بروكسيل ـ تجري الاستعدادات في عموم القارّة الأوروبية، لإقامة نشاطات متنوِّعة، وتنظيم فعاليات جماهيرية وأحداث رمزية على امتداد أسبوع كامل، بهدف إحياء ذكرى ضحايا الشعب الفلسطيني عبر عقود الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يأتي في الذكرى السنوية الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
وقد تمّ تخصيص الأسبوع الممتدّ من الثالث عشر وحتى التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير 2010، ليكون مناسبة سنوية، في أول بادرة من نوعها يشهدها المجتمع المدني الأوروبي منذ نشأة القضية الفلسطينية، وذلك لإحياء ذكرى ضحايا الشعب الفلسطيني طوال عهود الصراع مع الاحتلال. وتوافق الأيام المُختارَة لإحياء ذكرى الضحايا، الأسبوع الأخير من العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي أُعلن عن انتهاء عملياته في التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير 2009.
وتجري الاستعدادات في عدد من العواصم والمدن الأوروبية، لإقامة تجمّعات جماهيرية وفعاليات رمزية تحيي ذكرى ضحايا الشعب الفلسطيني، وسط الحرص على تكريس هذه المناسبة بشكل سنوي، وذلك في بادرة غير مسبوقة في أوروبا. وقد أكملت العديد من المؤسسات في بريطانيا استعداداتها ضمن ائتلاف جماعي، بهدف إحياء أسبوع الضحايا، في ما تجري جهود تنسيقية موازية في بلدان أخرى على امتداد القارة الأوروبية.
وكان عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين قد سقطوا ضحايا المجازر الجماعية الإسرائيلية، علاوة على الضحايا الفلسطينيين الذين يسقطون بوتيرة لم تتوقف منذ نشأة القضية الفلسطينية وبواكير الصدامات مع العصابات الصهيونية المسلّحة التي اندمجت من بعد في جيش الاحتلال قبيل نكبة فلسطين 1948. كما شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم السابع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2008، حرباً ضارية على غزة، ألقى خلالها على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع، آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ على القطاع الذي تقطنه عملياً أغلبية من الأطفال يتركّزون في مخيمات اللاجئين المكتظة، وهو ما حرّك موجة غضب جماهيري عارمة خلال الشتاء الماضي.
ويقول ماجد الزير، المدير العام لمركز العودة الفلسطيني في لندن، إنّ أسبوع ضحايا الحرب سيكون بمثابة "إشارة حياة من أصحاب الضمائر على امتداد أوروبا، بأنّنا لن نكافئ جرائم الحرب الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني بالصمت، ولن ننسى ضحايا هذا الشعب عبر عقود الصراع، والذين سنظلّ أوفياء لهم ولقضيتهم".
ويضيف الزير "بالطبع، سيكون هذا الأسبوع موسماً إضافياً لمحاكمة أخلاقية عن جرائم الحرب العدوانية بحق الشعب الفلسطيني، وستكون الرسالة واضحة؛ بأنّنا لن نسمح بتمرير حرب عدوانية أخرى على شعبنا".
وتنهمك لجان عمل في بلدان أوروبية، في تنسيق تحركات أسبوع الضحايا، بينما جرى بمبادرة من مركز العودة الفلسطيني، إطلاق موقع إلكتروني جديد باللغة الإنجليزية يعزِّز مضامين تقرير غولدستون، الذي أعدّته لجنة التحقيق الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية، بتوثيق تلك الجرائم ورصدها بالصور والنصوص، علاوة على رصد الجرائم الإسرائيلية التي سبقت تلك الحرب.
ويتوقّع عادل عبد الله، الأمين العام لمؤتمر فلسطينيي أوروبا، أن تحقِّق فعاليات أسبوع إحياء ذكرى ضحايا الشعب الفلسطيني، تجاوباً واسعاً، معيداً إلى الأذهان الحراك الجماهيري الهائل الذي قوبلت به الحملات العدوانية الإسرائيلية في العواصم والمدن الأوروبية على مدار العقد الجاري، وصولاً إلى الشتاء الماضي إبّان العدوان على غزة.
ويتابع عبد الله قوله "سيؤكد الجميع في تحركات إحياء ذكرى الضحايا، وفاءَهم لشعبنا، وعدم نسيانهم ما جرى، وأنّ الوقفة الأخوية والتضامنية مع الشعب الفلسطيني تحت القصف والتدمير وفي ظلّ المجازر ستتواصل يداً بيد، وهذا هو الردّ الطبيعي على جرائم الحرب الإسرائيلية".
أمّا الدكتور عرفات ماضي، منسق الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة، فيكشف النقاب عن أنّ الحملة ستنظِّم بالتزامن مع أسبوع الضحايا، زيارةً تفقدية لوفد برلماني عريض من عموم أوروبا، إلى القطاع المحاصَر. وسيقوم البرلمانيون الأوروبيون في وفدهم الذي يُعدّ الأكبر من نوعه، بجولة ميدانية للوقوف على آثار العدوان الأخير بعد سنة على انقضائه، مع رصد انعكاسات الحصار المتواصل بضراوة على الشعب الفلسطيني.
ويرى ماضي، أنّ أسبوع ضحايا الحرب، الذي سيأتي بدءاً من الثالث عشر من كانون الثاني/ يناير؛ يؤكد أنّ "ما كشفه تقرير غولدستون من جرائم حرب إسرائيلية يندى لها جبين الإنسانية؛ لن يكون نهاية المطاف، بل ببساطة هو بداية التفاعلات". ويوضح ماضي ذلك بقوله "بعد الحروب والاعتداءات يحين أوان المحاسبة الحقوقية والمحاكمة الأخلاقية، وسيكون هذا الأسبوع مناسبة جديدة لفضح جرائم العدوان الإسرائيلي، وإنصاف الضحايا الذين خذلهم ما يُفترَض أنه مجتمع دولي معني بصون العدالة وضمان الأمان للشعوب وتصفية الاستعمار والاحتلال".
وقد أوقع العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، الذي استمرّت لاثنين وعشرين يوماً على التوالي، نحو ألوف الضحايا من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، معظمهم من المدنيين، ومن بينهم من تسبّب العدوان بإعاقات دائمة لهم سترافقهم مدى الحياة. كما أحدث العدوان تدميراً شاملاً للبنى التحتية في القطاع المفروض عليه حصار خانق، مع منع إدخال المواد الأساسية اللازمة لإعادة الإعمار حتى الآن.