أزمة "الأونروا" المالية تهدد مليوني لاجئ فلسطيني بالأردن

أزمة

مشهد عام لأحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن-صورة أرشيفية

تدخل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" منعطفاً خطيراً، في حال لم تتمكن الوكالة الدولية من تجاوز تبعات أزمتها "المالية" الخانقة وغير المسبوقة، منذ تأسيسها في العام 1949.

وينفي مراقبون أن تكون الأسباب الرئيسية للأزمة التي تمر بها "الأونروا" مالية بالدرجة الأولى، مؤكدين أن وراءها "أغراضاً سياسية؛ تهدف لجر اللاجئين الفلسطينيين إلى اليأس من قضيتهم".

اتهامات لـ"الأونروا"

واتهم الرئيس السابق لاتحاد العاملين بالأونروا كاظم عايش، القائمين على الوكالة، بـ"التواطؤ في مسألة تقليص خدماتها المقدمة للاجئين"، مشدداً على ضرورة أن تستمر "الأونروا" في عملها وتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين "طالما بقيت قضية اللجوء مستمرة؛ باستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية".

وأكد في حديثه لـ"قدس برس" وجود "لوبيات إسرائيلية في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، تعمل على إنهاء عمل الوكالة، والتخلص من الدور الذي تقوم به".

وطالب عايش الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين بـ"القيام بواجبها في الضغط على المجتمع الدولي لاستمرار عمل الوكالة، والوقوف بوجه محاولات تصفيتها".

من جانبه؛ رأى أحد العاملين في قطاع التعليم بالوكالة، أن "الأزمة الحالية للأونروا تحمل أبعاداً سياسية، وتقف وراءها إسرائيل والولايات المتحدة".

وأوضح في حديثه لـ"قدس برس" طالباً عدم ذكره اسمه، أن الأزمة تأتي في سياق "سعي الاحتلال وأمريكا لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وفق المنظور الأمريكي والإسرائيلي".

واستشهد بـ"بالعقوبات التي فرضتها الأونروا بحق بعض المعلمين والموظفين في الأردن، لكونهم عبروا عن مواقف عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم تجاه انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين".

وأوضح أن هذه العقوبات تراوحت بين الإنذار والتوقيف عن العمل لمدة شهر، بحجة تجاوزهم لما يُسمى "مبدأ الحيادية"، مضيفا أن هذه الحيادية المزعومة "تحرم اللاجئ العامل في الأونروا من ممارسة حقه الطبيعي بالدفاع عن القضية الفلسطينية، والتذكير بحق العودة له ولأبنائه".

"الأونروا" تعقب

وفي المقابل؛ قال المتحدث باسم "الأونروا" عدنان أبو حسنة، إن أزمة الوكالة في أصلها مالية، إلا أنها في حقيقتها أزمة متعددة الأوجه، "فهناك متغيرات إقليمية، وتغيرات في الدول المانحة، خاصة بعد أزمة كورونا التي ألجأت هذه الدول إلى التركيز على وضعها الداخلي في استقدام ملايين الوظائف".

وأضاف لـ"قدس برس" أن "جميع الدول المانحة التي تقدِّم مساعداتها للوكالة؛ تطلب اتفاقيات إطار ملحقة، تلزم الأونروا بعدم استخدام هذه المساعدات في زرع الكراهية والحقد، وتشترط الالتزام بمبدأ الحيادية" وفق تعبيره.

ولفت أبو حسنة إلى إن "العجز المالي للوكالة قد يتسبب بعدم دفع الرواتب لشهرين"، موضحاً أن "الدعم العربي تراجع من 200 مليون دولار إلى 20 مليونا فقط".

وحذر من أنه "في حال وصول تصعيد عاملي الوكالة إلى مرحلة الإضراب؛ فسنندم جميعا"، مشيراً إلى أن "توقيت التصعيد يقلّص من فرص نجاح مؤتمر المانحين المرتقب" على حد قوله.

تهديد وجودي

وتأسست "الأونروا" بعد النكبة عام 1948 كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة، وتمثل الشاهد الدولي الوحيد على مأساة ملايين اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعيشون في المنافي والشتات.

وبعد مرور أكثر من سبعة عقود على إنشائها؛ باتت الأونروا تعاني من تهديد وجودي عقب القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية، بوقف تمويلها بالكامل، والذي يقدر بما يزيد على 360 مليون دولار سنويا.

وترفض الحكومة الأردنية أي حلول لسد عجز موازنة الأونروا على حساب الموظفين، إذ إن من شأن تفاقم أزمة "الأونروا" أن يضيف أعباء وضغوطا مرهقة على الأردن، حيث تقدر قيمة ما يتم إنفاقه سنويا، بحسب "الشؤون الفلسطينية"، أكثر من مليار و200 مليون دينار، في مختلف القطاعات الحياتية للاجئين الفلسطينيين، سواء المقيمين منهم داخل المخيمات، أو خارجها.

ويعد قطاع التعليم "الأكثر تضرراً باعتباره الحلقة الأضعف في دائرة خدمات الوكالة، حيث يستحوذ على النصيب الأوفر عددياً من الموظفين العاملين بنحو خمسة آلاف موظف، ما بين معلم ومدير، من إجمالي سبعة آلاف موظف في الأردن" وفق مصادر مطلعة في "الأونروا".

نزاع عمل

وكان المؤتمر العام لاتحادات العاملين في الأونروا، قد قرر الدخول في "نزاع عمل" مع إدارة الوكالة ابتداء من مطلع الشهر الجاري، ومنحها مهلة 21 يوماً كبادرة حسن نية منه؛ قبل الدخول في إضراب مفتوح عن العمل.

ومن الخطوات التصعيدية التي قام بها اتحاد العاملين؛ وقف العمل بمنظومة الإيميس، ووقف ورش التدريب وحضور الاجتماعات، والتوقف عن العمل لمدة ساعة في الأسبوع الأول من بدء نزاع العمل، ليصار إلى التوقف عن العمل لمدة ساعتين غدا الثلاثاء، وفي حال لم تستجب الوكالة لمطالب العاملين فيها؛ سيلجؤون إلى الإضراب العام بعد 21 الشهر الجاري.

ويطالب عاملو "الأونروا" إدارة وكالتهم، بوقف قرار الإجازة الاستثنائية دون راتب، وإعادة الزيادة السنوية للموظفين والعدول عن تجميدها، وصرف راتبي الشهر الحالي والمقبل في موعديهما، والشروع بتعيين الموظفين، وإلغاء نظام العمل بالمياومة، ورفد العيادات بالطواقم الطبية اللازمة، وتعيين موظف بديل مكان الموظف المجاز، وزيادة أعداد العمال في المخيمات والتخفيف من العقوبات التي تطال الموظفين.

المصدر: قدس برس

رابط مختصر : http://bit.ly/3DgoNaF