تضامن واسع مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ضد قرارات وزارة العمل

تضامن واسع مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ضد قرارات وزارة العمل

تصاعد الاحتجاجات في صفوف اللاجئين الفلسطينيين لبنان (أ ف ب)

أكدت قوى وفعاليات فلسطينية ومؤسسات حقوقية في داخل لبنان وخارجها تضامنها الكامل مع اللاجئين الفلسطينيين ضد إجراءات وزارة العمل اللبنانية، واصفة هذه الإجراءات بالعنصرية والتي لا تخدم الشعبين اللبناني والفلسطيني.

وطالب مركز العودة في رسائل بعث بها إلى سفارتي لبنان في لندن وجنيف، الأربعاء، الحكومة اللبنانية بإعادة النظر في إجراءاتها "التي تمارس شكلاً من التمييز ضد اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العمل والكرامة في البلاد".

وجاء في الرسائل المتطابقة، أنه "من غير المقبول أن تواصل الحكومة اللبنانية استهداف اللاجئين الفلسطينيين الذين يواجهون أصلاً تمييزًا تقره الدولة في العديد من القطاعات الاجتماعية والسياسية منذ عقود، في الوقت الذي تتسبب فيه الهجمات الإسرائيلية-الأمريكية على الأونروا بمزيد من عدم الاستقرار".

"إعلان حرب"

وقالت رابطة علماء فلسطين في لبنان، في بيان: إن إجراءات وزارة العمل "تعدّ بمثابة إعلان حرب على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بلقمة عيشهم ومستقبل أبنائهم".

وطالبت الرابطة القيادات اللبنانية والوطنية والإسلامية بوقف ما وصفتها بـ"المهزلة"، وتحديد موقفها تجاه القضية الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين.

ودعت رابطة علماء فلسطين، خطباء المساجد، "إلى بيان الموقف الشرعي والإنساني، وكشف الممارسات العنصرية وتداعياتها على العلاقة اللبنانية الفلسطينية".

وفي 6 يونيو/ حزيران الماضي، أطلقت وزارة العمل اللبنانية خطة لمكافحة اليد العاملة غير الشرعية بالبلاد، "للحد من ارتفاع نسبة البطالة محليًا".

واتخذت الوزارة اللبنانية تدابير أقرتها الخطة ومنها إقفال المؤسسات المملوكة أو المستأجرة من أجانب لا يحملون إجازة عمل، ومنع وإلزام المؤسسات التجارية المملوكة لأجانب بأن يكون 75 بالمائة من موظفيها لبنانيين.

وشملت هذه الإجراءات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذي يستضيف منذ سنوات عشرات الآلاف من النازحين السوريين.

وقوبلت هذه الإجراءات باحتجاجات شعبية واسعة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان، تستمر لليوم الثالث على التوالي، وسط تنديد واسع من قوى وفعاليات فلسطينية.

ويعيش 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا، في 12 مخيما و156 تجمعا بمحافظات لبنان الخمس، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية، عام 2017.

"قرارات جائرة"

وفي السياق، دانت قوى وأحزاب لبنانية وفلسطينية وفعاليات منطقة شمال لبنان، ما وصفوها "القرارات الجائرة"، التي صدرت عن وزارة العمل اللبنانية، مطالبين وزير العمل بالعودة عنها.

جاء ذلك في بيان صدر عن تلك القوى عقب انعقاد لقاء بدعوة من المنتدى القومي العربي في مدينة طرابلس.

وقال البيان، "إن مثل هكذا قرارات تصب في خدمة المشروع الصهيوأمريكي، وتساهم في تهجير الفلسطينيين وفي شطب حق العودة وفرض التوطين".

وشدد على ضرورة تفهم خصوصية اللاجئين الفلسطينيين والعمالة الفلسطينية في لبنان باعتبارها عمالة مقيمة "تزرع وتأكل وتنفق في لبنان وليست عمالة اجنبية وافدة تنطبق عليها القوانين اللبنانية".

وأكد البيان أن "هناك من يحاول ان يصور اللاجئين والعمل الفلسطينيين وكأنهم يخالفون القانون، وهذا كلام غير دقيق وتحريض على الفلسطينيين لتبرير اجراءات وزارة العمل الظالمة".

ودان مركز الجالية الفلسطينية الكندية والبيت الفلسطيني في بيان مشترك إجراءات وزارة العمل اللبنانية "بما تشكله من حرمان اللاجئين الفلسطينيين من أبسط حقوقهم الانسانية, وهو توفير لقمة العيش لعائلاتهم".

