قطف الزيتون.. موسم أمل لمبتوري الأطراف في مسيرة العودة بغزة

قطف الزيتون.. موسم أمل لمبتوري الأطراف في مسيرة العودة بغزة

مصابون بمسيرة العودة يشاركون في فعالية لقطف الزيتون بغزة-الأناضول

ينتشر عدد من الشبان الفلسطينيين، الذين فقدوا أطرافهم السفلية، برصاص إسرائيلي، وسط حقلٍ زراعي، بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، لقطف حبّات الزيتون في موسمها الحالي.

هؤلاء الشبان، منهمكون في قطف الزيتون، وجمعه داخل سلال صغيرة، في مبادرة تطوعية أطلقتها جمعية الأمل للتأهيل بمدينة رفح.

وأُصيب الشبان، في مسيرات "العودة وكسر الحصار"، التي انطلقت نهاية مارس/آذار 2018، للمطالبة بعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم، ورفع الحصار عن القطاع.

ويقمع الجيش الإسرائيلي تلك المسيرات السلمية بعنف؛ ما أسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين، وإصابة الآلاف بجروح مختلفة.

وانطلقت مبادرة قطف الزيتون، وسط أجواء تراثية، حيث توزع المشاركون والبالغ عددهم نحو 70 فرد، لتقاسم الأعمال، بعضهم خصص جزءا من وقته لـ"تحميص" وإعداد وصناعة القهوة العربية على "نار الحطب"، والبعض الآخر جلس إلى جانب عدد من النسوة لصناعة وإعداد خبر "الصاج" الفلسطيني.

آلام قاسية

الشاب خليل الشريف (26 عاما)، أصيب لمرتيْن خلال مشاركته بمسيرة العودة الحدودية، الأولى كانت في ظهره في يونيو/ حزيران الماضي، وأما الثانية في قدمه اليُسرى في يوليو/ تموز الماضي.

وما زال الشريف يتلقّى العلاج للشفاء من الإصابتين، إذ لا زالت أسياخ "البلاتين"، المثبّتة داخل قدمه وتُسبب له آلاما قاسية بين الفينة والأخرى.

ورغم الأوجاع، لم يتردد الشاب المُصاب من تسلق شجرة الزيتون لقطف حبّاتها المنتثرة في الأغصان العلوية، بروح معنوية يقول لـ"الأناضول" إنها "عالية جدا".

الشريف، فني ديكور، وتسببت إصابته بتردي أوضاعه الاقتصادية، بعد أن توقف عن ممارسة مهنته بشكل كامل بعد الإصابة.

وتابع:" كنت أعيل نحو 14 فردا من عائلتي، لكن اليوم أنا أعجز عن إعالة نفسي".

تأثير نفسي

على مقربة من الشريف، يقف أربعة شبان، على ساق واحدة، مستندين على عكاكيزهم، يتبادلون الأحاديث وهم يقطفون ثمار الزيتون.

خميس فوجو ( 32 عاما)، بترت قدمه جرّاء إصابته برصاصة إسرائيلية في يوليو/ تموز2018.

يقول فوجو لـ"الأناضول"، إن الإصابة في بدايتها أثّرت على وضعه النفسي بشكل كبير، حيث التزم المنزل لمدة شهريْن متتابعيْن، رافضا زيارة الأصدقاء له.

لكن بعد فترة وجيزة، استطاع التغلّب والتأقلم مع وضعه الجديد، بعد أن استمد الطاقة الإيجابية من أقرانه المبتورين.

التحق فوجو برياضات مختلفة، كالحديد وكرم القدم والسباحة، فيما شارك في بطولات متعددة، قائلاً "تجاوزت الإعاقة بكفاحي في الحياة".

يشارك فوجو اليوم بفعالية قطف الزيتون، كونها من فعاليات التراث الفلسطيني التي تمنحه برفقة زملائه أوقاتا جميلة.

من جانب آخر، فإن الإصابة هذه منعت فوجو من ممارسة أعماله في وظيفته الحكومية التي كان يلتحق بها.

وقال مضيفا:" نتقاضى راتب الجريح كل شهر نحو 171 دولارا أمريكيا، بالكاد يكفي لتوفير العلاجات اللازمة لنا كجرحى".

ويوضح أن أوضاع المصابين، سيما الذي بُترت إحدى أطرافهم، "سيئة للغاية".

واستكمل قائلا:" المصابون يبدون أمام الناس بمظهر نفسي جيد، لكن داخل منازلهم هم مدمرون، من الناحية النفسي والمعيشية، لا يوجد مقومّات يمكن أن تدفع المعاق للاستمرار في حياته الكريمة".

ومنتصف الشهر الجاري، قالت وزارة التنمية الاجتماعية، إن نسبتي الفقر والبطالة بقطاع غزة وصلت إلى 75%، فيما يعيش 33.8% من سكان القطاع تحت خط الفقر.

دعم نفسي

بدورها، قالت فادية قشطة، الأخصائية الاجتماعية بجمعية الأمل، إن المؤسسة تقدّم لمصابي العودة "خدمات التأهيل والعلاج الطبيعي والدعم النفسي والتمريض وتوفير الأداة المساعدة".

وأوضحت في حوار مع وكالة الأناضول، أن جمعيتها أطلقت عدة مبادرات في "إطار تقديم الدعم النفسي الاجتماعي للمصابين، آخرها مبادرة قطف الزيتون وسط أجواء تراثية".

وبيّنت أن هذه الأجواء تعكس "طابعا إيجابيا لدى المصابين، ما يؤدي إلى إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، ليكونوا أفردا منتجين ".

وبحسب توثيق مراكز حقوقية، ومنها مركز الميزان لحقوق الإنسان، فقد قتل الجيش الإسرائيلي خلال مسيرات العودة (213) فلسطينيا من بينهم (46) طفلا، وسيدتين، و(9) من ذوي الإعاقة، و(4) مسعفين، وصحافيين اثنين.

كما أصيب (18460)، من بينهم (4649) طفلا، و(826) سيدة، ومن بين المصابين (9243) أصيبوا بالرصاص الحي، من بينهم (2000) طفل، و(184) سيدة.

رابط مختصر : http://bit.ly/2MDWzP2