بشار فقد عينه.. قصة فتى تختصر معاناة الفلسطينيين في مخيم قلنديا

بشار فقد عينه.. قصة فتى تختصر معاناة الفلسطينيين في مخيم قلنديا

بشار عليان قبل وبعد فقدان عينه اليمنى برصاص الاحتلال على حاجز قلنديا-الجزيرة نت

لم يشفع للفتى الفلسطيني بشار عليان (15عاما) احتماؤه بجدار الفصل العنصري هربا من الرصاص المطاطي وقنابل الغاز التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مخيم قلنديا للاجئين، من فقدان عينه.

كان عائدا من مدرسته في بلدة الرام المجاورة لبيته في المخيم (بين القدس ورام الله وسط الضفة الغربية) ظهر الثلاثاء الماضي، وتزامن ذلك مع اقتحام واسع للمخيم. حاول عليان قطع الشارع الذي يمر من أطراف المخيم والذي يعتبر شريانا رئيسيا للمتحركين تجاه رام الله مركز المدن الفلسطينية في الضفة، عندما شعر بشيء ما أصاب عينه.

هِبةٌ لله

ما إن نُقل من زقاق إلى آخر داخل المخيم، ومن مركبة إلى أخرى بسبب الازدحام المروري، ومن ثم إلى المستشفى الأول فالثاني والثالث بسبب عدم وجود تخصص لعلاج العيون، حتى صارحه الأطباء بالحقيقة المرة بعد قرابة 10 ساعات من لحظة الإصابة، بفقدان عينه اليمنى بشكل كامل.

يقول والده أحمد عليان للجزيرة نت، إن الأطباء أخبروا بشار أنه يعاني بسبب الإصابة من تآكل في الجيوب بوجهه وكسر في حاجبه الأيمن وكدمات في الرأس.

إصابة بشار هي الإصابة رقم 15 بالعين منذ احتلال المخيم عام 1967، يقول والده إنه وهب عين نجله لله أولا ولفلسطين ثانيا.

بشار الذي بدا بمعنويات عالية، قال للجزيرة نت، "أريد كطفل فلسطيني أن أعيش باستقرار ودون خوف".

لجوء وحاجز وازدحام

يقول مدير مكتب محافظ القدس لمنطقة قلنديا زكريا فيالة للجزيرة نت إن الاحتلال أقام أيضا حاجز قلنديا العسكري الذي يفصل المنطقة عن مدينة القدس، والذي يبعد 200 متر عن المخيم، وهو ما يشكل تهديدا دائما للمواطنين من خلال الاقتحام المتكرر وإطلاق قنابل الصوت والغاز والرصاص.

يصف فيالة الحال في المخيم اليوم بالمعاناة اليومية، في ظل غياب القانون نتيجة لسيطرة الاحتلال الكاملة عليه كونه يصنف ضمن المناطق "ج"، وفق اتفاق أوسلو.

كما أن المخيم مكتظ جدا بالسكان وكذلك بالأزمات المرورية، إذ يعتبر الشريان والمدخل الرئيس للمتجهين إلى رام الله، فتعطيل حركة السير من قبل الاحتلال لـ 10 دقائق قد يخلق أزمة مرورية تستمر لـ 4 ساعات، بحسب فيالة.

يقع مخيم قلنديا على أراضي قرية قلنديا الفلسطينية شمال غرب القدس المحتلة، ويضم اليوم لاجئين فلسطينيين من 51 قرية ومدينة مهجرة عام 1948 ومعظمها من القرى المحيطة بالقدس.

تبلغ مساحته كيلومترا مربعا، ويسكنه أكثر من 15 ألف نسمة، غالبيتهم مسجلون كلاجئين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" (UNRWA).

بنى الاحتلال جدار الفصل العنصري على بعد 300 متر من المخيم خلال الانتفاضة الثانية بعد عام 2000، ليعزل المنطقة عن مطار القدس سابقا ويسيطر على الأرض لصالح مستوطنات قريبة.

شهداء وجرحى

يقول فيالة إن 64 شهيدا قدمهم المخيم منذ عام 1967، منهم 3 أطفال أشقاء من آل الكسبة، عدا عن الجرحى والمصابين بالمئات، والأسرى والمعتقلين.

يعتبر المخيم نقطة مواجهة دائمة مع الاحتلال الإسرائيلي لقربه من الحاجز العسكري، يقصده الفلسطينيون للتعبير عن غضبهم من انتهاكات الاحتلال المختلفة بالمسيرات والوقفات التي عادة ما تنتهي بمواجهات عنيفة يصاب فيها الفلسطينيون، ويكررون ذلك مرات ومرات رفضا للاحتلال وسياساته.

يرتبط اسم قلنديا في حياة الفلسطينيين اليوم بحاجز عسكري ومخيم للاجئين وطريق مزدحم، وبمواجهات وإصابات وشهداء واعتقالات مستمرة، فكل أشكال الانتهاكات بحق الإنسان يعيشها الفلسطينيون الذين يصرون على أنهم لاجئون لهم حق بوطن مسلوب، يواجهون الاحتلال يوميا مهما تغيرت السياسات وهدفهم واحد وهو إنهاء الاحتلال والعودة إلى أرضهم التي هُجروا منها عنوةً.

المصدر/ الجزيرة نت

رابط مختصر : http://bit.ly/3nOhNcS