مراقبان: الأزمة المالية للأونروا تجعل الخطر على مستقبلها قائمًا

مراقبان: الأزمة المالية للأونروا تجعل الخطر على مستقبلها قائمًا

لاجئون يحتجون على تقليص خدمات الأونروا مع تفاقم أزمتها المالية-صورة أرشيفية

يرى مراقبان في اقتراض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من مؤسسة أممية أخرى لسد العجز في ميزانيتها يعني أنَّ الجهد الإسرائيلي الأمريكي المبذول لإنهائها لا يزال قائمًا، وشدّدا على أن الرغبة الدولية في بقائها يجب أن يصاحبه بدعم مالي ثابت يضمن تغطية نفقاتها كافة.

وكانت "الأونروا" قد أعلنت قبل أيام عن اقتراض (30) مليون دولار من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) لدفع رواتب الموظفين حتى نهاية العام 2019.

إنهاء عملها

ويقول المختص بشئون اللاجئين عصام عدوان إنه ومنذ توقيع اتفاق أوسلو كان ثمة توجهات لدى المجتمع الدولي والدول المانحة لإنهاء عمل "الأونروا"، فوقعت اتفاقيات عدة شبه رسمية كالتي عرفت باسم وثيقة "عباس – بيلين"، و"ياسر عبد ربه – بيلين" تتمحور حول إنهاء عمل المؤسسة الأممية وتسليم مهامها للدول المضيفة مع تعويض تلك الدول.

ويوضح عدوان لصحيفة فلسطين الصادرة من غزة، أن الذي منع "تطبيع تلك الاتفاقيات هو استدراكهم لفظاعة المشهد" إذا ما توقفت "الأونروا" فجأة عن عملها وتصدي اللاجئين الفلسطينيين لأي تقليصات وتراجع في خدماتها مما جعلهم ينتهجون التدرج في عملية تصفية وجود هذه المؤسسة.

كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أكد أمام مؤتمر الداعمين الرئيسين لـ"الأونروا"، الذي عقد على هامش أعمال الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، أنه "إذا تم تغيير تفويض الوكالة والحد منه عند تجديده (...) فستدفع البلدان المضيفة واللاجئون أنفسهم الثمن الأعلى".

وعد عدوان تصريح غوتيريش إقرارًا سياسيًّا بضرورة الإبقاء على "الأونروا"، ولخص فيه مخاوف المجتمع الدولي في حال تقليص خدماتها تدريجيًّا لإنهاء عملها أو تضييق موازناتها.

ويشير إلى أن "الأونروا" ومنذ التأسيس لا تتبع ميزانيتها للأمم المتحدة بل قائمة على تبرعات الدول المانحة والتي كان أكبرها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أن جاء دونالد ترامب بما يسمى بـ"صفقة القرن" القائمة على خطط اقتصادية تخدم أهدافًا سياسية أولها إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين.

ويضيف عدوان: "لو غفل الفلسطينيون لحظة عن التقليصات التي قد تطال قطاعات كبيرة داخل الأونروا، ولم يقرعوا جرس المخاطر فسيتزايد حجم التقليص بما يخدم توجهات أمريكا وإسرائيل".   ويتابع: "منذ نشأتها وهي تتدبر أمورها بشكل سنوي عن طريق التبرعات بشكل نابع من اقتناع العالم بضرورة بقائها واستمرار تقديم خدماتها.

وتواجه "أونروا" أزمة مالية كبيرة؛ إثر القرار الأمريكي في 31 أغسطس/ آب 2018، بوقف التمويل كليًا، والذي وصل إلى (368) مليون دولار في عام 2016 وكان يمول ما يقرب من 30٪ من عملياتها في المنطقة.

ويرى عدوان أن استمرار العجز والحديث الدائم عنه ولجوء "الأونروا" للاقتراض يهدف لجعل اللاجئين في حالة تأهب دائم لوقف خدمات المؤسسة الأممية في أي لحظة.

تأثر الخدمات

بدوره، يؤكد رئيس المكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في مخيمات قطاع غزة، خالد السراج أن أزمة الأونروا المالية باتت حجة مع عدم استقرار المنطقة سياسيًّا، وكذلك لعدم انتظام موازنات الأمم المتحدة.

ويتوقع السراج خلال حديثه للصحيفة ذاتها، أن تؤثر عمليات الاقتراض ليس على الرواتب فحسب بل على خدمات "الأونروا" الصحية والاجتماعية كذلك، لافتًا إلى أن تردي أوضاع قطاع غزة الاقتصادية دفعت الناس للتزاحم على مساعدات المؤسسة الأممية الاجتماعية والصحية.

ويرى أن الأمر لن يقف عند تأثّر الخدمات سلبًا بل سيؤدي لعدم قدرة "الأونروا" على جودتها بما يتناسب مع الزيادة السنوية لأعداد اللاجئين.

وأبدى السراج أسفه لعدم التزام الدول المانحة بما وافقت عليه في مؤتمر نيويورك قبل شهرين من التزامات مالية تجاه الأونروا، ما يجعل من تجديد التفويض لـ"أونروا" مؤخراً تأييدًا دوليًّا دون إجراء عملي لإنقاذها من أزمتها المالية.

ونبه إلى ضرورة التزام الدول المانحة والأمم المتحدة بميزانية ثابتة لـ"الأونروا" أسوة بباقي المؤسسات الأممية، لمنع تعريبها، وكجزء من التزام هذه الدول بالحق الإنساني والتاريخي للفلسطينيين عما عانوه منذ النكبة.

ترجمة الدعم

بدورها، أكدت الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين ضرورة ترجمة الموقف المعنوي والسياسي الساحق في قرار اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة لـ"الأونروا" إلى دعم مالي كافٍ يكون قادرًا على سد العجز المالي للوكالة لهذه السنة (89 مليون دولار).

وشددت الهيئة في بيان صحفي على "ضرورة تغطية جميع الخدمات الصحية والتعليمية وبقية الخدمات وبنسبة 100%، حتى التراجع عن القرارات التقشفية، لا أن تصل إلى مرحلة الاقتراض وهي في ذروة حصولها على دعم 170 دولة".

ولفتت إلى أنه إذا استمر الوضع المالي بهذه الطريقة حتما فنتوقع إجراءات تقشفية جديدة على حساب الخدمات المقدمة لأكثر من (6) ملايين لاجئ.

ورأت الهيئة أن ما يجري حاليًّا هو "تكثيف الجهد الدبلوماسي الأمريكي والإسرائيلي لإفشال عمل الأونروا، لتحويلها إلى وكالة شكلية غير فاعلة لا حول لها ولا قوة، وحتى لو تم التصويت لاستمرار عملها كل ثلاث سنوات، وبغض النظر عن عدد الدول التي ستصوت لها".

وقالت: "المخطط يقوم على أن يجري - تدريجيَّا - انتقال الخدمات إلى الدول المضيفة من خلال التدرج في تجفيف مصادر تمويل من جهة، وتوفير الدعم المالي لتلك الدول وللمؤسسات الأهلية التي ستقدم الخدمات البديلة أولاً بأول".

رابط مختصر : http://bit.ly/2NZGvYJ