حي البقعة مليء بالمنازل القديمة التي كانت ملكًا لفلسطينيين أُجبروا على تركها خلال النكبة-الجزيرة نت
القدس المحتلة-مركز العودة
سارت الفلسطينية هدى الإمام -وهي من أهل القدس- في حي البقعة غربي المدينة المحتلة، ورفعت هاتفها المحمول والتقطت صورًا لمنزل يغلب عليه اللون الأخضر وبه حديقة تعج بالأشجار.
قالت هدى الإمام -مؤسسة مركز دراسات القدس في جامعة القدس ومديرته السابقة- والدموع تغالبها “هذا البيت الأخضر، دار أبوي فريد الإمام، بناها في الأربعينيات لوالدته عائشة عويضة عشان تكون قريبة من دار أهلها دار عويضة وإخوتها”.
وبنى فريد الإمام -والد هدى- ذلك المنزل لأمه كي تكون على مقربة من عائلتها آل عويضة، الذين كانوا يمتلكون 3 منازل في الحي ذاته، وجميعهم ذهبوا للعيش في القدس القديمة خلال الحرب.
وحي البقعة مليء بالمنازل القديمة التي كانت ملكًا لفلسطينيين فروا أو أُجبروا على تركها خلال حرب عام 1948 (النكبة) في نهاية الحكم البريطاني وقيام دولة إسرائيل.
قالت هدى الإمام وهي تتحدث عن دار أبيها “بنشوف الشجر اللي زرعوه، شجر التين والليمون والياسمين، وكل ما آجي هون باشعر هيك، بيصير قلبي ينبض”.
وأوضحت هدى أنها تتذكر القهر الذي شعر به والدها عندما أخذهم إلى البيت لمشاهدته بعد أن استولت عليه سلطات الاحتلال.
وقالت “أبوي لما جابنا بعد حرب 67 يفرّجنا بيته اللي بناه لأمه، واللي بناه من عرق جبينه واضطر أنه يبيع أرض بشارع الزهراء عشان يقدر يبني هذا البيت اللي خسره وطُرد منه وقت النكبة”.
وسَعت هدى مرارًا للحصول على إجابات قانونية على أمل استعادة ممتلكات العائلة في القدس، لكنها واجهت قانونًا إسرائيليًّا عنوانه “قانون أملاك الغائبين”.
ويحدد القانون الأشخاص الذين طُردوا أو فروا أو غادروا البلاد بعد 29 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1947، ويرجع ذلك أساسًا إلى الحرب، إضافة إلى ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة وبشكل أساسي الأراضي والمنازل والحسابات المصرفية وما إلى ذلك باعتبارهم “غائبين”.
ويوضح المحامي الإسرائيلي (نسيم غره) أن كلمة “بلد” في نص القانون تشير إلى حدود دولة إسرائيل في ذلك الوقت (1948) وأي شخص خارج حدودها يُعد غائبًا.
وكان “قانون أملاك الغائبين” هو الأداة القانونية الرئيسية التي تستخدمها إسرائيل للاستيلاء على ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج، وممتلكات الأوقاف الإسلامية في أنحاء الدولة، وفق المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل (عدالة).
وحرصًا منها على إبقاء ذكرى منزلهم المفقود حية في نفوسهم، تزور هدى الإمام المنزل باستمرار إلى أن وجدت ذات يوم لافتة “للبيع” معلقة عليه.
وأُبلغت هدى بأن المنزل قيد التجديد والبيع، فتمكنت من أخذ بعض البلاطات الملونة القديمة التي أُزيلت من العقار وأعادت تثبيتها في بيتها الحالي بحي الشيخ جرّاح شرقي القدس المحتلة.
حوار مع المحتل
وتحكي هدى -بغضب- حوارًا دار بينها وبين الإسرائيلي المقيم في المنزل حاليًا، وقالت “بيقولي ما بعرفش إيش بالعبري: من أنتِ (بالإنجليزية)؟” وشرحت “قلت له: من أنت؟ بهاي الطريقة، أنت مين يعني أنت مين؟ قال لي: آه، لا بد أنك ابنة المالك السابق” قلت له “ليس مالكًا سابقًا، هو أبي، ونحن ما زلنا نملك هذه الدار.. فما الذي تفعله أنت هنا؟”.
وعن قصص أبيها والبيت المسلوب الموجود في حي البقعة، قالت هدى إنها أخذت بعض محتويات البيت القديم ومنها نوافذ وبلاط، ووضعته في بيتها بحي الشيخ جرّاح.
المصدر : رويترز