سكان الشيخ جراح.. سجن وقمع وضرب وتهديد بالطرد

سكان الشيخ جراح.. سجن وقمع وضرب وتهديد بالطرد

يسكن في الحي 38 عائلة فلسطينية مهددة بالإخلاء لصالح مستوطنين إسرائيليين

يجد عشرات السكان في حي “الشيخ جراح” بالقدس أنفسهم محاصرون في منازل، تهددهم إسرائيل بالطرد منها بعد عقود من الإقامة فيها إثر تهجيرهم الأول من منازلهم إبان نكبة عام 1948.

وأقامت الشرطة الإسرائيلية منذ منتصف مايو/ أيار الماضي حواجز بعضها إسمنتية على مداخل ومخارج الحي الذي تتواجد فيه عشرات العائلات الفلسطينية المهددة بالطرد لصالح مستوطنين.

ولا تبرح عناصر من الشرطة الإسرائيلية على مدار الساعة الحواجز التي تحاصر الحي من الجهات الأربعة، ولا تسمح بالمرور من خلالها إلا لمن وثق في هويته الشخصية أنه من سكان “الشيخ جراح”.

غير أن هذا الشرط لا ينطبق على مستوطنين ومتدينين إسرائيليين يدخلون إلى الحي ويخرجون منه دون الحاجة لإبراز هوياتهم.

ففي المنطقة عدة منازل يقطنها مستوطنون أخرجوا أصحابها الفلسطينيين منها خلال السنوات الماضية في إطار القمع المستمر في الحي منذ أكثر من 40 عاما.

ويدعي متدينون يهود أن الحي يضم موقعا دينيا يهوديا يطلقون عليه “الصديق شمعون” يؤدون فيه الصلوات، فيما يؤكد سكان الحي أنه مقام عمره مئات السنوات يعود لشخص مسلم صالح اسمه سعد الدين حجازي.

أغلقوا المداخل والمخارج

يقول نبيل الكرد، من سكان حي “الشيخ جراح”: “وضعونا في سجن. وكشخص من سكان الحي إذا ما خرجت منه دون بطاقاتك الشخصية فلا يمكنك العودة إليه”.

ويروي الكرد معاناته الشخصية مع القوات الإسرائيلية قائلا: “كنت عائدا مع زوجتي وأولادي بعد تسوقنا من حي قريب فتم إيقافنا من قبل الشرطة”.

وأضاف: “طلبوا بطاقتي الشخصية فأظهرتها لهم، قالوا مكتوب فيها إن عنواني الشيخ جراح في حين أن الشيخ جراح منطقة كبيرة، فقلت له بإمكانك أن ترافقني إلى منزلي وتشاهدني وأنا افتح بابه، وبعد معاناة وشد وجذب سمح لنا بالمرور”.

وفي حادثة أخرى يقول الكرد: “خرجت زوجتي برفقة أطفالنا أكبرهم 6 أعوام وأصغرهم 4 إلى السوق، اشترت لهم الكعك لتناول الفطور، فرفضوا (الشرطة) إدخالها من المدخل الأول للحي، فذهبت إلى مدخل آخر ورفضوا أيضا إدخالها.. وبعد معاناة وساعات من الانتظار والمحاولة استطاعت العودة”.

وأردف: “هؤلاء (الشرطة الإسرائيلية) يمنعون الأطفال من العودة إلى منزلهم !!”، وتابع قائلا: “هذه الأمور لا تحدث معنا فقط وإنما مع كل السكان في الحي”.

منذ عام 1956

يسكن في الحي 38 عائلة فلسطينية في 28 منزلا مهددة بالإخلاء لصالح مستوطنين إسرائيليين.

وهذه العائلات ممن هُجرت من أراضيها التي احتلتها إسرائيل عام 1948، وأقامت منازلها عام 1956 بـ”الشيخ جراح” بموجب اتفاق مع الحكومة الأردنية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في العام ذاته.

ولكن في سنوات السبعينيات زعمت جماعات استيطانية إسرائيلية أن المنازل أقيمت على أرض كانت بملكية يهود قبل عام 1948، وطالبت بإجلاء العائلات الفلسطينية من منازلها.

ومنذ ذلك الحين تم إجلاء 3 عائلات من منازل لها يقيم فيها الآن مستوطنون إسرائيليون يرفعون أعلاما إسرائيلية عليها.

