افتتح يوم الثلاثاء 04 آذار/ مارس 2003م في البرلمان البريطاني أسبوع جنين الذي يقيمه مركز العودة الفلسطيني بالتعاون مع المجلس الإسلامي البريطاني MCB بعرض النسخة الإنجليزية من فيلم "جنين" الذي أنتجه المركز وأخرجه المخرج الفلسطيني إياد الداود وكذا تقديم كتاب "البحث في جنين" الصادر في الولايات المتحدة الأمريكيّة لكاتبه الصحفي الفلسطيني رمزي بارود.
تمّ تنظيم النشاط بمقرّ مركز العموم البريطاني وحضره جمع غفير من النواب البرلمانيين والأكاديميين البريطانيين وبعض الدبلوماسيين العرب الذين تفاعلوا كثيرا مع فقرات البرنامج المتنوّعة.افتتح الحفل بكلمة لماجد الزير مدير المركز، مؤكّدا على أهمية توثيق الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني.
وفي نفس الإطار أكّد الأستاذ ماجد الزير على أهمية الأسبوع من حيث هو مساهمة من النشطين من أجل القضية الفلسطينية لإحياء ذكرى جنين ونفض الغبار عنها، بعد أن تآمرت بعض القوى عليها ساعية إلى رميها على رفوف النسيان، وعجزت الأمم المتحدة حتى عن إرسال بعثة لتقصّي الحقائق.
وفي كلمته إلى الحضور أشاد السيّد إقبال سكراني بالدور المميّز الذي يلعبه مركز العودة الفلسطيني على صعيد مناصرة حقوق الشعب الفلسطيني وخصوصا حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، مؤكّدا وقوف المجلس إلى جانب الشعب الفلسطيني.
كما طالب السيّد إقبال سكراني الذي تعدّ المؤسسة التي يرأسها صاحبة التمثيل الرسمي للمسلمين في هذا البلد، طالب الحكومة البريطانيّة بالتحلّي بالإنصاف في التعامل مع قضايا العالمين العربي والإسلامي. وأشار إلى المفارقة العجيبة بين الدعوة إلى محاربة الإرهاب، والدعم المتواصل الذي تلقاه إسرائيل رغم أنّها أكبر من يمارس الإرهاب ضدّ شعب فلسطين الأعزل.
تلا هاتين الكلمتين عرض لفيلم جنين الذي أنتجه مركز العودة الفلسطيني وأخرجه الأستاذ إياد الداود. وقد لوحظ اهتمام شديد من الحضور بالفيلم الذي ركّز على مشاهد المأساة والبطولة في جنين، وأوصل للعالم رسالة من مخيّم جنين مفادها أنّ سكّان المخيّم لن يغادروه تحت أيّ ظرف كان وأنّ أخطاء دير ياسين لن تتكرّر كما أنّ دولة فلسطين تأسست في جنين. الحضور تأثروا كثيرا بشهادات سكان المخيّم وقد بكى الكثيرون لمشهد طفل يحكي قصّة استشهاد أمّه
وإثر عرض الشريط ترأس الجلسة البرلماني البريطاني ريتشارد بيردن رئيس لجنة كلّ الأحزاب من أجل فلسطين، وهو من المناصرين المعروفين لقضية فلسطين خصوصا وقضايا العالم العربي عموما. وقد أشار النائب البريطاني إلى أهمية عقد اللقاء منوّها برسالة الشريط وداعيا إلى مناصرة قضية شعب فلسطين، ومتألما لوضع أطفال فلسطين الذين لم تتح لهم فرصة العيش في سلام بسبب الإجرام الصهيوني.
وفي معرض تعليقها على الفيلم أكّدت النائبة آن كلويد مسؤولة لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان البريطاني وإحدى أوائل الرسميّين العالميّين الذين زاروا مخيّم جنين بعد أحداث أبريل الأخيرة، أكّدت على ضرورة العمل على كشف حقيقة ما تمّ في جنين، داعية إلى ممارسة الضغط على الحكومة والمؤسسات الدولية للاعتراف بأنّ ما تمّ في جنين كان جريمة حرب لا يجب السكوت عليها
وفي كلمته للجمهور أشار الأستاذ إياد الداود وهو مخرج فلسطيني شاب أنتج أفلاما عديدة عن فلسطين ولعلّ أهمّها فيلم "عودة" الذي أنتجه مركز العودة أيضا وحاز على الجائزة الفضيّة بمهرجان القاهرة التلفزيوني، أشار إلى أنّ جنين تعدّ تواصلا لدير ياسين من حيث المأساة وتشابه ملابسات الجريمة التي وقعت، ولكنّ جنين أيضا سطّر ملحمة أشبه بالأسطورة، مؤكّدا أنّ الشعب الفلسطيني أرسل من جنين رسالة واضحة مفادها أنّه شعب "لا يهوى الموت ولا يحترف التفجير، ولكن إذا كان عليه الدفاع عن نفسه ضدّ الإبادة فإنّه سيّد موقف وصاحب بطولة". وتمنّى في نهاية كلمته أن "تتوقف هذه الأحداث الأليمة كي يتفرّغ المبدع الفلسطيني إلى صناعة أفلام من نوع آخر تسجّل لحظات انتصار الإنسانيّة وتؤسّس لسينما الأمل والاستقرار
أمّا الكاتب الصحفي الفلسطيني رمزي بارود -محرّر نشرة Palestine Chronicle على الإنترنت- فقد كانت كلمته مؤثّرة عاد فيها إلى ملابسات إعداد الكتاب وكيف أنّ مسألة الحصول على شهادات سكّان المخيّم لم تكن أمرا هيّنا بل تخلّلته فترات عصيبة ومؤثّرة. وكان من أبرز اللحظات المؤثرة في اللقاء تلك التي لم يتمالك الأستاذ رمزي بارود نفسه وهو يحكي قصّة محمود عمرو الذي التقاه في أحد مستشفيات الأردن بعد أن أصيب مرتين في جنين، وطلب إليه أن يكتب ماذا يريد أن يفعل عندما يعود إلى فلسطين فكتب:"إذا عدت إلى جنين فأتمنى أن أدافع مجددا عن أرضي". ولكنّ أقدار الله تشاء أن لا يعود محمود إلى أرض فلسطين وأن يموت متأثّرا بجراحه بعد وقت قصير من مقابلته مع الكاتب.
ومعلوم أنّ نشاط أسبوع جنين يستمرّ على مدى الأيام القادمة بعرض يوم الإربعاء 5 مارس في مدينة جالواي الإيرلندية ثم الخميس في العاصمة الإيرلندية دبلن والجمعة في مانشستر والسبت في جلاسكو- أسكتلندا والإثنين في إدنبره في مقرّ البرلمان الأسكتلندي ليختتم الأسبوع بنشاط في جامعة إمبريال Imperial College يوم الثلاثاء القادم.
كما وتجدر الإشارة إلى أنّ مركز العودة يعدّ لعقد مؤتمر دولي عن "بريطانيا والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني" بتاريخ 23 أبريل 2003م.
.