إعدام في البحر.. قوارب اللجوء تودي بحياة شابة فلسطينية حرمتها قوانين اللجوء من الالتحاق بعائلتها

إعدام في البحر.. قوارب اللجوء تودي بحياة شابة فلسطينية حرمتها قوانين اللجوء من الالتحاق بعائلتها

الشابة روند العايدي ضحية قوارب الموت

تلازم عائلة فلسطينية نازحة من سوريا حالة من الصدمة الشديدة إزاء فاجعة فقدان ابنتهم لدى محاولتها الإبحار إلى ألمانيا على أمل اللقاء بهم لأول مرة منذ سنوات بعد أن فرقت الحرب السورية شملهم.

وخسرت روند العايدي حياتها في بحر إيجة قبالة السواحل اليونانية، في حادثة غرق قارب هجرة غير نظامي يوم الجمعة 24 ديسمبر 2021، وراح ضحيتها 17 شخصا، من ضمنهم 8 لاجئين فلسطينيين مهجرين من مخيمات سوريا.

وتضاف أعداد الضحايا الجدد من لاجئ فلسطين بسوريا، إلى 72 لاجئا قضوا غرقا على طرق الهجرة خلال محاولات الوصول إلى القارة الأوروبية، منذ اندلاع الأحداث بسوريا عام 2011، بحسب معطيات لـ"مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا".

 رفض صادم

ولم تكن روند، ابنة الـ 23 عاما، تبحث عن حياة أفضل كغيرها من المهاجرين، بقدر ما كانت تحلم أن تكون قرب والديها وشقيقاتها الأربع، بعد أن وقفت القوانين الألمانية الرسمية سدًا منيعًا أمام حصولها على حق لم الشمل، بذريعة بلوغها سن الثامنة عشرة.

كان والدها محمد العايدي وصل إلى ألمانيا بعد أن اضطر إلى مغادرة مخيم اليرموك عقب إطباق الحصار الأمني على المخيم، وسبقه في النزوح عائلته إلى الأردن هربا من القتل والدمار.

وبذل العايدي، من سكان مخيم اليرموك قرب دمشق، جهدا مضنيا لاستقدام ابنته البكر إلى محل إقامته بألمانيا، والتي كان عمرها 17 عاماً لدى وصوله إلى ألمانيا في 2015، لكنه حصل على حق الإقامة في الدولة الأوروبية في أكتوبر من 2017.

وفي أغسطس من العام التالي سمحت له السلطات الألمانية بلم الشمل، غير أن روند كانت قد تجاوزت وقتها لسن الـ 18.

وأبلغت السفارة الألمانية في عمّان، رواند برفض الموافقة على لم شملها بوالدها على عكس والدتها وشقيقاتها الأربع اللواتي يصغرنها، وذلك بعد أن أجبرها موظف السفارة على التوقيع على أوراق باللغة الألمانية لم تعرف محتواها.

ويقول العايدي، إن القرار وقع عليهم كالصدمة وترك روند بحالة نفسية سيئة، وما زاد الطين بلة ردة الفعل "الاستفزازية" من موظف السفارة حينما أخبرها بتهكم أنها "لم توقع على قرار إعدامها".

وفي ظل ضيق الوقت وأمام المعطيات القائمة، وبعد تردد طويل، لم يكن أمام أفراد العائلة من خيار سوى السفر إلى ألمانيا على أمل أن تلحق بهم روند في وقت لاحق.

ولم يترك الوالد مكانا إلا وطرق بابه لاستقدامها بطريقة شرعية أو كحالة إنسانية، على غرار دوائر الهجرة الألمانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الحقوقية والكنائس والمساجد في ألمانيا والأردن.

وبرغم أن عدد من الدول الأوروبية تعطي هذا الاستثناء لطالبي اللجوء لديها ممن لديهم أبناء فوق الثامنة عشرة، إلا أن كل محاولات محمد باءت بالفشل، مما ترك العائلة في حالة تشتت وضياع وتفكير دائم بوضع روند حيث بقيت وحيدة في الأردن بعد سفر عائلتها إلى ألمانيا.

 لقاء لم يتحقق

ولما تيقن الرجل من صعوبة استقدامها بالطرق الرسمية، وبعد أن أوصدت في وجهه الأبواب، وأمام لوعة الأم وألمها على فراق ابنتها، لم يجد طريقا سوى سلوك منافذ الهجرة غير النظامية، فانتقلت روند من الأردن إلى تركيا وصولا إلى اليونان حيث لقيت حتفها.

أما عن والدتها حينما تلقت نبأ وفاة ابنتها، فقد أغشي عليها وأصيبت بانهيار عصبي يمنعها إلى اليوم من الأكل والنوم، كما يقول العايدي.

وفي الوقت ذاته، يبدي الأب المكلوم خشيته على إحدى طفلاته "حلا" التي يقول إنها تكاد تجن من فرط تعلقها بشقيقتها الكبرى وحبها لها.

وإزاء ما سبق، يحمل العايدي الحكومة الألمانية المسؤولية عما آل إليه أحوال ابنته وتأخيرها النظر في البت في طلب لم شملها.

كان مركز العودة قد نشر تقريراً عام 2018 أجرى خلاله مقابلات حية مع عائلة محمد العايدي لدى نزوحها إلى محافظة الزرقاء، شمال شرق الأردن، وحذر من تبعات خطيرة جراء حرمان جزء من العائلة من حق لم الشمل بسبب القوانين الناظمة، وسلط الضوء على معاناة النزوح التي حدثت لهم بسبب الغارات الجوية للحكومة السورية التي تسببت في تدمير منزلهم بمخيم اليرموك.

وروت العائلة الظروف المعيشية غير المستقرة التي يعيشونها بعد تفرقهم عن بعض، حيث فر الزوج إلى ألمانيا والزوجة وبناتها الخمس إلى الأردن.

 قضية رأي عام

وبهذا السياق، يقول مركز العودة الفلسطيني، إن حادثة وفاة روند بهذه الطريقة المؤلمة، تستدعي تسليم الضوء على قوانين اللجوء في الدول الأوروبية وتحميلها مسؤولية تأخير وتعثر ملفات لم الشمل لمئات العائلات والأفراد.

ويشير المركز إلى ما ينجم عن هذه القوانين من مخاطر وأهوال لطالبي اللجوء وعائلاتهم، الذين يضطرون لسلوك طرق الهجرة غير النظامية وتعريض أنفسهم للخطر بغية لم شملهم بعائلاتهم.

وأكد وجوب تحويل قضية روند العايدي إلى قضية رأي عام، وتحميل المسؤولية للجانب الألماني والدول الأوروبية الأخرى ذات القوانين والسياسات المشابهة والتي تتعاطى بذات الطريقة مع حالات مماثلة.

ودعا إلى الضغط لإعادة النظر في النظم والقوانين وآليات عمل منظومات ودوائر الهجرة والقنصليات في الدول المضيفة للاجئين.

رابط مختصر : http://bit.ly/3mJzVq6