مخلفات المستوطنات تحول حياة الفلسطينيين إلى جحيم بالضفة الغربية

مخلفات المستوطنات تحول حياة الفلسطينيين إلى جحيم بالضفة الغربية

دخان ينبعث من منطقة صناعية استيطانية قرب أريحا بالضفة الغربية-الجزيرة نت

تغلق عائلة عمار بركات الفلسطينية أبواب ونوافذ منزلها قبل ساعات العصر، حيث يختلط الهواء النقي بالدخان المنبعث من حرق نفايات مصانع مستوطنتي "بركان" و"ارئيل" بالضفة الغربية المحتلة بشكل عشوائي.

يبعد بيت بركات عشرات الأمتار فقط عن مصانع هاتين المستوطنتين، والتي تلوث محيط قرى محافظة سلفيت الـ18، والتي يعيش فيها ما يقارب 77 ألف مواطن فلسطيني.

وتقول المواطنة أنعام بركات "37 عاما" من سكان بلدة بروقين غرب سلفيت: "يعاني أطفالي منذ 5 سنوات من حساسية جلدية وفايروسات، يشخصها الأطباء على أنها بسبب مكان اقامتنا الحالية والتلوث الموجود فيها".

وتضيف وفق تقرير نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا": "في الشتاء تفيض المياه العادمة المتدفقة من المستوطنات على منازلنا، ما يجبرنا على تشغيل المراوح الكهربائية لتغيير الروائح الكريهة".

ويعاني سكان سلفيت من مصادرة سلطات الاحتلال أراضيهم لصالح المستوطنات، إلى جانب التلوث نتيجة إحاطة المحافظة بمستوطنات صناعية على غرار "بركان"، والتضييق على المزارعين، ما أفقد المحافظة معنى اسمها "سلة التين".

وتعد سلفيت مثالاً حياً لانتهاكات الاحتلال الخطيرة في المجال البيئي، فحسب دراسة أصدرتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (فلسطينية) لعام 2018، بعنوان "التلوث البيئي بفعل المناطق الصناعية ومكبات النفايات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، سلفيت نموذجا"، تعد المحافظة من أكثر المحافظات التي تم استهدافها من قبل الاحتلال، حيث أقيمت على أراضيها 24 مستوطنة وبؤرة استيطانية ما بين صناعية وسكانية، يقيم فيها حوالي 51.000 مستوطن، وأقيمت على مساحة تقدر بـ 18.890 دونما، ويتم استخدام مساحات كبيرة من أراضي المواطنين الزراعية فيها كمكبات للنفايات الصلبة والسائلة من مخلفات المستوطنات ومناطقها الصناعية في 17 موقعاً من المواقع المسموح الوصول إليها في المحافظة، وهذا يمس بشكل مباشر 8 تجمعات سكانية في مختلف مناطق المحافظة.

وتشير تقارير سلطة جودة البيئة الفلسطينية إلى انتشار 17 موقعاً للنفايات الصلبة والسائلة (الخاصة بالمستوطنات)، منها 7 مواقع لنفايات صلبة، و 10 مواقع لنفايات سائلة في محافظة سلفيت.

وأوضح مدير سلطة جودة البيئة في محافظة سلفيت مروان أبو يعقوب أن مياه الينابيع أصبحت غير صالحة للشرب، نتيجة تلوث الأودية بالمياه العادمة المتدفقة من المستوطنات المقامة على أراضي المحافظة، الأمر الذي فاقم من مشاكل تكاثر البعوض الناقل للأمراض مثل بعوض النمر الآسيوي وذبابة اللشمانيا.

وفيما يتعلق بالمستوطنات الصناعية يقول أبو يعقوب: "يتم تهريب نفايات المستوطنات الصناعية والانشائية في أراضي المحافظة المحاذية للمستوطنات، حيث تم ضبط العديد من الشاحنات المحملة بالنفايات الانشائية الصلبة والسائلة مصدرها مستوطنتي "ارئيل" و"بركان" الصناعيتين، مؤخرا.

وبحسب مؤسسة الحق فإن أربعة من تسعة من مصادر المياه الأساسية التي يستخدمها المواطنون الفلسطينيون في بعض مناطق محافظة سلفيت للزراعة والرعي، تلوثت بفعل المياه العادمة القادمة من المستوطنات.

وأفقدت المستوطنات وما تسببه من تلوث عائلة بركات العديد من مقومات الحياة الأساسية.

ويقول عمار بركات: "حتى الأرض لم تعد قادرة على العطاء، وأصيبت الأشجار المثمرة بتلوث نفايات المستوطنات، ولم نعد تستطيع زراعة أي نوع من الخضرة والفواكه خوفا من التسمم".

وأضاف بركات "لا نستطيع التنفس، ولا نقدر على استقبال الضيوف في المنزل نتيجة الرائحة الكريهة المنبعثة من نفايات المستوطنات المحترقة والأدخنة المنبعثة منها. الحياة قرب هذه المستوطنات لا تطاق أبداً. لكن ليس لدينا مكان آخر للذهاب اليه، هنا أرضنا ورزقنا وأسباب بقائنا، لا أستطيع مغادرة هذا المكان، هنا ولدت وكبرت وولد أبنائي".

من جهته، يقول مدير جمعية الهيدرولوجيين الفلسطينيين عبد الرحمن التميمي إنه "خلال العشر سنوات الأخيرة ارتفعت وتيرة المصانع الصناعية في الأراضي الفلسطينية، حيث تغلق بعض المصانع في اسرائيل لأنها تلوث البيئة، وتنقل نشاطها إلى الأراضي الفلسطينية. وتنتج هذه المصانع الملوثات وخاصة المعادن الثقيلة الناتجة عن مصانع الأسمدة والمبيدات، التي تؤثر على الإنسان والحيوان والنبات".

رابط مختصر : http://bit.ly/2DLBIE7