ووصف البيان تلك الإجراءات "بالظالمة والجائرة ضد شعبنا"، وطالب الحكومة اللبنانية والوزير المعني بالتراجع عن تلك القرارات.

مصير قاتم

كذلك، أعربت المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان "حقوق" عن قلقها إزاء مجريات تداعيات حملة وزارة العمل "التي إذا ما طبقت بحذافيرها، سوف يتأثر بها سلبًا أصحاب المصالح والعمال الفلسطينيين كما تتأثر بها مصالح لبنانيين، خاصة لناحية نسبة عمالة الأجانب الى اللبنانيين"، بحسب ما جاء في بيان صادر عن المنظمة.

وأضافت "حقوق" أن الاحتجاجات التي رافقت حملة وزارة العمل "أظهرت أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان غاضبون مما وصلت إليها أحوالهم المعيشية، وبالتالي يمكن استغلال الأمر سلبياً ممن يضمرون السوء للبنان وللاجئين الفلسطينيين".

وبناء على ذلك، رأت "حقوق" أن العلاج الأمثل مرحليًا، يكون بتبني الحكومة اللبنانية توصيات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني "رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان"، وإصدار المراسيم التطبيقية لها، أما الحل الاستراتيجي فهو باختصار كل التعقيدات بقانون واحد بسيط وواضح يساوي اللاجئ الفلسطيني بالمواطن اللبناني في الحقوق والواجبات فيما عدا موضوع الجنسية والمناصب التي تحتاج إلى ترشح وانتخاب، وما يُطلق عليه في لبنان وصف "الوظائف السيادية".

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف انتقد أيضًا "إجراءات الحكومة اللبنانية العنصرية التي تفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين وتتجاهل خصوصية قضيتهم".

واعتبرت مسؤولة الاتصال والإعلام في المرصد، سيلين يشار، أن قرار وزارة العمل اللبنانية وتنفيذ إجراءاتها الحالية يشير إلى تصنيفها العمال الفلسطينيين، خلافاً لتعديل القانونين 128 و129 اللذين أقرهما المجلس النيابي عام 2010، بأنهم عمال أجانب. في حين بروتوكول الدار البيضاء عام 1965 ينص على ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملة شعوبهم في إقامتهم وسفرهم وتيسير فرص العمل لهم مع احتفاظهم بالجنسية الفلسطينية.

وطالب الأورومتوسطي السلطات اللبنانية باحترام الاتفاقيات الدولية التي أقرت للاجئين حقوقهم الأساسية ومنها حرية العمل دون تقييد أو منع. كذلك حثت الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في مجال حقوق اللاجئين على ممارسة الضغط اللازم على السلطات اللبنانية لتمكين اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة أعمالهم بدون ملاحقة من قبل سلطات البلاد.

تشكيك بتصريحات وزير العمل

في المقابل، قال وزير العمل اللبناني، كميل أبو سليمان، الاربعاء، إنه يتفهم "معاناة اللاجئين الفلسطينيين"، وسيقدم "كل التسهيلات اللازمة بما يتعلق بالمستندات المطلوبة لحصولهم على إجازات العمل".

وذكر بيان لوزارة العمل اللبنانية، أن الوزير اللبناني تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الفلسطيني نصري أبو جيش، وتناول البحث أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وأعرب أبو سليمان لأبو جيش عن "تفهمه لمعاناة الشعب الفلسطيني".

وأكد أبو سليمان "تقديم كل التسهيلات اللازمة بما يتعلق بالمستندات المطلوبة لحصول الفلسطينيين على اجازات العمل كما ينص القانون اللبناني، وهي لا تكبدهم أي رسوم عملا بالتسهيلات الممنوحة لهم في القانون".

لكنّ لجنة المتابعة الفلسطينية عدّت تصريحات وزير العمل "كلام غير صحيح وهو محاولة لقتل الحراك الشعبي في المخيمات".

وأضافت اللجنة في بيان مكتوب، الأربعاء، أن "وزير العمل متمسك بقراراته وهو يرفض التراجع عنها بحجة أنه يطبق القانون".

وأشارت إلى رفض وزير العمل مقترح لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني لتأجيل هذه القرارات لمدة ستة أشهر.

رابط مختصر : http://bit.ly/2JM6CPp