هجمات سياسية وأزمات تمويلية واتهامات بالمحسوبية.. ما مصير أونروا؟

هجمات سياسية وأزمات تمويلية واتهامات بالمحسوبية.. ما مصير أونروا؟

وكالة أونروا تواجه عجزًا ماليًا أثر على خدماتها المقدمة للاجئين-صورة أرشيفية

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، منذ سنوات، أزمات تمويلية وهجمات سياسية واتهامات بالفساد، قادتها الولايات المتحدة.

هذا الوضع يعتقد الفلسطينيون أنه يهدف إلى إنهاء دور الوكالة الأممية، التي تخدم قرابة 5.3 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الضفة الغربية، قطاع غزة، الأردن، سوريا، لبنان.

وتأسست الوكالة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لقضيتهم.

تقرير الأخلاقيات

أحدث الأزمات واجهتها (أونروا)، في 30 يوليو/ تموز الماضي؛ حيث صدر تقرير عن مكتب الأخلاقيات في الوكالة يتهم أعضاء في إدارتها العليا بإساءة استغلال سلطتهم، وسط ممارسات تشمل المحسوبية والتمييز وسوء السلوك الجنسي.

ويرى فلسطينيون أن ذلك التقرير يخدم رؤية كل من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإسرائيل الساعية إلى تصفية القضية الفلسطينية، وخاصة ملف اللاجئين الفلسطينيين، وإغلاق أبواب "أونروا" باعتبارها الشاهد الدولي على قضية اللاجئين، الذين هجرتهم العصابات الصهيونية من قراهم ومدنهم عامي 1948 و1949.

وفي اليوم التالي لنشر التقرير، قررت هولندا تعليق مساهمتها المالية للوكالة، واتخذت سويسرا خطوة مماثلة.

وتبلغ مساهمة هولندا، رابع أكبر مانح أوروبي للوكالة، 13 مليون يورو (نحو 14.35 مليون دولار) لعام 2019، فيما دفعت سويسرا حوالي 20 مليون دولار كمساهمات للعام الحالي.

ولا تخفي واشنطن وتل أبيب رغبتهما في إلغاء الوكالة الأممية.

وأوقفت واشنطن، التي كانت الداعم الأكبر لـ"أونروا"، كامل دعمها للوكالة، والبالغ نحو 360 مليون دولار؛ مما تسبب بأزمة كبيرة للوكالة.

ونقلًا عن مصادر أمريكية منتصف العام الماضي، ذكرت وسائل إعلام أمريكية، منها شبكة "سي إن إن" وصحيفة "واشنطن بوست"، أن إدارة ترامب تريد تقليل أعداد الفلسطينيين الذين يعتبرون لاجئين، والتركيز على نحو 700 ألف فقط.

ويقول الفلسطينيون إن سياسات ترامب تجاه اللاجئين تتسق مع خطة التسوية المرتقبة للشرق الأوسط، تُعرف إعلاميًا بـ"صفقة القرن".

فتح باب الهجرة

ولا يستبعد عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بالضفة الغربية، أن تنجح واشنطن في إنهاء عمل "أونروا" أو إدخالها في أزمة مالية لا تستطيع علاجها، عبر الضغط على دول العالم، التي لطالما استجابت للمطالب الأمريكية، لوقف تمويلها للوكالة الأممية.

وأضاف قاسم لوكالة أنباء الأناضول، أن "واشنطن ستضغط أيضًا على بعض الدول لفتح باب الهجرة للفلسطينيين، مثل كندا والسويد وأستراليا، لتفريغ المخيمات الفلسطينية من الشباب، تمهيدًا لتفكيكها بعد سنوات قليلة".

وتابع: "واشنطن تملك قوة عسكرية واقتصادية هائلة، وتستطيع أن تؤذي دولًا عديدة، بما فيها روسيا والصين، ولا أستبعد مطلقًا أن تنجح في الضغط على معظم دول العالم، وخاصة أوروبا، لوقف تمويل (أونروا)".

