منظمة حقوقية: تصاعد خطاب التحريض ضد حراك اللاجئين في لبنان

منظمة حقوقية: تصاعد خطاب التحريض ضد حراك اللاجئين في لبنان

من تظاهرات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان (أ ب)

رصدت منظمة حقوقية ناشطة في لبنان، ما أسمتها تصاعد محاولات تقويض حراك اللاجئين الفلسطينيين المتواصل في المخيمات منذ منتصف الشهر الماضي، مع زيادة في حدة التحريض العنصري وخطاب الكراهية، من قبل أفراد وممثلي أحزاب ووسائل إعلام ومرجعيات دينية في لبنان.

وأكدت المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان "حقوق"، أن المحتجين على إجراءات وزارة العمل اللبنانية، التي طالت اللاجئين الفلسطينيين، جوبهوا بمواقف سياسية من قبل بعض الأحزاب اللبنانية، تُحمّل المطالب التي توجهوا بها إلى الوزارة أكثر مما تحتمل من تهم بالاصطفاف إلى جانب فئة سياسية ضد أخرى.

وأضافت "حقوق" في بيان صحفي، الإثنين، أنه على الرغم من محاولة بعض التنظيمات الفلسطينية وحلفاء لبنانيين ووسائل إعلام أخذ الاحتجاجات بهذا الاتجاه، لكن الشباب المنخرطين في تلك الحراكات لم ينجروا بهذا الاتجاه، ولم يسمحوا بمصادرة دورهم الريادي في قيادة الاحتجاجات.

وشددت على أن تركيز المحتجين على ضرورة وقف إجراءات وزارة العمل، "إنما نابع من الشعور بأنها تطاول لقمة عيشهم اليومية، وجل ما أرادوه هو العيش بكرامة من خلال تنظيم تطبيق القوانين أخذًا بالاعتبار البعد الإنساني لوجودهم كلاجئين مولودين ومقيمين في لبنان وليسوا أجانب وافدين اليه، ومن ثم الانتقال إلى طلب تعديل كل القوانين المجحفة بحقهم".

وذكرت "حقوق"، أن شباب الحراكات نجحوا في تحييد تأثير الفصائل الفلسطينية والأحزاب والتنظيمات اللبنانية ووسائل الإعلام التي أيدتهم لكن عملت على تشويه توجهاتهم عبر تشويه سياسي لها، وسعت جاهدة إلى ترويج فكرة أن الحراكات موجهة ضد فئة سياسية بعينها.

وأبدت أسفها بأن ذلك لم يكن كافيًا من قبل بعض "كارهي" اللاجئين الفلسطينيين، فتحولت السهام نحو استعادة التعبيرات العنصرية العائدة إلى مرحلة الحرب الأهلية اللبنانية، ولتسعير خطاب الكراهية المرافق لتلك التعبيرات، وأخذ أصحاب هذا النهج من السلاح الفلسطيني ذريعة لخطابهم العنصري، بحسب البيان.

إجراءات مناقضة

وأضافت أنه في المقابل أكد الشباب مواصلة حراكهم المطلبي بشكل أكثر تأثيرًا، عبر طرح فكرة تنظيم مسيرة عودة -إلى ديارهم في فلسطين التاريخية-، ووضع خطة عملية للتنفيذ، حددوا بموجبها نقطة الناقورة الحدودية، حيث المقر الرئيسي لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونفيل)، وجهتها، كي لا تنتهي مثل مسيرات تم تنظيمها من قبل قوى سياسية وقفت عند نقاط حدودية أخرى، تم تنفيس الاحتقان فيها، عبر رشق حجارة، وتجييرها سياسيًا.

وأشارت إلى أنه فيما كان من المفترض أن تُدعم مثل هذه الفكرة، جاءت الإجراءات مناقضة، إذ حظر مجلس الأمن الفرعي في الجنوب (الذي اجتمع بتاريخ 25/7/2019 عقب الإعلان عن المسيرة) التجمعات أو المظاهرات أو المسيرات في الجنوب مهما كان نوعها من دون الحصول على ترخيص مسبق (وهو أمر من شبه المستحيل تحقيقه)، تزامن ذلك أيضاً مع عراضات مسلحة فصائلية فلسطينية لتقويض الاعتصام عشية الموعد الأول المعلن للمسيرة، وأعقبها استنفار على كافة مداخل مخيم عين الحلوة ومخارجه فجراً، كان ظاهره منع تجدد الاعتصام وباطنه الحيلولة دون خروج المسيرة، كما ورد في بيان المنظمة الحقوقية.

