باحث يدعو إلى استنهاض طاقات 600 ألف فلسطيني بأمريكا الجنوبية

باحث يدعو إلى استنهاض طاقات 600 ألف فلسطيني بأمريكا الجنوبية

مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات محسن صالح-صورة أرشيفية

دعا باحث فلسطيني إلى استنهاض ما وصفها بـ"الإمكانات الهائلة" لأكثر من 600 ألف فلسطيني في أمريكا الجنوبية، و"المغيبة على مدى الـ26 عامًا الماضية، وتحديدًا منذ اتفاقات أوسلو 1993"، الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.

وقال مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، الدكتور محسن صالح: "إن النجاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية التي حققها الفلسطينيون في أمريكا الجنوبية، يمكن أن تتحول إلى نجاحات رائعة لقضية فلسطين وعدالتها على المستوى الدولي، لو أُعطيت ما تستحقه من اهتمام".

وأضاف صالح في مقال نُشر على موقع قناة "تي أر تي" التركية الناطقة العربية: "إن تجمعات فلسطينية كبيرة في نحو 14 بلدًا، تنبض بحب فلسطين، وتزخر بالإمكانات. منهم وزراء ونواب برلمان وأصحاب نفوذ وأثرياء ورجال تجارة وصناعة وزراعة".

وتابع صالح في مقاله، الذي اقتبس مركز العودة الفلسطيني مقتطفات منه، أنه "يمكن لجهد مخلص، ولو متواضع، أن يشكل علامة فارقة وقفزة نوعية، في دعم قضية فلسطين في أمريكا الجنوبية، وعلى المستوى الدولي. لكن يبدو أن قيادة منظمة التحرير والسلطة (في رام الله) لا تعمل، ولا تريد لغيرها أن يعمل!"، كما قال.

وتشير تقديرات إلى وجود 300 ألف من أصول فلسطينية في تشيلي، ونحو 100 ألف في السلفادور، ونحو 80-70 ألفًا في هندوراس و50 ألفًا في البرازيل، بالإضافة إلى جاليات مهمة في الأرجنتين وبيرو ونيكاراجوا وكولومبيا وجواتيمالا وغيرها، بحسب صالح.

وذكر أن معظم الفلسطينيين هناك من أبناء مناطق بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور بالضفة الغربية المحتلة.

حضور لافت

ونوه إلى أن الفلسطينيين خصوصًا في تشيلي يتمتعون بأوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية متقدمة، ولهم تأثير مهم في الحياة العامة، مستندًا إلى تقديرات تفيد بوجود نحو 600 مليونير من أصول فلسطينية في البرازيل وتشيلي.

وتابع صالح في مقاله: "عندما تسير في شوارع تشيلي تجد رائحة فلسطين وطعمها في أماكن كثيرة، وتجد النادي الفلسطيني أحد أبرز المؤسسات الفلسطينية في أمريكا الجنوبية، وتجد نادي (بالستينو) الرياضي أحد أبرز أندية كرة القدم في تشيلي".

ونوه إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت من أوائل المنظمات التي نشطت في أمريكا الجنوبية. وفي 1975 افتتحت منظمة التحرير الفلسطينية أول مكاتبها في البرازيل، ثم في كوبا 1976 ثم في تشيلي 1979.

وتابع أن منظمة التحرير "رعت إنشاء الكونفدرالية الفلسطينية في أمريكا اللاتينية والكاريبي "كوبلاك COPLAC"، وعُقدت ثلاثة مؤتمرات في 1984 و1987 و1993. ثم دخل نشاط المنظمة (كباقي أنشطتها ومؤسساتها) في "موت سريري"، وتزايد تجاهل فلسطينيي الخارج وإهمالهم، كما تصاعدت في المقابل حالة الإحباط والانزعاج من المنظمة وقيادتها"، وفق تعبيره.

وأشار إلى أنه "منذ نحو ثلاثة أعوام تحرك عدد من زعماء الجاليات في أمريكا الجنوبية لإعادة الحيوية إلى النشاط الفلسطيني، بعد أن يئسوا من طول سبات الجهات المسؤولة في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وضعفها ولا مبالاتها. وتمكنوا من عقد اجتماع شاركت فيه 14 جهة تمثل مرجعيات الجاليات، في سانتياغو في تشيلي، في الفترة من 6 إلى 8 يناير/كانون ثاني 2017".

