رجل يمشي بين الأنقاض في مخيم اليرموك، 6 تشرين الأول 2018-(AP)
تواجه عشرات العائلات الفلسطينية بدمشق خطر التشرد وفقدان المسكن، بعد قرار الحكومة السورية إخلاء مراكز الإيواء المؤقتة في مدينة يلدا بضواحي دمشق الجنوبية، والتي تؤوي عددا كبيرا من أهالي "مخيم اليرموك".
ولم يعد أمام العائلات إلا خيار التوجه لمراكز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، للبحث عن توفير مساكن مؤقتة، رغم استحالة ذلك، بحسب مصادر "عربي21".
وفي التفاصيل، أكدت مصادر فلسطينية، قيام قوات الأمن التابعة للحكومة السورية ، بطرد العائلات المهجرة من مخيم اليرموك من مراكز الإيواء، مشيرة إلى قيام الأمن بالقوة بإخراج محتويات المراكز من الأثاث وغيره، إلى الأرصفة والطرقات.
ونقلت "مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا" عن ناشطين تأكيدهم أن عناصر الأمن ودوريات شرطة، أخلوا المدارس المخصصة للإيواء وطردت المهجرين منها.
وتتذرع السلطات بحاجتها إلى المدارس مع بداية العام الدراسي الجديد، في حين يقول الأهالي إنهم لا يعارضون إخلاء المراكز، شريطة السماح لهم بالعودة إلى "مخيم اليرموك".
"سوء نوايا"
ولا يشكل الدمار الحاصل في مخيم اليرموك وتضرر منازله، وفق الكاتب والصحفي الفلسطيني، أشرف سهلي المنحدر من المخيم عائقا أمام العودة، فبنظره أن "الأهالي يستطيعون العودة وإصلاح الضرر، في حال سمحت السلطات لهم بالعودة".
واعتبر في حديثه لـ"عربي21"، أن ما يجري "يؤكد سوء نوايا النظام، ويشكك كذلك في مصداقية الأنباء التي تشير إلى أن النظام بصدد إعادة دراسة المخطط التنظيمي الجديد لمخيم اليرموك"، وفق تعبيره.
وقال سهلي: "الواضح أن النظام يزيد من التضييق على الفلسطينيين من أهالي مخيم اليرموك، لدفعهم إلى مغادرة البلاد بشكل نهائي، فهو من جهة يسلبهم منازلهم ويمنعهم من العودة إليها، ومن جهة أخرى يقوم بطردهم من مراكز الإيواء المؤقتة، دون توفير مراكز بديلة، على الرغم من أن منازلهم لا تبعد سوى مسافات قليلة".
من جانب آخر، أشار الصحفي الفلسطيني، إلى مخطط إيراني يقوم على جعل الأحياء والضواحي الجنوبية لدمشق، بما فيها "مخيم اليرموك" مركزا للتجمع البشري الموالي لإيران، موضحًا أن "المنطقة هناك جنوب دمشق يراد لها أن تكون مركزا شيعيا ليس بالمعنى الديني فقط، بل التشيّع السياسي، على شاكلة ضاحية بيروت الجنوبية"، حسب تأكيده.
"تغيير ديموغرافي"
بدوره، وضع عضو "مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا"، الكاتب السياسي ماهر الشاويش، في حديثه لـ"عربي21"، المضايقات على أهالي مخيم اليرموك، في إطار التغيير الديموغرافي، وقال إن "النظام ينفذ هذا المخطط، ولن يتوقف، طالما لا يواجه الضغوط لمنع تنفيذه".
وفي الشأن ذاته، كشفت "مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا"، عن اجتماع عقدته اللجنة الفنية والقانونية لدراسة المخطط التنظيمي الجديد لمخيم اليرموك، الثلاثاء، مع محافظ دمشق التابع للنظام، والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، لبحث المخطط التنظيمي لمخيم اليرموك على ضوء قرار التريث بتنفيذ المخطط التنظيمي الجديد.
وتابعت، أنه لم يرشح عن الاجتماع أي معلومات وتفاصيل، إلا أن هناك أنباء تؤكد أنه تم الاتفاق على تحديد موعد آخر للاجتماع لاستكمال النقاش واتخاذ القرارات المناسبة.
وذكّرت المجموعة بمطالب أهالي مخيم اليرموك، محافظة دمشق والجهات السورية الرسمية والفصائل الفلسطينية في دمشق، بضرورة العمل على عودتهم إلى منازلهم وممتلكاتهم في المخيم، وإنهاء معاناتهم ومأساتهم المعيشية والاقتصادية.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، كان مجلس محافظة دمشق التابع للنظام، قد وافق على المخطط التنظيمي الجديد لمخيم اليرموك، والذي يتضمن هدم المخيم، وطرح أراضيه للمستثمرين وتجار العقارات، ما تسبب بموجة غضب واستنكار واسعة، واتهامات بمحاولات تغيير هوية المخيم وطمس ذاكرة سكانه.
لكن مصادر، كشفت عن تشكيل الحكومة السورية، في أواخر آب/أغسطس الماضي، لجنة برئاسة محافظة دمشق، بهدف دراسة الحلول المستقبلية لواقع المخيم، وذلك بعد اعتراضات ومطالبات من سكان المخيم، وسط تباين في قراءة الخطوة، بين قسم رأى فيها تراجعا من النظام تحت الضغط الشعبي، وآخر اعتبرها مناورة لكسب الوقت.
وفي منتصف العام 2018، تمكنت قوات الحكومة السورية من السيطرة على مخيم اليرموك، بعد معارك عنيفة مع "تنظيم الدولة"، انتهت باتفاق يقضي بخروج عناصر التنظيم إلى بادية محافظة السويداء المجاورة، فيما جرى تشريد معظم اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيه.
ويعتبر مخيم اليرموك من أكبر المخيمات الفلسطينية في الشتات، ويعد رمزا لـ"حق العودة"، غير أنه تعرض لتدمير أدى إلى تهجير كافة أبنائه، باستثناء عدد محدود من عائلات المقاتلين من الموالين للحكومة.
المصدر/ عربي 21