إحصاء الحالات التي يتعاملون معها يوميا.

"في كل مرة أرى فيها مريضا وحده بعيدا عن عائلته وأسمعه يتوسل اليّ لإنقاذه تدمع عيناي رغما عني،" يقول الطبيب صوفان.

ويضيف لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا": "من يقضي عمرا بين أحبابه، وتخونه أيام حياته الأخيرة وحيدا وبعيدا عن عائلته، يتمنى رؤيتهم قبل الرحيل الأبدي... إنه الرحيل ما قبل الرحيل فعلا في تلك المدينة المنكوبة بالكورونا".

أيام صعبة

الطبيب صوفان، المختص بالانعاش والتخدير، يعمل في ذات المستشفى منذ ثلاثين عاما، يمرّ في أصعب وأخطر أيام حياته المهنية والشخصية على الإطلاق خلال هذه الفترة.

ويقول: "المواقف الإنسانية التي نمرّ بها تجعلك تأخذ حذرك وتفكر كثيرا، وتتخذ سبل الوقاية في كل حركة خوفا على من تحبهم، أكثر من خوفك على نفسك".

وفي قسم العناية المشددة، يرقد المرضى الذين يعانون من عجز في التنفس نتيجة للفيروس، ويحتاجون إلى أجهزة تنفس صناعي، ونسبة مفارقتهم للحياة توفق الـ50%، بحسب صوفان.

وجرى تحويل مستشفى "القديس ماركو" إلى مركز خاص لاستقبال المصابين بـ"كورونا"، منذ بداية تفشي الوباء في المدينة بشكل خاص، وإيطاليا بشكل عام. وأغلقت كافة الأقسام التي كانت تستقبل المرضى الآخرين.

ويعزو صوفان الأعداد الكبيرة للمصابين الى "عدم أخذ الحكومة الايطالية والشعب الايطالي ذلك على محمل الجد في البداية والاستهتار، لذا وجدنا أنفسنا نقع في عش كورونا ولا مفر من الهروب".

وفي أول عشرة أيام من انتشار الفيروس كانت هناك وسائل حماية بسيطة كما يقول صوفان، لكن وعندما تأزم الوضع بدأت الحكومة بتوعية المواطنين الذين التزموا بدورهم بالحجر خوفا على حياتهم.

أما عن سبب عدد الوفيات الكبير فهو أن الشعب الايطالي لديه عدد كبير من كبار السن، وهم من يموتون بسبب كورونا.

وحتى مساء الإثنين، اعلنت السلطات الإيطالية تسجيل 636 حالة وفاة جديدة، ليرتفع بذلك اجمالي عدد الوفيات في البلاد إثر الإصابة بفيروس كورونا المستجد إلى 16523 ضحية.

نصائح للفلسطينيين

ويوجه صوفان رسالة للشعب الفلسطيني بضرورة الالتزام بالعزل المنزلي، "فلا دواء لكورونا ولا وقاية الا بالعزل المنزلي".

وناشدهم قائلا: "عليكم التخلي عن العلاقات الاجتماعية تماما هذه الفترة، وذلك لحماية أنفسكم وأحبابكم. اتركوا العواطف جانبا وابتعدوا عن آبائكم وأجدادكم لمصلحتهم".

واعتبر صوفان من لا يأخذون الاحتياطات اللازمة وسبل الوقاية، في حال نقلوا العدوى لأحدهم وتوفي، بأنه "جريمة قتل".

ويشدد "لا تكرروا خطأ ايطاليا وجاراتها من الدول الأوروبية...أرجوكم".

وأوصى صوفان الطواقم الطبية الفلسطينية بالاستعداد جيدا في حال أصبحت هناك اصابات تحتاج الى عناية مشددة، فأكثر ما يحتاجون له: أخصائيو تخدير وانعاش، وممرضون مدربون على أجهزة التنفس، اضافة الى الأوكسجين وأدوية للتخدير، وبالتأكيد الكثير من وسائل الحماية والوقاية.

ويقول: "رغم أن ايطاليا التي تحوي عدد أسرّة عاليا داخل عدد كبير من المستشفيات الا أنها تقف حاليا عاجزة عن استقبال المزيد من المرضى، وتستقبل الأعمار الأقل من سبعين عاما فقط، وربما نكون بذلك أشرارا، لكننا نعطي فرصة لأولئك الأصغر سناً لتلقي العلاج اللازم لأن فرصهم بالحياة أكبر".

ولفت صوفان إلى أن الأسبوع الأخير شهد انخفاضا في أعداد المصابين بعد الالتزام بالعزل المنزلي، وتوجيهات الحكومة ووزارة الصحة الايطالية، و"الوعي الذي جاء متأخرا" بخطورة هذا الوباء.

ويتابع: "علينا الحذر أيضا بعد العودة لحياتنا الطبيعية، وانحسار الفيروس لكي لا نعود الى ذات النقطة في كل مرة".

ويعود الطبيب بعد حمل ثقيل من الألم الجسدي والنفسي في كل يوم الى عائلته بعد أن يأخذ كافة الاحتياطات اللازمة لحماية نفسه وأفراد أسرته السبعة داخل المنزل، لكنه يفضل ألا يزور أحدا ولا يلتقي بأحد حتى ابنته المتزوجة التي تسكن على بعد خمس دقائق من منزله، كما يقول.

المصدر/ وكالة وفا

رابط مختصر : http://bit.ly/2wkEuAc