انعقد مؤتمر فلسطينيي أوروبا الحادي عشر، تحت شعار "هلّت بشائر العودة"، في الثامن عشر من أيّار/ مايو 2013، في عاصمة الوحدة الأوروبية بروكسيل. وقد شارك في أعمال المؤتمر، آلاف الفلسطينيين الذين توزّعوا على وفود وجماهير جاءته من شتى أرجاء القارّة الأوروبية في الذكرى الخامسة والستين للنكبة، وبحضور قيادات وشخصيات فلسطينية بارزة وفاعلة من الوطن المحتل وخارجه، علاوة على حشد من الشخصيات العامّة وممثلي المؤسسات وقطاعات المتضامنين، العربية والإسلامية والأوروبية.وقد نظّمت هذا المؤتمر الحادي عشر، الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي أوروبا، ومركز العودة الفلسطيني، بالاشتراك مع مؤسسات فلسطينية من أرجاء أوروبا.ويجدِّد مؤتمر فلسطينيي أوروبا الحادي عشر، التمسّك بما ورد في مقرّرات مؤتمرات فلسطينيي أوروبا السابقة، في انعقادها في لندن (2003)، وبرلين (2004)، وفيينا (2005)، ومالمو (2006)، وروتردام (2007)، وكوبنهاغن (2008)، وميلانو (2009)، وبرلين (2010)، وفوبرتال (2011)، وكوبنهاغن (2012).وخلص المؤتمر في ختام أعماله إلى المقرّرات التالية، الصادرة باسم المجتمعين فيه: أولا: نؤكد أنّ الفلسطينيين في المنافي الأوروبية هم جزء من شعبهم الفلسطيني أينما كان، وأنهم يواصلون بجميع أجيالهم التشبّث بحقّهم في العودة إلى أراضيهم وديارهم التي هُجِّروا منها في فلسطين ولا يقبلوا بديلاً عنها. ونشدِّد على أنّ حقّ العودة غير قابل للنقض أو الإجتزاء أو الالتفاف عليه أو التحوير، فالعودة حقّ جماعي وفرديّ لا رجعة عنه، وسيواصل شعبنا الكفاح حتى انتزاعه . ثانيا: نُعرب بعد خمس وستين سنة من النكبة، عن اعتزازنا العميق، بصمود شعبنا الفلسطيني وتضحياته الكبيرة، من الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين، دفاعاً عن وطنه ودياره ومقدّساته، وذوْداً عن حقوقه وحريّته وكرامته، وعبوراً بقضيّته إلى آفاق تنفتح على العودة وتقرير المصير، والخلاص من الاحتلال. ثالثا: ندقّ ناقوس الخطر تحذيراً من الانتهاكات الصارخة التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق القدس ومقدّساتها ومعالمها، وضد المقدسيين ومساكنهم ومؤسساتهم، مع التنديد بأقصى العبارات بمسلسل التعديات الخطيرة المتصاعدة على المسجد الأقصى المبارك. كما نلفت الانتباه إلى تفاقم الطرد الجماعي والإخلاء السكاني وتدمير المنازل وتصعيد العنصرية المؤسّسية بحق المقدسيين واقتلاعهم، وتطويق أحيائهم بالمستوطنات والجدران. ونحذِّر أيضاً من تزوير هويّة المدينة العربية الإسلامية، والمساس بالمقدسات والأوقاف الإسلامية والمسيحية فيها، والتعدي المنهجي على معالمها التاريخية والحضارية .رابعا: نعبِّر عن اعتزازنا بصمود الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الإسرائيلي وما سطّروه من صفحات مجيدة من الصمود والإضرابات وتحدِّي سياسات القهر المنهجي المسلّطة عليهم، ونؤكِّد وقوفنا الكامل مع هؤلاء الأحرار في كفاحهم العادل حتى انتزاع مطالبهم المشروعة. ونعلن أنّ قضية الأسرى ستبقى في مقدِّمة اهتمامات شعبنا الفلسطيني في كلِّ مكان، وسنواصل مع أصحاب الضمائر الحيّة العمل الحثيث على إحياء هذه القضية حتى فكّ قيودهم وتمكينهم من الحرية. خامسا: نحثّ على تكثيف الجهود لمواجهة الهجمة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية وسكانها الشرعيين، مع تفاقم الطرد الجماعي والإخلاء السكاني وتدمير المنازل في الضفة الغربية وفي الداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948، وفرض نظام المعازل السكانية عبر تطويق التجمّعات الفلسطينية بأحزمة الاستيطان والجدران العنصرية. سادسا: نحيِّي انتصار إرادة شعبنا الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، على آلة الحرب الإسرائيلية، وصمود الإنسان الفلسطيني رغم العدوان والقصف والحصار وتضييق سبُل العيش. ونتعهّد بمواصلة الجهود الرامية لفضح جرائم الحرب التي تقترفها حكومة الاحتلال وقواتها العسكرية، واتخاذ شتى الخطوات المدنية والقانونية بحقّ مقترفي العدوان والفظائع والمسؤولين عن جرائم الحرب تلك. سابعا: نندِّد بشدّة بالمواقف الداعية إلى ما يسمّى تبادل الأراضي بين الدولة الفلسطينية وكيان الاحتلال، محذِّرين مما ينطوي عليه ذلك من مخاطر جسيمة ودلالات سلبية بالنسبة لحقوق شعبنا الفلسطيني الثابتة، ومن تكريس لواقع الاحتلال وسيادته المزعومة على الأرض الفلسطينية، ومن تهديدات بحقّ أبناء شعبنا الصامدين في الأراضي المحتلة سنة 1948، علاوة على التسليم بالوجود الاستيطاني غير الشرعي على أنه حالة دائمة. ونؤكِّد أنّ شعبنا لن يقبلَ بأيِّ تسويةٍ على حسابِ ثوابته المؤكدة وحقوقِه غير القابلة للتصرّف ومطالبه المشروعة، وفي مقدِّمتها حقّ العودة. ثامنا: علاوة على انشغالنا الشديد بمأساة الشعب السوري الشقيق في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، وتضامننا الأخوي معه؛ فإننا نتابع بألم بالغ، محنة أبناء شعبنا اللاجئين في سورية والنازحين منها، وهو ما سيبقى موضع عنايتنا وإسنادنا لأبناء شعبنا في نكبتهم المتجددة هذه بشتى السبُل الممكنة. ونطالب كافة الأطراف ذات العلاقة بتحييد المخيمات الفلسطينية في سورية عن المواجهات المسلّحة وضمان تدفق الإمدادات الإنسانية لقاطنيها ولعموم السكان والنازحين هناك. تاسعا: بالنظر إلى صنوف المعاناة والتضييق التي يواجهها الفلسطينيون في بعض البلدان العربية، وأخذاً بعين الاعتبار محنة النزوح الفلسطيني من العراق وسورية؛ فإنا ندعو الدول العربية الشقيقة وكافة الأطراف المعنية إلى إحسان وفادة الفلسطينيين لديها، وتخفيف معاناتهم، ورفع الجور عنهم. وندعو جامعة الدول العربية، في هذا الصدد، إلى التحقّق من الالتزام ببروتوكول الدار البيضاء لسنة 1965 في ما يتعلق بمعاملة اللاجئين الفلسطينيين، بما يتماشى مع التمسّك الفلسطيني بحق العودة إلى الأرض والديار المحتلة سنة 1948، وبما يستجيب أيضاً لحقوق الإنسان وكرامته، وللحقوق المدنية والاجتماعية. عاشرا: نؤكِّد أهمية الإسراع في إتمام المصالحة بين الأطر السياسية الفلسطينية وإعادة هيكلة منظمة التحرير على أسس ديمقراطية سليمة، بما يُحَصِّن الموقف الداخليّ ويحشد الجهود لحماية الحقوق الفلسطينيةِ الثابتة، ويعين على مواجهة مخططات الاحتلال وتحدِّيات المرحلة الراهنة. ونطالب باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإفراز تمثيل ديمقراطي للشعب الفلسطيني في أوروبا وشتى مواقع الانتشار، عبر انتخابات حرّة وشفّافة، مع تعزيز العمل الشعبي وقطاعات المجتمع المدني لأبناء شعبنا الفلسطيني في كلِّ مكان. كما نطالب أوروبا باحترام خيارات الشعب الفلسطيني وحريته في اختيار ممثِّليه. الحادي عشر: ننبِّه إلى المسؤولية التاريخية لأوروبا عن النكبة التي حلّت بشعبنا الفلسطيني سنة 1948، والتي ما زالت أجيال هذا الشعب تدفع ثمنها حتى اليوم، بل وعن إمداد مشروع احتلال فلسطين بمقوِّمات البقاء والتوسّع والعدوان. ومن هذا المنطلق؛ نعلن دعمنا للحملة الدولية لمطالبة بريطانيا بتقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني عن تسبّبها المباشر في النكبة التي لحقت به . الثاني عشر: نحيِّي كافة الجهود المسانِدة للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والعدوان والحصار، ونثمِّن المشروعات والمبادرات والحملات والمواقف التي تقف إلى جانب قضية فلسطين العادلة، ونحثّ على تطوير هذه الجهود حتى تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الثابتة وحريّته وسيادته على أرضه وموارده. وإنّ قضية الشعب الفلسطيني، في العودة وتقرير المصير والتحرّر من الاحتلال والاستقلال على أرضه التاريخية ودياره السليبة؛ تستدعي الإسناد من الواقفين في خانة العدالة، والمدافعين عن الحق، ومناصري القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية داخل أوروبا وخارجها، مع ثقتنا الكاملة بانتصار شعبنا الفلسطيني وانتزاع حقوقه الثابتة حتماً؛ طال الزمان أم قَصُر، وفي مقدِّمتها حقّ العودة.