نازحو اليرموك يأملون صدق وعود الحكومة بعودتهم للمخيم

نازحو اليرموك يأملون صدق وعود الحكومة بعودتهم للمخيم

سيدة تقف أمام ركام منزلها المدمر في مخيم اليرموك، 2018-مخيم اليرموك نيوز

ألقى النزاع السوري بظلاله القاتمة على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي تعرض جزء كبير منه للتدمير ونزح الآلاف من سكانه، في حين عُد محاولة من الحكومة السورية لدفعهم للرحيل عن الأراضي السورية وتغيير معالم المخيم، ما جعلهم غير موقنين بمصداقية إعلان السلطات السماح لهم بالعودة إلى المخيم.

كان عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق، سمير جزائرلي، أعلن الاثنين الفائت أنه تقرر السماح بعودة سكان مخيم اليرموك إليه خلال أيام قليلة، لكنه وضع عدة شروط لهذه العودة.

اللاجئ الفلسطيني من مخيم اليرموك أبو محمد صلاح (رفض الكشف عن اسمه كاملًا خشية ملاحقة السلطات السورية له) بين أن المعاناة الكبرى في اليرموك كانت نتيجة الحصار والقصف الجوي والاشتباكات والقنص الذي كانوا يتعرضون له.

وقال: "في كثير من الأحيان كنا نتعرض للقصف بقذائف الهاون عند نقاط استلام المساعدات وسقط أكثر من ضحية في أثناء ذلك، وأحيانًا كان الشباب والنساء يعتقلون عند محاولتهم الاقتراب من منطقة توزيع المساعدات".

وأشار صلاح إلى أن الحياة داخل المخيم الذي كان يضج بالنشاط والحيوية تحولت إلى جحيم فأصبح غالبية سكانه مهاجرين داخل وخارج سوريا، "وحتى لو عدنا، فالمخيم لن يعود كما كان بعدما فقد الآلاف من أبنائه، أما الذين ظلوا في سوريا فيتمنون العودة إلى بيوتهم اليوم قبل الغد".

رغبة بالعودة

الباحث في شؤون فلسطينيي سوريا إبراهيم العلي أعرب عن أمله بأن يصدق الحكومة السورية هذه المرة في نيتها إعادة المهجرين إلى المخيم، "فقد سبق هذا الإعلان إعلانات أخرى مماثلة صدرت عن أعلى المستويات في الحكومة السورية، إلا أن الجهات التنفيذية ماطلت كثيرًا في التنفيذ، وأعطت الوقت الكافي لمن يسمون (العفيشة) الاستيلاء على أملاك اللاجئين وتخريب وتدمير ما لم ينَلْه القصف".

وأوضح أن منازل اللاجئين باتت خالية من الأثاث وتحتاج إلى إعادة تأهيل مجددًا بعد سرقة أسلاك الكهرباء وأنابيب المياه وخلع البلاط وسحب الحديد والنحاس وأي شيء قابل للبيع.

وبين العلي أن مخيم اليرموك تعرض لعدة عمليات تهجير، أولها وأكبرها وقع في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2012 بعد استهداف الطيران الحربي السوري لمسجد عبد القادر الحسيني، حيث غادر (80%) من السكان المخيم بعد هذه الضربة وفي إثر ودخول المعارضة السورية المسلحة إليه، ثم خضع من تبقى من السكان فيه لحصار دام لأكثر من خمس سنوات راح ضحيته أكثر من (200) فلسطيني نتيجة الجوع ونقص الرعاية الطبية.

وذكر أنه وخلال هذه الفترة استطاعت بعض العائلات الخروج من المخيم بطرق وأساليب متعددة نتيجة التعرض المتواصل للقصف والاشتباكات، مشيرًا إلى أن النظام أعلن في إبريل/ نيسان 2018 عن بدء معركة "تحرير المخيم" من المسلحين والتي انتهت في 22 مايو/ أيار من العام نفسه بتدمير أجزاء واسعة من المخيم وخروج من تبقى الأهالي.

وأشار العلي إلى أنه منذ المعارك العسكرية داخل المخيم لم تسمح الحكومة للأهالي بالعودة والإقامة في منازلهم حتى اللحظة، إنما فقط زيارة لساعات محددة بعد الحصول على موافقة أمنية.

وبين أن (230) ألف لاجئ سكنوا المخيم اليرموك قبيل الأزمة إلى جانب عشرات الآلاف من إخوانهم السوريين، وطالب الأهالي من عام 2011 بتحييد المخيم عن الصراع، إلا أن هذا الأمر لم يرُق لطرفي الصراع، وأقحم إلى قلب الأزمة بدخول المعارضة المسلحة إليه واستقرارها داخله الأمر الذي أعطى النظام ذريعة لاستهداف وقصف وحصار المخيم.

واستدرك العلي بالقول: "إلا أن سلوك النظام بعد خروج المسلحين من المخيم وعدم السماح للأهالي بالعودة إليه، وبدء مرحلة جديدة من مراحل استباحة الأملاك العامة والخاصة بما أصبح يعرف بعملية "التعفيش"، ومن ثم وضع مخطط تنظيمي جديد ينسف المخطط القديم ويغير الوضع العمراني والديموغرافي للمخيم بتحويله إلى حي من أحياء دمشق"، مشيرًا إلى أن كل تلك الممارسات تعني استهداف رمزية المخيم كأحد شواهد النكبة الفلسطينية المستمرة منذ 1948.
وعدّ اشتراطات النظام للعودة إلى المخيم ذر للرماد في العيون، موضحا أن شرط صلاحية البيت للسكن يعني خروج (60%) من مساحة المخيم، فهناك (20%) من المنازل دمرت بشكل كامل و(40%) جزئيًا، وعليه فإن الفرصة العودة متاحة لحوالي (40%) فقط. وعدّ شرط إثبات الملكية قد يتعثر بفقدان اللاجئ للأوراق الثبوتية التي تثبت حقه في ملكية المنزل لأسباب لها علاقة بالنزوح، لافتًا إلى أن الشرط الثالث بالحصول على موافقة أمنية للعودة "شرط فضفاض قد يحرم الآلاف من العودة إلى منازلهم لوجود علاقة لأحد أفراد العائلة على سبيل المثال بالمعارضة السورية".

ورغم ذلك يعتقد العلي أن الظروف التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني في سوريا لا سيما في اليرموك ودرعا وحندرات، من أزمات اقتصادية كبيرة، وارتفاع لنسب البطالة وفقدان غالبية اللاجئين أملاكهم ومنشآتهم الصناعية الصغيرة التي كانوا يكتسبون منها لقمة العيش، وارتفاع أجور المنازل المستمر، والعجز عن دفع الإيجار، "كل ذلك يجعل من أي خبر للعودة إلى المنازل بارقة أمل، فلسان حال اللاجئين يقول: مستعدون نرجع نسكن على التراب ونتحرر من ذل الإيجار".

ودعا العلي لإعادة النازحين إلى بيوتهم وإعادة الإعمار والبنية التحية للمخيم من مياه وكهرباء واتصالات وخدمات صحية واجتماعية، وتقديم التسهيلات اللازمة لذلك، مطالبًا الأونروا والحكومة السورية بتقديم الدعم المادي اللازم للاجئين وتمكينهم من إعادة تأهيل منازلهم.

المصدر/ فلسطين أون لاين

رابط مختصر : http://bit.ly/3nDNdDy