قوبل إعلان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، يوم الإثنين، أن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة "مخالفة للقانون الدولي"، بتنديد فلسطيني وعربي ودولي واسع.

فقد حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من أن هذا التغيير المؤسف في الموقف الأميركي "من شأنه أن يدفع المستوطنين إلى ممارسة المزيد من العنف والوحشية ضد الفلسطينيين، ويقوض أي احتمال لتحقيق السلام العادل القائم علي انهاء الاحتلال في المستقبل القريب عبر جهد أميركي".

وأضاف أبو الغيط في تصريح صحفي، أن "مواقف الإدارة الأميركية على مدار العامين الماضيين باتت انعكاسًا للمرآة الأيديولوجية لليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يتبنى فكرة إسرائيل الكبرى"، مشددًا على أن "مناصرة الولايات المتحدة لمثل هذا النهج لن يجلب لإسرائيل أمنًا أو سلامًا أو علاقات طبيعية مع الدول العربية مهما طال الزمن".

انتهاك صارخ

وقال رئيس البرلمان العربي، مشعل السلمي، إن الإعلان الأمريكي يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي، خاصةً القرار رقم (2334) بشأن رفض الاستيطان، والذي نص على عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967م، وطالبها بوقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس باعتبارها أراضٍ محتلة.

وشدد السلمي في تصريح صحفي، على أن هذا الإعلان يُعدُ باطلًا ولا يترتب عليه أي أثر قانونيّ، ولا يمنح أية شرعية للاستيطان الإسرائيلي.

وأكدت منظمة التعاون الإسلامي في بيان أن هذا الموقف الأميركي المنحاز للاحتلال الإسرائيلي والذي يعتبر تحدياً للإجماع الدولي لن ينشئ حقاً ولن يكتسب شرعية، ومن شأنه تقويض سيادة القانون الدولي والجهود الدولية لإحلال السلام القائم على رؤية حل الدولتين.

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد حافظ، في تصريح صحفي، على الموقف المصري من الالتزام بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي فيما يتعلق بوضعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، باعتبارها غير قانونية وتتنافى مع القانون الدولي.

وفي بيان صحفي، قالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، إن الموقف الأميركي يشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي وخرقا لقرارات الأمم المتحدة حول الوضع القانوني للأراضي المحتلة.

كذلك أعلنت كل من ألمانيا وتركيا وسويسرا وروسيا والصين في مواقف رسمية صدرت، الثلاثاء، أن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة، وتشكل عقبة رئيسية أمام السلام وتنفيذ حل الدولتين.

ودعت تلك البلدان إسرائيل إلى وقف جميع الأنشطة الاستيطانية، وفقاً لالتزاماتها كسلطة محتلة.

ولا يعترف المجتمع الدولي بالمستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي العربية المحتلة منذ العام 1967م ويصفها بـ"غير الشرعية".

وفي السياق، أكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، موقفه الثابت بأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل انتهاكا للقانون الدولي.

ورفض المتحدث باسم المكتب روبرت كولفيل في مؤتمر صحفي بجنيف، إعلان الإدارة الاميركية عن تأييدها للبناء الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة المحتلة، وتخليها عن موقفها القائم منذ أربعة عقود بأن "المستوطنات تتعارض مع القانون الدولي".

تحركات بمجلس الأمن

في هذه الأثناء، قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الامم المتحدة رياض منصور، إنه بدأ بمشاورات مع أعضاء مجلس الأمن، بدءاً بالعضو العربي في المجلس دولة الكويت، لحشد المواقف الدولية للتصدي للإعلان الاميركي غير القانوني، بشان المستوطنات.

وبين أنه بعث برسائل منددة للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن (بريطانيا)، ورئيس الجمعية العامة، تتضمن موقف دولة فلسطين، مضيفًا أن مجلس الأمن سيعقد جلسة يوم الاربعاء، حول القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الموقف الاميركي المنافي للقانون والشرعية الدولية، سيكون محور النقاش في هذا الاجتماع.

كذلك دعا المجلس الوطني الفلسطيني، إلى تقديم شكوى جديدة إلى محكمة العدل الدولية ضد إدارة ترمب في أعقاب إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.

وفي السياق، استهجنت فصائل ومؤسسات فلسطينية رسمية وغير رسمية اعلان بومبيو اعتبار الاستيطان لا يخرق القانون الدولي، مؤكدة أن هذه التصريحات ليس لها أية صلاحية قانونية.

وشدد الفصائل والمؤسسات على أن هذا الإعلان لن يعطي شرعية للمستوطنات كونها مخالفة للقوانين الدولية، ولن يؤثر على نضال الفلسطينيين المتواصل لإزالة كل المستعمرات وتحقيق الحرية والاستقلال.