منظمة إسرائيلية: الخليل تحولت لمدينة أشباح تدفع بأهلها للتهجير القسري

منظمة إسرائيلية: الخليل تحولت لمدينة أشباح تدفع بأهلها للتهجير القسري

مستوطنون مسلحون يقتحمون مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية-صورة أرشيفية

أبرزت منظمة حقوقية إسرائيلية يسارية سلسلة من الإجراءات تتبعها سلطات الاحتلال منذ 25 عامًا في منطقة مركز مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، ضمن سياسة فصل معلنة تهدف إلى تمكين ثلّة من المستوطنين من العيش في قلب المدينة الفلسطينيّة، وفي المقابل، تتجاهل هذه السياسة تمامًا احتياجات سكّان المدينة الفلسطينيّين وتحكم عليهم بالعيش في معاناة لا تطاق، تدفعهم إلى الرّحيل عن منازلهم وكأنّما بمحض إرادتهم.

وذكر مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيليم"، في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أنه من أجل تطبيق نظام الفصل فرضت إسرائيل مجموعة من القيود الصّارمة على حركة الفلسطينيّين بحيث أنشأت في قلب المدينة شريطًا متّصلًا ومعزولًا عن بقيّة أجزاء المدينة تمنع دخول الفلسطينيّين إليه مشاة أو راكبين أو تتيح ذلك وفق قيود مشدّدة.

ويمتدّ هذا الشريط شرقًا من مستوطنة "كريات أربع" إلى المقبرة اليهودية غربًا، وتشمل التدابير المخصّصة لتقييد الحركة وإبعاد الفلسطينيّين عن الشوارع الرئيسيّة وعن محيط منازل المستوطنين 22 حاجزًا و-65 سدّة من موادّ مختلفة.

وأشارت المنظمة المناهضة لأنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، إلى أن منظومة الحواجز والسدّات في المدينة تؤثر على جميع الفلسطينيّين المقيمين في المنطقة أو المارّين عبرها. إنّه نظام يجعل حياتهم جحيمًا لا يُطاق إذ يمنعهم من إدارة مجرى حياة معقول ويحكم عليهم بالعيش في حالة دائمة من انعدام اليقين. أيّ تحرّك لأجل قضاء أبسط الحاجات يُلزمهم بعبور حاجز وأحيانًا حواجز عدّة.

وأضافت: "كلّ عبور كهذا يجبرهم على الوقوف في طابور طويل ليخضعوا من ثمّ لتفتيش مهين وعشوائيّ حيث يقرّر الجنود من يجري تفتيشه ومدى التدقيق فيه ومن يُسمح له بالعبور في نهاية المطاف".

وفوق هذا كلّه يقرّر الجيش أحيانًا إغلاق حاجز ما بشكل تعسّفيّ ودون سابق تبليغ للسكّان الذين يضطرّون في هذه الحالة إلى استخدام طرق بديلة تستغرق وقتًا أطول وفي أحيان كثيرة لا تلائم المسنّين والمعاقين.

عنف روتيني

وبحسب التقرير، فإن تقليص مجال الحركة - إلى جانب مشقّة المشي عبر طرق طويلة تكون أحيانًا طلعات قويّة أو ترابيّة وغير صالحة، قد عزل سكّان المنطقة عن أقاربهم وأصدقائهم وقضى على النشاط الاقتصاديّ بحيث يقتصر اليوم على بضعة حوانيت بقالة وورشات تقليديّة.

وشدد التقرير على أن نظام الفصل الذي تفرضه إسرائيل في الخليل يلازمه كجزء لا يتجزّأ من سياسة الفصل وإن كان غير معلن، عُنف روتينيّ يمارسه عناصر جيش الاحتلال والمستوطنون ضدّ سكّان المدينة الفلسطينيّين، منوها إلى أن التواجد العسكريّ يفرض على سكّان المدينة الفلسطينيّين الاحتكاك اليوميّ والمستمرّ بعناصر قوّات الجيش في الحواجز والشوارع الذي يرافقه إذلال متواصل عبر الاعتداء الجسديّ وتلقّي التهديدات والإهانات.