وأشارت إلى أنه بعد أن حُدد موعد ثان للمسيرة، جاء الحادث الأمني بتاريخ 2/8/2019 الذي قتل خلاله الشاب حسين علاء الدين، ثم عملية قتل قاتله فجر اليوم المحدد للمسيرة (الأحد 4/8/2019) وهو اليوم الذي حدد فيه أصلا تشييع الشاب علاء الدين.

وذكرت أن هذا الحادث الأمني، الذي سبقه عمليات ترهيب من خلال بث شائعات عن إمكانية أن تستغل المسيرات وتتسبب في وقوع خلل أمني، تسبب في خفض وتيرة الاعتصامات داخل عين الحلوة وخفض صوت المطالبين بمسيرة العودة، فانتقل البعض إلى شكل آخر، تمثل بتحرك جماعي باتجاه السفارات الغربية لطلب الهجرة.

وتابعت أن السلاح الذي يستعمله البعض ذريعة ليس سلاحًا فلسطينيًا بالمعنى الحقيقي للكلمة، وقد أكدت منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بلسان رئيسها مراراً وتكراراً أنها مع تسليمه لكنها لم تلق تجاوباً من قبل الجهات الرسمية اللبنانية، كما جرت تفاهمات ومحاولات لتسليمه منذ أوائل التسعينات لكنها أُفشلت لبنانياً وفلسطينياً وإقليميًا.

علامات استفهام

ونوهت إلى أن هناك علامات استفهام حول عودة قواعد عسكرية خارج المخيمات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كيف أعيد تسليم موقع مثل موقع الناعمة (الانفاق)، وهو موقع كان الجيش اللبناني قد وضع يده عليه عقب انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من بيروت ومحيطها باتجاه جسر الأولي؟ ولماذا بقيت من بين كل المواقع التي سلمتها الفصائل الفلسطينية مواقع في الناعمة وقوسايا وينطا وحلوة بعد مباشرة تنفيذ اتفاق الطائف؟

أمّا الفصائل الفلسطينية، "التي تُمثل سلطة أمر واقع داخل المخيمات"، كما تقول "حقوق"، فقد استشعرت الخطر الناشئ عن خروج مجتمع اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً الفئة الشابة، عن قدرتها على السيطرة. ومع إدراكها صعوبة تصدر الاحتجاجات المطلبية، سعت إلى تدجينها، لكن من دون أن تُقدم على إنهاء الاحتجاجات، وقبلت مجبرة بمشاركة الشباب في قرار تنظيم الاحتجاجات.

"لكن الخطير في الأمر"، كما جاء في بيان "حقوق"، "عودة البعض إلى خطاب التخوين ضد فئة من الشباب ارتأت التوجه إلى مخاطبة السفارات الغربية، بدءاً من السفارة الكندية، لطلب الهجرة بشكل جماعي".

وأكدت "حقوق" حق أي فرد أو مجموعة في تقرير مصيره ومسار حياته وعن التعبير عن وجهة نظره والتماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتُّع به خلاصاً من الاضطهاد، وهي حقوق مشروعة تكفلها الشرعة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

ورأت أن توجيه تهم الخيانة لفئة تعبر عن مطالبها بالطرق السلمية والمشروعة، إنما يُعتبر تهويلاً وترهيباً وقمعاً وتهديداً للحريات والحياة و والأمان الشخصي، وتتحمل مسؤولية نتائجه الجهات المطلقة لتلك الخطابات والبيانات، والدولة المضيفة صاحبة السيادة التي يقع على عاتقها حماية كافة الأفراد المقيمين على أرضها.

ورأت أن النظرة للأمور أو قراءتها بعقلية المؤامرة لم تعد مجدية، وأن المطالبة الشبابية بالهجرة ليست وليدة ساعتها وهي نتيجة للتهميش والعزل والحرمان من الحقوق والاضطهاد العائد لعدة عقود، يعيشها اللاجئون في الدول المضيفة، إضافة إلى الانقسامات والتشرذمات والضياع الداخلي الذي يعيشه الفلسطينيون، مشددة على "أن المعالجة تكون بمراجعة حثيثة ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه، بداية من إعادة ترتيب بيتنا الداخلي وليس بشيطنة الآخر والتهكم عليه واتهامه بالخيانة والكذب وتأويله ما لم يقله".

وختمت بالتأكيد على "أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع بما في ذلك المجتمع الدولي، وبالتالي عليهم مسؤولية أخلاقية وإنسانية وقانونية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، كما أكدت أن مقاربة وضع اللجوء الفلسطيني (الأقدم في العصر الحديث)، يجب أن تكون تنموية مستدامة مبنية على النهج القائم على حقوق الإنسان، من شأنها أن ترفع من كفاءة اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما الفئة الشابة منهم، لكي يكونوا عناصر فاعلة منتجة في أي مجتمع يتواجدون فيه أو يحلون فيه".

رابط مختصر : http://bit.ly/2Zg4oBM