مخيم جنين.. نزوح فلسطيني جديد

مخيم جنين.. نزوح فلسطيني جديد

العدوان العسكري يجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح من منازلهم-الأناضول

 أهالي مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة الغربية يعيشون اليوم مشهد نكبة 1948 من جديد جراء عمليات إسرائيل العسكرية الجارية حاليا.

السكان خرجوا من منازلهم ومعهم أموالهم وبعض حاجاتهم البسيطة، تاركين كل ما يملكون جراء استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية.

على المدخل الرئيسي للمخيم حيث مستشفى "خليل سليمان" الحكومي يتوافد السكان منذ ساعات الليل بعضهم يمشي حاملا أطفاله وآخرون بواسطة سيارات إسعاف جمعية "الهلال الأحمر" الفلسطيني. يقولون إنها أسوأ أيام حياتهم.

على مدار الساعة تسمع أصوات المسيرات الإسرائيلية في سماء جنين وبين فترة وأخرى تدوي أصوات الانفجارات والرصاص حي.

واكتست شوارع المدينة القريبة من المخيم بالسواد، ويعم الإغلاق كل مناحي الحياة فيها.

 

لجوء جديد

تقول سيدة تدعى أم علاء (65 عاما) "نعيش اليوم نزوحا ولجوءا من جديد عشناه عام 1948 (في إشارة إلى النكبة الفلسطينية) وفي عملية (السور الواقي) عام 2002".

وتضيف للأناضول: "سنبقى صامدين لن ننكسر وسنعود يوما ما إلى قريتنا ’المنسي’ (احتلتها إسرائيل عام 1948) قرب حيفا داخل أراضي الـ 48.

وتوجهت السيدة ومعها عائلتها إلى مدينة جنين وتساءلت "إلى متى سنبقى مهجرين هكذا؟".

علاء أبو زيد شاب في 23 من عمره، فر بوالدته العجوز هاربا من الدمار في المخيم ولجأ إلى مستشفى جنين الحكومي.

يقول أبو زيد للأناضول: "والدتي سيدة كبيرة في العمر لا تستطيع المشي، جررتها في شوارع المخيم حتى وصلنا إلى هنا".

ويشير إلى أن عائلته "عاشت يوما من الجحيم داخل المخيم جراء العمليات الإسرائيلية".

ويلفت إلى أن الجيش الإسرائيلي "احتجز عائلتي وجيراني في بيت واحد لنحو 20 ساعة، وتحول بيتي إلى ثكنة عسكرية تضم نحو 300 جندي إسرائيلي"، يكاد الشاب يبكي ويقول: "تركنا كل شيء خلفنا".

ويعتبر أبو زيد أن "طريق النزوح من وسط المخيم نحو المدينة أكثر وجعا بفعل المناظر والدمار".

ويتابع: "المخيم مدمر (..) المحال التجارية حرقت والبيوت دمرت والمركبات تحطمت، لم يبقَ شيء على حاله".

 

20 ساعة من الرعب

وفي إحدى زوايا المستشفى تجلس عائلة الفلسطيني خالد كمال (47 عاما) في وضع صعب للغاية.

يبدو الخوف على وجوه النساء والأطفال، يرفض أحد أطفالهم الوقوف أمام الكاميرا، تقول والدته إنه "عاش وضعا صعب".

ويقول الزوج خالد للأناضول: "لم يمضِ على وصولنا إلى المستشفى ساعة، عشنا نحو 20 ساعة من الرعب جراء اقتحام الجيش الإسرائيلي للمنزل".

ويقع منزل خالد بجوار مسجد "عبد الله عزام" وسط المخيم.

ويشير خالد إلى أن الجيش "حول منزلي إلى نقطة اعتقال وتحقيق للسكان، واستراحة لجنوده بعد احتجاز عائلتي في غرفة صغيرة دون أي مقومات حياة".

ويضيف: "عاش أطفالي الثلاثة حالة من الرعب والخوف، لم يسمح لنا بحرية الحركة في المنزل".

وبعد 20 ساعة من الاحتجاز وجد خالد نفسه وحيدا وسط المخيم بعد نزوح كافة السكان.

ويقول: "ليس خوفا من الاحتلال لكن حفاظا على الأطفال خرجنا".

ويلفت خالد، إلى أن "سيارة إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أخرجتنا من وسط المخيم".

ويكمل: "المخيم دمر، في طريقنا للنزوح تم قصف منازل شاهدنا ذلك بأم أعيننا، عشنا لحظات رعب وموت حقيقي".

وعايش خالد عملية "السور الواقي" الإسرائيلية وتدمير المخيم في 2002 لكنه يقول "إن ما يجري اليوم قد يكون أقسى".

 

تهجير قرابة 4 آلاف فلسطيني

وكان رئيس بلدية جنين نضال العبيدي قال للأناضول في اتصال هاتفي، إن الجيش الإسرائيلي هجر قرابة 4 آلاف فلسطيني ويحاصر نحو 13 ألفا آخرين في مخيم جنين، في وقت تواصل فيه مصر مساعيها "لوقف العدوان".

وأضاف: "الليلة الماضية (الاثنين/ الثلاثاء) تم ترحيل الناس من بيوتها، ما لا يقل عن 4 آلاف مواطن هجروا من بيوتهم في مخيم جنين".

ووصف العبيدي الوضع الإنساني في المخيم بأنه "كارثي وما حدث أشبه بزلزال، ويعيد الذاكرة إلى أيام النكبة (1948) هدم وتجريف البنية التحتية والبيوت، انعدام المياه والغذاء الصرف الصحي".

وأردف أنه "علم من مصادر فلسطينية أن مصر تبذل جهودا لوقف العدوان" دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل.

وأشار العبيدي إلى أن "عشرات المنازل والمباني هدمت أو جرى تخريبها من قبل الجيش الإسرائيلي وجرافاته".

وأوضح أن "الجنود (الإسرائيليين) يتنقلون داخل المخيم من خلال إحداث فتحات في جدران المنازل والانتقال من خلالها من منزل إلى آخر، ولا أحد يستطيع إحصاء المنازل المدمرة".

وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ارتفاع حصيلة ضحايا العملية الإسرائيلية المستمرة على مدينة جنين ومخيمها إلى 10 شهداء وأكثر من 100 جريح.

الأناضول

رابط مختصر : https://prc.org.uk/ar/news/5832