علاوة على ذلك، يعاني السكّان بحسب التقرير من اقتحام الجيش لمنازلهم بصورة متكرّرة غالبًا في ساعات اللّيل، كما يعانون الاعتقالات التعسّفيّة في الشوارع والمنازل وحتى القاصرين منهم بما في ذلك القاصرين ممن هم تحت سنّ المسؤوليّة الجنائيّة.

كذلك بين أن العنف الذي يمارسه المستوطنون ضدّ سكّان الخليل الفلسطينيّين يلازم حضورهم هناك منذ إقامة المستوطنة. وقال: "في بعض الأحيان يرقُب عناصر قوّات الأمن هذه الاعتداءات ويمتنعون عن التدخّل وفي أحيان أخرى يشاركون فيها فعليًّا. في الحالتين ما عدا أحداث استثنائيّة قليلة جدًّا يحظى المستوطنون بحصانة شبه تامّة حيث جميع أجهزة تطبيق القانون - الشرطة والجيش والنيابة - لا تفعل شيئًا لمنع الاعتداءات ولا تحقّق فيها ولا تقدّم مرتكبيها للمحاكمة".

واقع جحيمي

ونوه إلى أن هذا الواقع الجحيميّ الذي فُرض على الفلسطينيّين قد أتى بالنتائج التي تأملها إسرائيل: آلاف الفلسطينيّين رحلوا عن منطقة مركز المدينة فتحوّلت إلى مدينة أشباح. لا يقيم في هذه المنطقة اليوم سوى الفلسطينيّين الذين لا يملكون خيارًا آخر".

وأضاف التقرير الحقوقي: "هكذا هُجرت وتآكلت أجزاء بأكملها من منطقة مركز المدينة الجزء التاريخيّ من المدينة والذي كان في السّابق مركزًا تجاريًّا يعجّ بالنشاط ويتقاطر إليه الفلسطينيّون من منطقة جنوب الضفة كلّها. الرحيل القسريّ لآلاف الفلسطينيّين بهذه الطريقة وإغلاق مئات المحالّ التجاريّة يشكّل خرقًا للقانون الدوليّ الذي يحظر النقل القسري ويعتبره جريمة حرب".

وبينت منظمة "بتسليم" أنه نتيجة لوجود المستوطنين في الخليل وقّعت إسرائيل ومنظّمة التحرير في عام 1997 اتّفاقًا موضعيًّا يخصّ الخليل قُسّمت المدينة بموجبه إلى منطقتين: منطقة 1H التي كان يسكنها في ذلك الحين نحو 115 ألف فلسطينيّ، ومنطقة 2H التي تشمل فيما تشمل البلدة القديمة وجميع الأحياز الاستيطانيّة وكان يسكن فيها آنذاك نحو 35 ألف فلسطينيّ ونحو 500 مستوطن.

أمّا اليوم فيسكن في منطقة 2H نحو 700 مستوطن في مساحة تبلغ نحو 800 دونم وتشمل المناطق الملاصقة لمنازل المستوطنين وللشوارع التي يستخدمونها. من هؤلاء نحو 400 مستوطن يقيمون في المدينة بشكل دائم ونحو 300 يدرسون في المدرسة الدينيّة "شْفي حفرون". ويبلغ عدد الفلسطينيّين هناك اليوم نحو 7,000 منهُم نحو ألف يقيمون في مساحة ضيّقة تبدأ من منطقة الحرم الإبراهيمي مرورًا بشارع الشهداء ثمّ وصولًا إلى حيّ تل رميدة، وهو الحيّ الذي يشمل التجمّع الاستيطانيّ الأكبر.

وتُطرح في السّنوات الأخيرة مخطّطات رسميّة وغير رسميّة لتوسيع الاستيطان وتطوير "مشاريع سياحيّة" في المنطقة التاريخيّة في الخليل وإذا تحقّقت هذه المخطّطات فسوف يتضاعف عدد المستوطنين في الخليل خلال السّنوات القريبة، بحسب "بتسيليم".

رابط مختصر : http://bit.ly/2no5EkQ