وأعطت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس مطلع العام الجاري الضوء الأخضر لإخلاء 8 عائلات أخرى من منازلها لصالح مستوطنين إسرائيليين.

وبعد احتجاجات شعبية فلسطينية واسعة واكبها حراك دبلوماسي نشط أرجأت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارها بشأن إخلاء هذه العائلات إلى أجل غير مسمى.

ويوميا يذهب متضامنون فلسطينيون إلى “الشيخ جراح” للاعتصام تضامنا مع سكانه لكن الشرطة الإسرائيلية تمنعهم من دخوله وتستخدم قنابل الغاز المسيل للدموع وتعتدي عليهم بالضرب لفض اعتصاماتهم.

 

تهجير قسري

مفوض عام وكالة “أونروا” فيليب لازاريني، قال خلال زيارة للحي، الأربعاء، إن “القرارات (الإسرائيلية بخصوص الإخلاء) جمدت ولم يتم إلغاؤها”، مشيرا إلى أن العائلات “تواجه خطر التهجير القسري”.

وأضاف: “تم حظر الدخول إلى الحي بواسطة حواجز خرسانية، مما قيد الحركة ومنع دخول أي شخص ليس لديه إقامة مسجلة داخل حدود الحي”.

وتابع لازاريني: “عائلات اللاجئين مهددة بالإخلاء الوشيك، وهي حالة النزوح الثانية التي يتعرضون لها خلال فترة حياتهم، وذلك بعد أن تهجروا قسرا من منازلهم وأراضيهم في عام 1948”.

اعتداء بالضرب

ينظر السكان في الحي إلى تواجد الشرطة الإسرائيلية في الحي على أنه شكل من أشكال الضغط.

ويقول الكرد: “في ساعات الصباح تكون أعداد افراد الشرطة قليلة، ولكن مع ساعات الظهر تزداد إلى العشرات”، ويتابع: “إذا ما حاججتهم لأي سبب فإنهم يعتدون عليك بالضرب”.

وفي 20 مايو/ أيار الماضي قدم مركز “عدالة” الحقوقي في إسرائيل التماسا باسم سكان حي “الشيخ جراح” والائتلاف لحماية حقوق الفلسطينيين في القدس.

وطالب الالتماس بإزالة الحواجز التي أقامتها الشرطة الإسرائيلية على مداخل الحي.

وقال المركز في بيان: “تهدف الحواجز إلى منع الفلسطينيين والمتضامنين مع قضية الشيخ جراح الدخول إلى الحي”.

وأضاف: “الحواجز التي نُصبت على مداخل الحي تسمح بدخول المستوطنين الإسرائيليين دون أي فحص، بينما يتم التدقيق وفحص هويات الفلسطينيين”.

وأردف: “لم تمنع هذه الحواجز وتواجد شرطة الاحتلال على مدار الساعة دخول عصابات اليمين المتطرف الذين يعتدون على سكان الحي الفلسطينيين بشكل دوري ومنذ نصب الحواجز تحديدا”.

 اقتحام المنازل

يشير الكرد، إلى أن تواجد الشرطة الإسرائيلية “يتعدى فرض القيود على الحركة والاعتداء على السكان ويصل حد اقتحام المنازل دون أسباب”.

ويقول: “اقتحموا منزلي أكثر من مرة دون سبب رغم أن هذا الأمر ممنوع بموجب القانون الإسرائيلي، فاقتحام المنازل يتطلب أمرا من المحكمة ولكنهم يقتحمون منازلنا رغما عنا وبالقوة”.

ويضيف الكرد: “ما يجري من حصار واعتداء وقمع في الشيخ جراح هي بأوامر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يريد البقاء في الحكم عبر إظهار أنه يستخدم القوة”.

ويردف: “في فترة عيد الفطر لم أتمكن من الخروج لمعايدة أهلي خوفا من غدرهم (الشرطة الإسرائيلية)، وفي نفس الوقت لم يتمكن أحد من أهلي من زيارتي لأنهم ليسوا من سكان الشيخ جراح وبالتالي هم ممنوعون من الوصول إلى منزلي”.

ويتابع الكرد: “ما يجري هنا هو إغلاق بأمر عسكري وأصبحنا في منطقة عسكرية مغلقة يحظر دخولها على غير سكانها الذين يعانون الأمرين أصلا من إجراءات الشرطة وقمعهم”.

المصدر/ الأناضول

رابط مختصر : http://bit.ly/3iuVsl8