وإثر ذلك، يقول صالح "قامت دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير من سباتها العميق، لتحاول الإمساك بالزمام من جديد. ولأن فلسطينيي أمريكا الجنوبية كانوا منفتحين على الكل الوطني ويرغبون في خدمة وطنهم وشعبهم وقضيتهم، بعيداً عن الفصائلية والحزبية والانقسام؛ فقد تعاونوا مع الجهات المعنية في المنظمة والسلطة. غير أن قيادة السلطة المسكونة بعقدة الهيمنة لم ترغب في مسار ديموقراطي حقيقي شفاف لانتخابات الجاليات، ولا بعقد مؤتمر الكوبلاك على أسس تمثيلية صحيحة، فأدارت ظهرها للتفاهمات مع الجهات الناشطة في الجاليات".

"إهمال ولا مبالاة"

وذكر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصدر في 24 أيار/مايو 2017 مرسومًا يُلحق فيه شؤون المغتربين في منظمة التحرير بوزارة خارجية السلطة، وهو ما شكّل تراجعاً في العمل الفلسطيني لأن السلطة محكومة ببيئة الاحتلال وهيمنته، بينما يفترض أن منظمة التحرير أقدر على تمثيل الفلسطينيين في الداخل والخارج، وفق تقديره.

وأضاف "وزاد الأمر سوءًا أن القائمين على الكوبلاك (كما تحدث أمينه العام حنا صافيه) فوجئوا باتصال رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني يطلب منهم الوقوف مع الخط السياسي للمنظمة، والوقوف ضد حماس. هذه الاختلافات أدت إلى تعطيل المؤتمر وتأجيله، إذ قال صافيه إن (المستوى الخطير للتدخل في شؤوننا كان أكثر من أن يحتمل)".

ومضى مدير مركز الزيتونة يقول: "يبدو أن الخوف من الانتخابات الديموقراطية، ومن حماس، ومن بروز معارضين لأوسلو في قيادة الجاليات، دفع السلطة إلى تعيين ممثلي الجاليات تعسفيًا وفقاً لقاعدة الولاء. وهو ما دفع القيادات الفاعلة للجاليات إلى التداعي لعقد المؤتمر التأسيسي الأول للجاليات في أمريكا اللاتينية والكاريبي في يونيو/حزيران 2019 في سان سلفادور بالسلفادور؛ إذ أعلنوا عن تأسيس الاتحاد الفلسطيني في أمريكا اللاتينية "أوبال" لتمثيل الجاليات الفلسطينية".

ونوه إلى أن هذا الاتحاد قدّم خطاباً وطنياً متزناً، متناسباً مع البيئة السياسية هناك، فأكد الوحدة الوطنية، ورفض الانقسام والاعتراف بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً، وشدد على الثوابت الفلسطينية، وطالب بالخروج من اتفاقات أوسلو، وأكد حقّ العودة، ودعم المقاومة على أسس القانون الدولي.

وتابع أن قيادة المنظمة والسلطة لم ترحبان بإنشاء "أوبال"، بل قامتا بحملة شعواء ضده، واتهمتا دائرة شؤون المغتربين المؤتمر بأنه "محاولة انشقاقية". أما وزارة خارجية السلطة فوصفت القائمين على المؤتمر بأنهم حفنة من "المدّعين"، كما استخدمت أوصاف "المندسين" و"العملاء المأجورين"، هذا على الرغم من أن المؤتمر لم يتعرض بالإساءة لأحد، وأكد على شرعية منظمة التحرير، وعلى الرغم من أن القائمين عليه يحظون بتمثيل مؤسساتي واسع ولهم دور وطني مشهود، وجاؤوا من11 بلداً.

وأفاد أن من بين الداعين إلى المؤتمر أربعة من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، ثلاثة منهم أصبحوا أعضاء في الهيئة الإدارية الجديدة المنتخبة بشكل ديموقراطي.

ويقول صالح: "كان ينبغي لقيادة المنظمة والسلطة بعد 26 عاماً من الإهمال واللا مبالاة أن تتحلى بحد أدنى من المسؤولية فتفسح المجال على الأقل لأن تقوم الجاليات الفلسطينية بتنظيم نفسها لا أن تستخدم استحواذها على (الشرعية) في احتكار (التعطيل)، ولا أن تستخدم المؤسسات الوطنية في إفراغ العمل الوطني من مضامينه".

رابط مختصر : http://bit.ly/2NQwg9f