عام 2020 .. كيف تجاوزه الفلسطينيون في تركيا؟

عام 2020 .. كيف تجاوزه الفلسطينيون في تركيا؟

أوضاع صعبة يعيشها اللاجئون بتركيا مع قيود مكافحة الوباء-أرشيف

لا جدال أن العام 2020 لم يكن سهلا على العالم بعد جائحة " كورونا"، التي اجتاحته فجأة وغيرت كثيرا من ملامح الحياة وسط أمنيات تتعاظم لدى الكثير بأن يحمل العام الجاري 2021 في طياته بشريات من الطمأنينة والأمان وطي صفحة الوباء، والعودة إلى ممارسة نشاطات الحياة اليومية بعيدا عن اجراءات منع تفشي الفيروس.

الفلسطينيون في تركيا كغيرهم عصفت بهم الجائحة، وانعكست على فقدان بعضهم وظائفهم، إلى جانب عدم تمكن الكثير منهم زيارة عائلاتهم بعد منع السفر بسبب اجراءات منع تفشي فيروس "كورونا".

"قدس برس" تواصلت مع عدد من الفلسطينيين المغتربين في تركيا للحديث عن تجربتهم في تخطي عام 2020، وأمنياتهم للعام الحالي.

مرارة الغربة

الطالب الفلسطيني محمد سالم والمقيم في تركيا يقول: لم يكن عام 2020 سهلا، خاص بعد إصاباتي بفيروس " كوفيد 19"، ومكوثي داخل إحدى مشافي اسطنبول لأسبوعين ونصف تخللها علاج مكثف للأعراض التي ظهرت علي ضمن ظروف صعبة عشتها وحيدا وبعيدا عن عائلته المغتربة في المملكة العربية السعودية.

منذ أربع سنوات غادر محمد مدينة جدة تاركا عائلته لاستكمال الدراسات العليا في تركيا، كما استثمر وجوده هنالك للعمل في مجال تجارة الملابس ما بين الرياض واسطنبول، بيد أن الأمور توقفت كليا، لاسيما وأنه بحاجة إلى استعادة عافيته جراء إصابته الشديدة بالفيروس والتي ادخلته العناية المركزة أكثر من مرة.

يقول محمد: "قبل ستة أشهر من مجيء كورونا إلى العالم خططت لإنهاء الدراسة عام 2020 والعودة إلى جدة لزيارة عائلتي والزواج هناك، لكن كل شيء توقف مع إغلاق الحدود، واستمرار ارتفاع الإصابات".

ويعبّر محمد عن شغفه إلى عودة الأمور إلى طبيعتها خاصة بعد الاغلاقات التي تزامنت مع ظهور السلالة الجديدة للفيروس خلال الأسابيع القليلة الماضية، والمكوث مع عائلته لفترة من الزمن، مضيفا:" أتمنى فقط أن ينتهي هذا الفيروس وأن يكون العام الجديد راحة وهدوء على الجميع لاسيما لنا نحن الفلسطينيين بعد أن أرهقتنا سنوات الغربة والبعد عن الوطن".

إرهاق نفسي

أما المواطنة الفلسطينية منى حجازي، فإن العام 2020 كان بداية لتأسيس حياة جديدة لها في اسطنبول مع زوجها وطفليها بعد مغادرتهم قطاع غزة والاستقرار في تركيا.

تقول منى: "سيظل راسخًا في ذاكرتي، رغم كم الهول والأزمات التي كانت حاضرة به، ومحاولاتي التي لا تزال مستمرة في تهيئة الحياة لي ولأطفالي بإسطنبول، قبل أن تجتاح كورونا العالم، وتغير كل الحسابات وتوقف الحياة بشكل نهائي".

تواصل العشرينية منى في حديثها مع " قدس برس"، قائلة: "إلى الآن، مازلنا في مواجهة أثار الفيروس وصعوبة الحياة"، لافتة في الوقت نفسه إلى أنها بحاجة إلى العمل، في الوقت الذي توقفت فيه الأشغال والتقدم للوظائف، فضلا عن حجم الإرهاق النفسي في التفكير بأيامنا القادمة، والإعداد لما سوف يحل".

ولأن غزة التي لا تزال تعيش ظروفا قاسية بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض عليها من عام 2007 ومراحل العدوان، فإن الذاكرة لم تغفل عن ما عاشته الفلسطينية "منى" هناك، بيد أن الجزء المستفاد من تلك التجربة هو مدى مواجهة تحديات الحياة.

وأردفت بالقول: "سلبيات العام وحروبنا النفسية في غزة، رغم قوتها وكونها غير معهودة في حياتنا، إلا أنها علمتنا أشياء كثيرة هنا، أظن بأننا لن ننساها، وبأنها ستؤثر على تفكيرنا ومسار طريقنا، حيث أصبحنا أكثر حرصا ووعيا بكل أساليب حياتنا، وأكثر اعتمادا على الذات، وأفضل إدارةً للظروف والأشياء والقرارات".

من وجهة نظر منى، فإن تركيا بالنسبة للفلسطينيين البلد الآمن، والقريب من قلوبهم وتاريخهم، أهلها يحبونهم جدا، ويشعرون بالمسؤولية تجاههم، ولا شك فيه أن الراحة النفسية هنا خففت كثيرا من شعوب الغربة والظروف الحاصلة ناهيك عن تعلم لغة وثقافة جميلة جديدة، لا تختلف كثيرا عن عروبتنا"..

كسر للروتين

في السياق نفسه، تجد أم أحمد والمقيمة في تركيا منذ 4 سنوات، أن رغم ظروف عام 2020، إلا أنها تجد راحة لها كفلسطينية مغتربة، من خلال آليات التغلب على صعوبات الانتقال والتواصل مع الآخرين، وهذا ما انعكس  في متابعتها لدروسها في تعلم علوم القرآن الكريم عن بُعد.

تواصل الأربعينية " أم أحمد" دروس دوراتها عبر الانترنت ومن خلال التعليم الالكتروني، حيث اكتسبت مهارات في التعلم على البرامج، ما سهل لها تلقي العلم رغم الشعور بالروتين اليومي، مستدركة بالقول: "رغم أن التعليم الوجاهي يمثل طاقة ونشاط لطالب العلم، وتفاعل أكثر مع البيئة التعليمية".

تأمل "أم أحمد" في العام الحالي أن تنتهي جائحة " كورونا"، وزيارة عائلتها الفلسطينية المقيمة في الأردن، وأن يستفيد العالم من تجربة العام الماضي والاهتمام بالصحة واعتبارها أكبر ثمن يملكه الإنسان اليوم.

يشار إلى أن القوانين والتسهيلات التركية، أسهمت في جذب الجالية الفلسطينية إلى عموم تركيا، ومدينة اسطنبول على وجه التحديد، حتى بلغ عدد الجالية بعموم البلاد إلى نحو 19 ألف مقيم، وفق مصادر رسمية.

المصدر/ قدس برس

رابط مختصر : http://bit.ly/396NqbV