إيمان أبو عارة.. تكرس نفسها لرسم موضوعات تتعلق بحق العودة

إيمان أبو عارة.. تكرس نفسها لرسم موضوعات تتعلق بحق العودة

الفنانة التشكيلية الفلسطينية إيمان أبو عارة-شبكة قدس الاخبارية

بضع دقائق لا تكفي لاكتشاف المعاني الداخلية للوحات الفنانة التشكيلية الفلسطينية، إيمان أبو عارة، وخاصة رسمة "العودة الأخيرة"، والتي تعبّر عن رمزية حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم في فلسطين التاريخية.

أثناء التأمل في لوحة "العودة الأخيرة"، يمكن للمشاهد رؤية العديد من المشاهد المتحركة التي تصور الأمل والعزيمة وحب الوطن. إنها "قصيدة بلا كلمات" كما قال الشاعر اليوناني الشهير "هوراس".

في أحد استيديوهات جامعة هاسيتيب في العاصمة التركية أنقرة تنتصب لوحات الفنانة التشكيلية والتي تسعى حاليًا للحصول على درجة الماجستير في الفنون الجميلة.

"العودة الأخيرة"

وتقول أبو عارة إن "العودة الأخيرة" حازت على شعبية هائلة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اجتذبت عشرات الآلاف من الاعجابات والتعليقات والمشاركات، في حين اعتمد عدد لا يُحصى من النشطاء الفلسطينيين والعرب الصورة الرمزية كواجهة لملفهم الشخصي.

وتضيف: "لقد تمكنت (العودة الأخيرة) من الدخول إلى قلوب الشعب الفلسطيني قبل منازلهم لأنها تحمل حلم كل مواطن فلسطيني يتطلع إلى العودة إلى الأماكن والقرى التي طُردوا منها في عام 1948".

وتقول أبو عارة في تقرير أورده موقع "شبكة قدس الإخبارية" باللغة الانجليزية، وترجم مركز العودة مقتطفات منه، إن قصة "العودة الأخيرة" تعكس القصة الشخصية لكل لاجئ فلسطيني يعيش في مخيمات اللاجئين لعقود سواء في قطاع غزة والضفة الغربية أو في الشتات. كل فلسطيني يتخيل من حين لآخر العودة إلى أراضي فلسطين التاريخية".

ومنذ أن وقعت النكبة الفلسطينية في عام 1948، اعتاد العديد من الفنانين الفلسطينيين التشكيليين رسم أعمال تحكي آلام الهجرة الجماعية والمعاناة من اللجوء. لكن من النادر جدًا العثور على لوحات تتخيل يوم العودة.

"العودة الأخيرة"، كما تشير أبو عرار، "كانت محاولة لإلهام الفلسطينيين بأن أحلامهم الكبيرة في العودة ليست معقولة فحسب، بل قابلة للحياة".

وتضيف: "الظروف السياسية والدولية تقف ضدنا وتجعل حياتنا أكثر صعوبة، ولكن على الأقل لدينا الحق في الحلم، وبمجرد رسم أحلامنا فهذه هي الخطوة الأولى لتحقيقها".

وتؤكد أن "ملايين الفلسطينيين المنتشرين في أنحاء العالم لديهم أمل وحلم وهدف واحد، وهو العودة إلى فلسطين التاريخية".

قراءة في اللوحة

وفيما يتعلق بدوافع رسم هذه الفكرة، قالت: "هدفنا الأول هو التأكيد على أن حق العودة حق إنساني، قبل أن يكون فلسطينيًا، وهذا الحق مضمون من قبل جميع القوانين والشرائع الدولية".

وتتابع قائلة: "قصدنا أيضًا إرسال رسالة للفلسطينيين في الخارج بعدم نسيان قضيتهم بغض النظر عن المحاولات الضخمة لجعلهم ينفصلون عن حقوقهم. نحن هنا أيضًا نعيد تعريف القضية الفلسطينية على أنها ليست قضية نتجت عن حرب عام 1967 لكن سببًا حقيقيًا بدأ بأحداث 1948 التي أدت إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين بالقوة من فلسطين التاريخية".

وحق العودة الفلسطيني هو مبدأ يضمن لحوالي 6 لاجئي فلسطيني حق العودة إلى قراهم ومناطقهم التي طُردوا منها قسراً في حرب عام 1948 وأيضًا يحمي حقهم في ممتلكاتهم التي تركوها وراءهم أو أجبروا على المغادرة في أراضي الـ48.

وتحدثت الفنانة الفلسطينية بالتفصيل عن المشاهد التي صورتها في اللوحة والأفكار التي سعت إلى نقلها.

وقالت: "نرى أن الفلسطينيين العائدين يرتدون الزي نفسه تقريبًا الذي كان أجدادهم يرتدونه قبل النكبة، في محاولة للتأكيد على أن الهوية الفلسطينية لا تزال موجودة على الرغم من عقود اللجوء والتشريد".

وتضيف: "نرى أن الأطفال يركضون، ويريدون الوصول أولاً"، مضيفة "هم الأكثر فضولاً لرؤية فلسطين التاريخية من آبائهم وأجدادهم الذين يعرفون بالفعل أماكنها وقراها وكل جزء منها".

وأشارت إلى مقولة إسرائيلية قديمة بأن الجيل الفلسطيني القديم سيموت وسينسى الجيل الجديد قضيته. "وهنا نرى أن الأطفال يأخذون زمام المبادرة أثناء عودتهم إلى منازلهم".

يتجه الأشخاص في الصورة أولاً إلى القدس، وعن رسالتها وراء ذلك، تقول "لأنها المفتاح الأول لفلسطين بأكملها، فلسطين هي القدس والقدس هي فلسطين. لا معنى لفلسطين إذا كانت القدس غائبة لأنها مهد الإنسانية".

وأضافت أن مفتاح العودة واضح في اللوحة، "لقد تم اعتباره لعقود رمزًا للعودة وجزءًا لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية".

وعن أبعاد اللوحة تؤكد أن "الطريق الذي يسير فيه الناس يمنحنا انطباعًا بأن حلم العودة إلى فلسطين مستمر ، ولا يمكن لأي قوة أن تنهي هذا الحلم".

وفقًا لأبو عرار فإن لوحة "العودة الأخيرة" ألهمت آلاف المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يشاركون في الاحتجاجات الأسبوعية المتواصلة منذ نهاية آذار/ مارس 2018.

وقالت: "خلال الأسابيع الأولى من المسيرات، رأيت مئات الفلسطينيين يضعون اللوحة كصورة لملفهم الشخصي في حسابات فيس بوك، وتم تبادلها آلاف المرات عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة".

ونوهت إلى المسيرات التي تتخذ من غزة مقراً لها أتثبت أن الحلم المرسوم في "العودة الأخيرة" أصبح حقيقة. وأضافت "أنا متأكد تمامًا من أن مسيرات العودة ستنطلق قريبًا في الضفة الغربية وغيرها من المناطق المتاخمة لها".

رابط مختصر : http://bit.ly/2neSDdc