تزايدت في السنوات الأخيرة عمليات التهويد التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية في فلسطين عامة وفي القدس خاصة. فكل الانتهاكات التي حدثت مؤخرا من هدم لقرى النقب، وإبعاد لنواب القدس، وسحب لتراخيص البناء كلها تندرج في هذا الإطار، كذلك ما يحدث اليوم في حي الشيخ جراح من مصادرة للبيوت والأراضي وطرد سكانها المقيمين فيها.
إن مركز العودة إذ يدين هذه السياسة الاحتلالية الجائرة، يعتبر أن هذه الإجراءات تؤدي إلى خلق لاجئين جدد، مما يمثل اٍستمرارا لعملية التهجير القسري التي تتبعها إسرائيل منذ نشأتها تجاه الشعب الفلسطيني، كما أن هذا الإجراء الذي يجري على أرض القدس المحتلة يشكل جريمة حرب واضحة حسب الإتفاقيات والقوانين الدولية.
فبحسب المادة 49 من إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 "يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الإحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة أيا كانت دواعيه".
وأما البند 4 للمادة 85 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 لإتفاقية جنيف المذكورة فينص صراحة على حماية المدنيين من الإبعاد والترحيل ويعتبر مخالفة هذه الأعمال بمثابة إنتهاكات جسيمة لهذا البرتوكول. بل إن الفقره 5 من المادة 85 المذكورة جاءت لتبين الوصف القانوني للإنتهاكات الجسيمة واعتبرتها جرائم حرب.
كما وتنص المادة 17/2 من البروتوكول الثاني لعام 1977 الملحق بإتفاقية جنيف السابقة على أنه لايجوز إرغام الأفراد المدنيين على النزوح عن أراضيهم لأسباب تتصل بالنزاع.
وفيما يخص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 فتنص المادة 12 منه على أنه " لا يعرّض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات".
وبخصوص إتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 فتنص المادة 46 من اللائحة الملحقة بها على أنه ينبغي إحترام شرف الأسرة وحقوقها، وحياة الأشخاص والملكية الخاصة.... "ولا تجوز مصادرة الملكية الخاصة". وبالتالي فإن عدم إحترام هذه المادة يشكل مخالفة لإتفاقية جنيف واللوائح الملحقة بها.
أما النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فقد اعتبر عملية الإبعاد والنقل القسري للسكان جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. وبهذا الصدد تنص المادة 7/1/د من هذا النظام على أن إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان يشكل "جريمة ضد الإنسانية". وبالتالي فإن ما يحدث في حي الشيخ جراح هو عبارة عن جريمة أخرى تضاف إلى سجل هذا الكيان الإجرامي الذي يتبنى سياسة التطهير العرقي والتهجير القسري منذ نشأته على أرض فلسطين عام 1948.
إن مركز العوده إذ يدين مثل هذه الإجراءات التي تهدف الى تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين، ليذكر بأن هذه السياسة لن تنجح في تفريغ فلسطين من أهلها الأصليين، والدليل على ذلك أن اللاجئين الفلسطينين الذين هجروا قسرا من ديارهم منذ بداية القرن الماضي والذين يبلغ عددهم الأن حوالي ثمانية ملايين لاجىء لا يزالون يعدون الدقائق حتى يعودوا وأبنائهم إلى ديارهم التي هجروا منها.