ذهب ضحيتها مئات المدنيين.. الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ73 لمجزرة دير ياسين

ذهب ضحيتها مئات المدنيين.. الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ73 لمجزرة دير ياسين

فلسطينيون يحيون الذكرى السنوية لمجزرة دير ياسين-صورة أرشيفية

أحيا الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات يوم الجمعة 9 نيسان/ إبريل الذكرى الـ73 لمجزرة دير ياسين، التي راح ضحيّتها المئات من سكان القرية الواقعة غربيّ مدينة القدس المحتلّة، قُتلوا بدم بارد، في هجوم نفّذته العصابات الصهيونية في ساعات الفجر.

واستمرت المجزرة الوحشية حتى ساعات الظهر، وقبل الانسحاب من القرية جمع المهاجمون كل من بقي حيا من المواطنين العرب داخل القرية وأطلقوا عليهم النيران لإعدامهم أمام الجدران، ومنعت العصابات الصهيونية في ذلك الوقت، المؤسسات الدولية، بما فيها الصليب الأحمر، من الوصول إلى موقع الجريمة للوقوف على ما حدث على أرض الواقع.

بدأت العصابات الصهيونية هجومها على قرية دير ياسين قرابة السّاعة الثّالثة فجر يوم التاسع من نيسان عام 1948م، لكن المهاجمين في حينه تفاجأوا بنيران الأهالي وسقط منهم 4 قتلى وما لا يقلّ عن 32 جريحًا، بحسب شهادات النّاجين من المجزرة.

لذا استنجدت العصابات بقيادة "الهاغاناة" في القدس، حيث وصلت التّعزيزات، ليتمكن المعتدون من استعادة جرحاهم وفتح نيران الأسلحة الرّشّاشة والثّقيلة على الأهالي دون تمييز بين شيخ أو طفل أو امرأة.

نتائج كبيرة

وشهدت المجزرة دعما من قوّات 'البالماح' في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، للمهاجمين حيث قصفت "البالماح" قرية دير ياسين بمدافع الهاون لتسهيل مهمّة العصابات المهاجمة.

وتفاخر مناحيم بيغن، الذي كان رئيسا لعصابة "الهاغاناه"، بالمجزرة، بعد أن أصبح رئيسا للوزراء بعد تأسيس دولة إسرائيل. وقال في كتاب: "كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي فأخذوا يفرون مذعورين، فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على أرض إسرائيل (الحالية) لم يتبق سوى 165 ألفا".

وأضاف بيغين: "لقد خلقنا الرعب بين العرب وجميع القرى في الجوار. وبضربة واحدة، غيرنا الوضع الإستراتيجي".

نقطة تحول

وتقول مؤسسة "ذاكرات" غير الحكومية الإسرائيلية التي توثق النكبة الفلسطينية عام 1948 "قُتل في مذبحة دير ياسين 115 فلسطينيا، من بينهم نساء وأطفال ومسنين عزّل".

وأضافت في كُتيب حصلت الأناضول على نسخة منه "أرعبت هذه الجريمة باقي السكان العرب، ففرّ آلاف الفلسطينيين خوفا إثر الحدث الذي هز الرأي العالم العالمي، حتى أن حكومة إسرائيل اضطرت الى استنكار العمل".

واستدركت "شكّلت مجزرة دير ياسين نقطة تحوّل في تاريخ البلاد، إذ أنها أدت إلى فرار الكثير من الفلسطينيين من وطنهم، فقد فهموا أن البقاء على الأرض سيؤدي بهم إلى مصير مماثل، وبالفعل فقد نفذت العديد من المجازر في أماكن أخرى".

وتضيف مؤسسة ذاكرات "ما تزال حكومة إسرائيل تنتهج ذات السياسة منذ مجزرة دير ياسين، ويتمثل هذا النهج في خطين: الأول وهو النهج السياسي للدولة التي تحاول أن تستولي على أراضي الفلسطينيين".

أما الخط الثاني-وفق ذاكرات، "فهو الذي بدأ بدير ياسين وهو اقتلاع الفلسطينيين من وطنهم، حيث أصبح معظم الشعب الفلسطيني مشردا".

