مجزرة صبرا وشاتيلا.. ذكرى أليمة تترافق مع ضغوطات تثقل كاهل اللاجئين في لبنان

مجزرة صبرا وشاتيلا.. ذكرى أليمة تترافق مع ضغوطات تثقل كاهل اللاجئين في لبنان

الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ37 لمجزرة صبرا وشاتيلا

 

توافق اليوم 16 أيلول/ سبتمبر الذكرى الـ37 لارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا، وقد شارك في تنفيذها جيش الاحتلال الإسرائيلي وقوات لبنانية حليفة خلال فترة الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. وقد راح ضحيتها بحسب تقديرات غير رسمية حوالي 4 آلاف و500 ضحية من جنسيات مختلفة أغلبهم من الفلسطينيين.

ويحيي اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وحول العالم، هذه الذكرى الأليمة سنويًا، بالتأكيد على أن المجزرة يستحيل أن تسقط بالتقادم وستبقى مطالبات الفلسطينيين بمحاكمة المتورطين فيها.

ويترافق إحياء الذكرى الـ37 لهذا العام، مع حراك متواصل منذ منتصف تموز/يوليو، في مخيمات اللجوء في لبنان، رفضًا لقرار وزارة العمل فرض إجازة عمل على اللاجئين الفلسطينيين.

ويقول الباحث المختص في شؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، علي هويدي، "إن الصورة المروعة لارتكاب المجزرة لم تكتمل بعد، ولن تكتمل إلا حين يستيقظ ضمائر بعض الذين قاموا بارتكاب المجزرة أكانوا من الغزاة أو من قبل بعض الجهات اللبنانية، فيكتب هؤلاء ما شاهدوه وما ارتكبوه حقاً، فلم يتم توثيق كل شيء بعد".

وأضاف هويدي في تصريح صحفي، أن "إعادة الاعتبار للضحايا وللناجين من المجزرة فلا يكون إلا من خلال طريقة واحدة فقط، محاكمة المسؤولين عن ارتكاب المجزرة وعلى كافة الصعد تحت سقف محكمة عادلة تنطق بالحق، كي لا يفلت مرتكبو المجزرة من العقاب وليعلموا أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بتقادم الزمن".

"لا تسقط بالتقادم"

من جانبها، أكدت "منظمة ثابت لحق العودة" أن مجزرة صبرا وشاتيلا هي من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية؛ والتي لا تسقط بتقادم الزمن. ولا يستطيع  مرتكبي المجزرة، من قادة وجنود الاحتلال الإسرائيلي والمليشيات اللبنانية التي عاونتهم في ارتكاب المجزرة، الإفلات من العقاب مهما طال الزمن، ولا بد من سوقهم إلى محكمة الجنايات الدولية ومعاقبتهم على جرائمهم".

وذكرت منظمة ثابت في بيان صحفي، أنه خلال ارتكاب المجزرة لم يفرّق القتلة الإسرائيليين وعملائهم بين الإنسان الفلسطيني واللبناني، وإنما أمعنوا في وحشيتهم تجاه المدنيين العزّل بدون أي شفقة ولا رحمة، مخلّفين وراءهم المئات من الضحايا ملقاة في الطرقات والشوارع، ودون السماح لأي محاولات إسعاف للجرحى من قبل فرق الصليب الأحمر الدولي.

وأضافت: "لقد امتزجت دماء شهداء فلسطين ولبنان معاً في مجزرة صبرا وشاتيلا، لتسطّر هذه الدماء الطاهرة تاريخًا من المظلومية المشتركة أمام عدوهم الأساسي وهو الاحتلال الإسرائيلي، وترسم معاً طريقاً من النضال والمقاومة حتى دحر الاحتلال عن أرض فلسطين وكل الأراضي العربية المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجّروا منها إبّان النكبة عام 1948".

إنصاف الضحايا

ورأت منظمة ثابت "أن واجب الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية وأهالي الضحايا العمل على رفع الدعاوى على مرتكبي المجزرة والمطالبة بمقاضاتهم أمام المحاكم الدولية والقصاص منهم، فضلاً عن أن توفير الحياة الكريمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان هو ضمانة وحماية لهم ولحقوقهم الإنسانية والسياسية وفي مقدمتها حق العودة ورفض التوطين والتهجير".

وبهذه المناسبة التي وصفتها بـ"الأليمة"، طالبت منظمة ثابت الحكومة اللبنانية واللجنة الوزارية المكلّفة بدراسة الملف الفلسطيني بإلغاء قرار وزير العمل اللبناني المتعلق بإجازة العمل، والعمل  على إقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، والتي تُساهم في مواجهة  وإفشال مشاريع "صفقة القرن" الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة.

ويوم السبت، وصل إلى بيروت 86 متضامنًا من جنسيات أوروبية وأمريكية وآسيوية لإحياء ذكرى مرور 37 سنة على المجزرة.

وذكرت مصادر أن من بين هؤلاء وزراء ونواب سابقون، وفنانون وإعلاميون وأكاديميون ونقابيون ومناضلون في أحزاب يسارية ورؤساء وأعضاء بلديات وأساتذة جامعات وشخصيات نجت من المجزرة.

بدورها، أكدت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، على وحشية الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكه لكل الأعراف والقوانين الدولية، مشيرة إلى أن مجزرة صبرا وشاتيلا، "ما هي إلا مجزرة ضمن مئات المجازر والجرائم التي ينفذها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته يوميًا".

وأشارت في بيان صحفي، "إلى أن المجزرة تمثل ذكرى مؤلمة على الشعب الفلسطيني أولاً والانسانية ثانيًا".

وطالبت بمعاقبة كل من كان له يد بتنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا، مؤكدة على أن الحق الفلسطيني لن يموت ولن ينسى، وأن الجرائم لا تسقط مع مرور الزمن.

تفاصيل المجزرة

"بدأت مجزرة صبرا وشاتيلا ظهر يوم 15/9/1982، حين اقتحمت وحدات من قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي الغازية المخيم لتقتل 63 مدنيًا فلسطينياً ولتنسحب تلك الوحدات وتسلم مهام استكمال ارتكاب المجزرة لأدوات الاحتلال من بعض الجهات اللبنانية، ليقتحم المخيم 350 عنصراً في اليوم التالي ليرتكبوا وعلى مدار 43 ساعة واحدة من أبشع المجازر في القرن العشرين بحق النساء والأطفال والشيوخ من المدنيين العزل" حسب الكاتب الفرنسي آلان منراغ في كتابه "أسرار الحرب على لبنان".

وسقط في المجزرة بين 4000 و4500 ضحية من 12 جنسية، حسب شهادة الكاتب الأمريكي رالف شونمان أمام لجنة أوسلو في تشرين أول/أكتوبر 1982، وكان العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين.

وبحسب المؤرخة الفلسطينية الدكتورة بيان نويهض الحوت في كتابها "صبرا وشاتيلا أيلول 1982"، فإن هناك 484 من الضحايا لا يزالون بحكم المخطوف والمفقود ولم يعد أي منهم حتى الآن.

ويقول الكاتب الفلسطيني ابن مخيم شاتيلا محمود كلَّم في كتابه "مخيم شاتيلا الجراح والكفاح": "مهما كُتب وسيُكتب عن مجزرة صبرا وشاتيلا فسوف تبقى نبعًا لآلاف القصص المأساوية وستظل جرحاً يأبى أن يندمل".

رابط مختصر : http://bit.ly/32HsaEP