في مخيمات اللجوء اللبنانية.. أموات بعضهم فوق بعض!

في مخيمات اللجوء اللبنانية.. أموات بعضهم فوق بعض!

تعدد أسماء المتوفين على شاهد القبر الواحد أضحى أمرا مألوفا لدى اللاجئين- الجزيرة نت

"كتبت في وصيتي أن أُدفَن في قبر والدي الذي فارق الحياة قبل 36 عامًا، وهو نفس القبر الذي دفن فيه شقيقي صبحي عام 1987 بمقبرة الرشيدية في لبنان".. بهذه الكلمات عبر المختص في شؤون اللاجئين صلاح الأحمد، عن مشكلة تكدس القبور وعدم قدرتها على استيعاب المزيد.

ويؤكد الأحمد، الذي يقيم في مخيم الرشيدية، وهو أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أن المقابر التي يَدفِن فيها اللاجئون في لبنان موتاهم امتلأت، ويتم الدفن في القبر نفسه".

ويضطر اللاجئون في لبنان، منذ أعوام لنبش قبور آبائهم وأجدادهم كحل عملي لإيواء جثث الأبناء بسبب اكتظاظ المقابر وعدم وجود مقابر جديدة، إلى جانب تدهور الأوضاع الاقتصادية للاجئين وعدم قدرتهم دفن موتاهم في مقابر خارج المخيم لارتفاع تكلفتها.

أوضاع مأساوية

يقول الأحمد (73 عامًا) لصحيفة "فلسطين": إن مقابر اللاجئين في لبنان باتت شبه ممتلئة، الأمر الذي يستوجب البحث عن عقار جديد لائق يخصص لدفن الموتى إكرامًا لهم.

ويلفت إلى أن اللاجئين يعانون أوضاعًا نفسية واقتصادية صعبة عند وفاة أحد أفراد عائلاتهم نظرًا لعدم وجود قبور أو مساحات جديدة في المقابر لدفن موتاهم، ما يضطرهم إلى دفن أموات فوق بعض، أو الدفن في مقابر بعيدة عنهم ما يرهق كاهلهم بسبب عدم امتلاكهم الأموال الكافية لنقل الميت وعائلته إلى المقبرة.

ويبين أن مقابر اللاجئين في مخيم الرشيدية، ومخيم البرج الشمالي، ومقبرة شاتيلا أو مقبرة "الشهداء" أصبح من المألوف فيها حمل شاهد القبر الواحد أكثر من اسم.

وبحسب الأحمد، يضطر اللاجئون في مخيم عين الحلوة دفن موتاهم بمنطقة سيروب في سيدا بمدينة صيدا جنوب لبنان، رغم بعدها عن مخيمات اللاجئين، وارتفاع كلفة النقل وتجهيز القبر.

ويؤكد وجود محاولات مستمرة ومبادرات تصدر عن اللجان الشعبية للاجئين في لبنان لدعوة الحكومة اللبنانية لتخصيص قطعة أرض بالقرب من المخيمات الفلسطينية كمقابر يستفيد منها اللاجئون.

مساحات جديدة

ويصل عدد المقابر في مخيمات اللجوء في لبنان إلى 7 مقابر، وفق المختص في شؤون اللاجئين أحمد الحاج علي، الذي أكد أن جميعها امتلأت، ويُدفن فيها الميت فوق آخر.

ويقول الحاج علي لصحيفة "فلسطين": إن قصة مقابر اللاجئين في لبنان قصة قديمة جديدة، وظهرت الأزمة منذ عام 1985 منذ حصار المخيمات وامتلاء المقابر بالموتى.

ويضيف: حاول اللاجئون البحث عن حلول لدفن موتاهم بالدفن في البيوت أو المساجد، مدللًا على ذلك بدفن موتى اللاجئين في مخيم شاتيلا عام 1985 داخل مسجد المخيم لعدم القدرة على الوصل إلى المقبرة، آن ذاك.

وبسبب اكتظاظ المقابر حاول اللاجئون، طوال السنوات الماضية، استحداث مقابر جديدة لدفن موتاهم فلجأ سكان مخيم برج البراجنة إلى إيجاد قطعة أرض قدمت كهبة من أحد الملاك في المنطقة قبل عشرة أعوام وما يزيد، لتُخصَّص مقبرةً داخل المخيم لكن سرعان ما امتلأت المقبرة بجثث اللاجئين، وفق الحاج علي.

إرهاق نفسي ومالي

ويشير إلى أن اللاجئين يضطرون إلى دفن موتاهم في أماكن بعيدة جدًّا عنهم ما يرهقهم نفسيًّا وماليًّا، "فبعض العائلات لا تمتلك الأموال لتجهيز القبر ونقل المتوفى، فيضطر الأهالي لجمع التبرعات لإيجاد قبر جديد لائق يخصص لدفن الميت إكرامًا له".

ويبين أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، خصص عام 2009 قطعة أرض في سبلين كمقبرة للاجئين الفلسطينيين، لكن تلك المقبرة تبعد عن مدينة صيدا 6 كيلومترات، وعن بيروت 35 كيلومترًا، وتبعد عن مدينة طرابلس 100 كيلومتر، ما يرهق اللاجئين ويزيد من معاناتهم ويعرضهم لدفع أموال كبيرة للوصول إلى المقبرة وتأمين المواصلات لأهل المتوفى.

ويضيف: "البعض لا يمتلك أجرة النقل بسبب الفقر المدقع".

ويدعو الحكومة اللبنانية إلى توفير قطعة أرض قريبة من مخيمات اللاجئين تُخصَّص مقبرةً لدفن الموتى، مضيفًا: "فمساحة المخيمات ضيقة لا تتسع لإيجاد مقابر فيها".

ولا تقتصر الأزمات عند حد معين، فحياة اللاجئين خاصة في لبنان حُبلى بالأزمات وطالت الأزمة هذه المرة الموتى في قبورهم.

ويعيش نحو 470 ألف لاجئ فلسطيني في (12) مخيمًا و(156) تجمعًا بمحافظات لبنان الخمس، بحسب معطيات رسمية.

رابط مختصر : http://bit.ly/36dK4CK