عنق الزجاجة للقدس

ويقول الدكتور نظمي الجعبة، أستاذ التاريخ في جامعة بيرزيت، لوكالة الأناضول "دير ياسين وقرية لِفتا المجاورة كانتا المدخل الغربي لمدينة القدس، وبالتالي فإن التخلص منهما كان بمثابة عنق الزجاجة للقدس، ومن يسيطر عليهما تسهل عليه السيطرة على القدس".

ويضيف الجعبة "أصبحت المعلومات عن دير ياسين تفصيلية بعد الكشف على مر السنين، عن المزيد من الوثائق عنها".

ويتابع "يتضح من هذه الوثائق أن ما جرى كان جزءا من خطة محكمة لإخلاء المنطقة من السهل الساحلي وغرب القدس، وذلك لتمكين الوصل من بين تل أبيب والقدس".

وأشار إلى أنه "من أجل تحقيق ذلك، فإنه كان يتوجب إخفاء كل القرى الفلسطينية الممتدة على هذا الخط وخاصة دير ياسين ولِفتا".

ويلفت الجعبة إلى أن الفلسطينيين كانوا يعون خطورة ما يحاك ضد تلك المنطقة، والدليل على ذلك معركة القسطل، التي وقعت مطلع شهر إبريل/نيسان 1948 في المدخل الغربي لمدينة القدس.

ويضيف الجعبة "قاتل عبد القادر الحسيني بشراسة من أجل عدم سقوط تلك المنطقة إلى أن استشهد على أرض المعركة".

وأكمل "بانتصارها بمعركة القسطل، نجحت الحركات الصهيونية إلى حد ما، في تنفيذ مخططاتها وأدى ذلك مع مجزرة دير ياسين إلى سقوط الكثير من القرى الفلسطينية بالمنطقة".

موقع استراتيجي

ووقعت معركة القسطل، غربي القدس، بين المقاتلين الفلسطينيين والعرب من جهة، وقوات "الهاجاناه" اليهودية في مطلع شهر نيسان/إبريل 1948، ومثّلت البداية لسقوط أجزاء من المدينة بأيدي الجماعات اليهودية.

ويقول خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، لوكالة الأناضول "تم توسيع حي جفعات شاؤول الاستيطاني ليشمل قرية دير ياسين، وهي تشمل الآن منطقة صناعية كبيرة".

وأضاف "ما تبقى من المنازل يُقيم فيه يهود الآن، والمحال التجارية تم تحويلها إلى منشآت تجارية، في حين أن مقبرة القرية اختفت تماما، (دمرتها إسرائيل)، ويتم استخدام مبنى كبير كمستشفى للأمراض العقلية".

وتابع التفكجي "تم تهجير السكان الفلسطينيين تماما من القرية، عام 1948".

ويقول المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي في كتابه "كي لا ننسى"، إن دير ياسين كانت تقع على المنحدرات الشرقية لتل، يبلغ علو قمته 800 متر، وتطل على مشهد واسع من الجهات كلها.

ويضيف "كانت القرية تواجه الضواحي الغربية للقدس- التي تبعد عنها كيلومترا واحدا- ويفصل بينها واد ذو مصاطب غرست فيها أشجار التين واللوز والزيتون".

ويكمل "كان هناك في موازاة الطرف الشمالي للوادي طريق فرعية تربط دير ياسين بهذه الضواحي، وبطريق القدس- يافا الرئيسي، الذي يبعد عنها نحو كيلومترين شمالا".

وأشار الخالدي إلى أن الجيش العثماني، قام إبان الحرب العالمية الأولى، بتحصين مرتفعات دير ياسين كجزء من نظام الدفاع عن القدس.

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 1917، اقتحمت قوات يقودها الجنرال البريطاني أدموند أللنبي هذه التحصينات، في الهجوم الأخير الذي أسفر في اليوم التالي عن سقوط القدس في قبضة الحلفاء.

وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن 531 قرية ومدينة فلسطينية قد طهرت عرقيا ودمرت خلال نكبة العام 1948 .

وبعد عدة أسابيع من المجزرة، وتحديدا في منتصف مايو/ أيار، أُعلن عن إقامة دولة إسرائيل، بعد تهجير نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم، وما زالوا حتى الآن (هم وذرياتهم) "لاجئين" في مخيمات ومدن تقع في الضفة وغزة والأردن ولبنان، وسوريا، وبقية دول العالم.

رابط مختصر : http://bit.ly/3myHMW9