رغم ذلك، شدد قاسم على أن "إدارة ترامب لن تنجح مطلقًا في إنهاء قضية اللاجئين، وعلى العكس ستخلف محاولاتها تداعيات تحول القضية إلى ملف عالمي".

وشدد على أن "محاولات ترامب إنهاء عمل أونروا وإلغاء حق العودة ستشكل تهديدًا أمنيًا لإسرائيل خلال الفترة المقبلة؛ فالمساس بذلك الحق، وهو من الثوابت الفلسطينية، وسيشعل ثورة عارمة".

خطورة أمنية

قال ناهض زقوت، مدير عام مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق (تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية) إن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان بقوة وبسرعة لإلغاء "أونروا"، الشاهد الحي على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.

ورأي زقوت أن إسرائيل نجحت، عبر اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، بالضغط على إدارة ترامب للعمل على إلغاء أونروا، وهو ما اتضح بوقف واشنطن دعمها للوكالة الأممية، ومحاولات تشويه سمعتها عبر اتهامها بالفساد".

وزاد بأن "الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان إلغاء أونروا؛ لأنها تلعب دورًا أساسيًا ومركزيًا في حياة اللاجئين الفلسطينيين، بما توفره لهم من خدمات تعليمية وصحية وإغاثية تحد من معاناتهم".

واستطرد: "الوكالة الأممية أصبحت الشاهد الحي على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما يتعارض مع الرؤية الإسرائيلية والأمريكية التي تسعى إلى دمج اللاجئين وتوطينهم في المحيط الإقليمي أو الدولي".

وحول التداعيات المحتملة لإلغاء "أونروا"، قال زقوت: "إذا توقفت خدمات الوكالة لن يستطع اللاجئون إطعام وعلاج وتعليم أطفالهم".

وتوقع أن "تزداد معدلات الجريمة، لتوفير لقمة العيش، مما يشكل خطورة أمنية داخل المجتمعات المستضيفة للاجئين".

ورأى أن "قطاع غزة سيكون أكثر المناطق تأثرًا بإلغاء أو تعطيل أونروا؛ فسكانه أصلًا يواجهون ظروفًا معيشية وإنسانية صعبة".

ويمثل اللاجئون نحو 70 بالمئة من عدد سكان قطاع غزة، البالغ أكثر من مليوني نسمة، والذي تحاصره قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2006م، برا وبحرا وجوا.

وحذر معين أبو عوكل، رئيس اللجان الشعبية للاجئين الفلسطينيين من أن "عواقب إنسانية خطيرة ستصيب اللاجئين في حال توقفت أونروا".

واستدرك أبو عوكل إن "استمرار عمل أونروا يساهم في تجنب وصول اللاجئين لحالة من المجاعة، ويدعم السلام والاستقرار".

ودعا إلى استمرار دعم الوكالة الأممية حتى تواصل تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، إلى حين عودتهم إلى مدنهم وقراهم التي هُجروا منها.

وحث المجتمع الدولي والدول العربية على العمل لتوفير التمويل اللازم، وبشكل دائم، للوكالة حتى تتجاوز عجزها المالي.

وأعلن كرهنيبول، خلال مؤتمر صحفي في 27 أغسطس/آب الجاري، أن "خدمات أونروا كانت معرضة للخطر، خاصة عندما أوقفت الولايات المتحدة، عام 2018، دعمها المالي المقدر بـ360 مليون دولار".

وشدد على أن الوكالة الأممية عملت على تحشيد الدعم المالي، وتمكنت من الحفاظ على خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين، لكنها ما تزال تعاني من عجز بقيمة 150 مليون دولار.

ولفت كرهنيبول إلى أن "أونروا" واجهت، في الفترة الماضية، تحديات سياسية تتعلق بتعريف اللاجئ وعدد اللاجئين الفلسطينيين.

رابط مختصر : http://bit.ly/2NHhsd6