"رحاب" تجوب العالم بالغرزة الفلسطينية وتحيكها باللاتينية

حصلت رحاب على لقب أفضل مطرزة فلسطينية عام 2018

عراقة الأجداد وعباقة الماضي تتجلى بين غرز أثواب المقدسية رحاب دقاوية التراثية، والتي تحاكي فيها ثوبي أمها وجدتها قبل نحو 100 عام، فتحرص على أن تكون جزءًا أساسيًّا من عروض الأزياء التقليدية في دول الجوار وحول العالم.

مزجت الستينية رحاب بغرزها بين ثقافات مختلفة، فتراها تزاوج بين التطريز الفلاحي الفلسطيني والغرز المكسيكية، والبرازيلية أيضًا، لتنتج قطعًا عصرية لاقت رواجًا محليًّا وعالميًّا.

تعود جذور رحاب إلى قرية بيت إجزا شمال غرب مدينة القدس المحتلة، ومنذ 22 عامًا تعمل في مجال تطريز الأثواب الفلسطينية التقليدية، وتحرص على جمع المقتنيات الأثرية والتاريخية والتي تفرد لها مساحة كبيرة في بيتها.

عاشت رحاب نحو 20 عامًا مغتربة في البرازيل إذ كان يدير زوجها محلات للملابس هناك، وبعد أن عادت إلى مسقط رأسها مارست العمل ذاته، فكانت النسوة يسألنها عما إذا كان تستطيع أن تطرز لهن أغطية الوسائد، والشالات، ومحافظ النقود، والمعلقات.

تقول رحاب: "استعنت بأخواتي وقريباتي ليساعدنني في تطريز ما يطلبه الزبائن مني، وصرن يسألنني عن المحل الخاص بي، وبعد زيادة الطلبات افتتحت محلي الخاص".

أول ثوب قامت رحاب بتطريزه استنسخته عن ثوب والدتها الذي يعكس ثقافة نساء بيت إجزا، ومن ثم ثوب جدتها، وبعدها صنعت الأثواب التي تميز كل مدينة فلسطينية باختلاف شكل غرزها وألوانها، ولديها 50 ثوبا تؤجرها للنسوة تبعًا للمدينة أو القرية التي ينحدرن منها.

بيتها متحف لكل شيء فلسطيني، تقتني الأواني القديمة، وبسط الصوف، والمكواة اليدوية، والهاون، والمحاريث الخشبية، والغربال، وحجر الرحى الذي كان يستخدم لطحن العدس والقمح، ناهيك بـ20 ثوبًا أثريًّا.

وعصفت جائحة كورونا بعمل رحاب، فبعد أن كانت تعمل لديها 200 سيدة، تقلص العدد إلى 50 بسبب الإغلاقات ووقف التصدير.

مشاركات عالمية

أطلت تصميمات رحاب على العالمية، بعد دعوة منتدى سيدات الأعمال لها للمشاركة في عرض أزياء في مقر الأمم المتحدة في نيويورك عام 2014م.

كانت نيويورك أول عرض دولي تشارك فيه، وهناك عرضت دار أزياء شهيرة ما حاكته رحاب على واجهة متجرها الرئيس لمدة ثلاثة أشهر، ومن ثم قدمت تصاميمها في عرض أزياء آخر في العاصمة البريطانية لندن.

وبعد أن لاقت عروضها استحسانًا من الفلسطينيين والأجانب، مثلت فلسطين في الأسبوع العربي الذي يقام في المكسيك عام 2017م، وأقامت عرضًا للأزياء الفلسطينية في مجلس الشيوخ بحضور جميع سفراء الدول العربية.

قبل المشاركة بعروض الأزياء، تبين رحاب أنها قامت بالاطلاع على الأزياء الخاصة بنساء المكسيك والبرازيل التي زارتها لاحقًا لتواكب طبيعة الغرز المستخدمة والألوان السائدة من أن تحقق التوازن بطرح ملابس تناسب الذوق اللاتيني والأوروبي ولا سيما الألماني والإيطالي منه، ودمجتها مع الغرز الفلسطينية.

لكن كانت المفاجأة بالنسبة لرحاب هي طلب المكسيكيين الثوب الفلسطيني بالتطريز الفلاحي التقليدي للتعرف أكثر إلى التراث الفلسطيني.

وحصلت رحاب على لقب أفضل مطرزة فلسطينية في عام 2018، وأفضل مصدرة فلسطينية عام 2017، بالإضافة إلى شهادات تكريم من الأمم المتحدة، والمكسيك، وجمعية توثيق التراث بفلسطين.

وتأمل رحاب إقامة عرض أزياء للأثواب الفلسطينية في القدس المحتلة، ولكن ما يزال الاحتلال الإسرائيلي يمنع منحها تصاريح من أجل ذلك، فهو يحارب كل ما يؤكد الهوية والتراث الفلسطيني، كما تؤكد.

كما تنتظر إعادة حرية التنقل التي قيدتها جائحة كورونا منذ عامين، لتعود إلى تمثيل فلسطين في عروض أزياء دولية لترسيخ التراث الفلسطيني في أذهانهم، والذي يحاول الاحتلال نسبه إليه.

المصدر: فلسطين أون لاين

رابط مختصر : http://bit.ly/2ZumjGk