لندن ، 30 نوفمبر 2019
انطلقت في العاصمة البريطانية لندن، اليوم السبت، أعمال المؤتمر الأكاديمي حول أزمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بإشراف من مركز العودة الفلسطيني وبالتعاون مع مركز الجزيرة للدراسات وجامعة إكستر البريطانية.
وتحتضن قاعة المكتبة البريطانية، فعاليات المؤتمر على مدار يوم واحد تتخلله 4 جلسات عمل تعرض فيها أوراق بحثية تناقش واقع وتحديات "الأونروا"، في ظل أزمتها المالية المتفاقمة، والضغوط الأمريكية المتواصلة عليها لمنع تجديد ولايتها.
ويحضر المؤتمر شخصيات بارزة ذات إطلاع على واقع "الأونروا" واللاجئين الفلسطينيين، ومن أبرزهم: د.مايكل لينك مقرر الأمم المتحدة الخاص بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، وكارين أبو زيد المفوض العام السابق لـ"الأونروا""، ورايتشل ايفرز مديرة الشؤون القانونية في "الأونروا" والممثلة الرسمية للوكالة في المؤتمر، إضافة إلى السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زملط.
شاهد دولي
وفي كلمة مركز العودة الفلسطيني أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أكد المدير العام للمركز، طارق حمود، أن "الأونروا كانت وستظل إلى الأبد شاهدًا دوليًا على معاناة اللاجئين الفلسطينيين، وطبيعة هويتنا، ووضع اللاجئ الذي لن يتغير إلا عندما يتحقق حقنا في العودة إلى الأرض".
وأشار حمود إلى أهمية تصويت 170 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، منتصف نوفمبر الحالي، لصالح مشروع قرار لتجديد ولاية "الأونروا" لثلاث سنوات جديدة، على الرغم من الحملات التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل لإلغاء ولاية الوكالة.
وشدد على أن هذا التصويت بمثابة "رفض لا لبس فيه للحملة الإسرائيلية للقضاء على وجود الأونروا وإلغاء الحقوق غير القابلة للتصرف للاجئين الفلسطينيين، وأبرزها حق العودة".
وقال إن حق العودة حقق مكانة عرفية في عام 1948 عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 194 الذي يؤكد على حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وتلقي التعويض، منوهًا إلى أنه لم يحدث من قبل في تاريخ الأمم المتحدة أن أعادت الوكالة الدولية تأكيد القرار 194 أكثر من 135 مرة.
وأضاف أنه على نفس المنوال، أقر القرار 2535 بأن "مشكلة اللاجئين العرب الفلسطينيين نشأت عن إنكار حقوقهم غير القابلة للتصرف بموجب ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مشددًا على أن قرارات الأمم المتحدة الرئيسية الأخرى التي تزيد من تعزيز الحق العودة "لا غنى عنها لحل قضية فلسطين".
"ومع الأخذ بعين الاعتبار الحقوق المعترف بها دوليًا للاجئين الفلسطينيين وتماشيًا مع الجهود المكثفة التي يبذلها مركز العودة الفلسطيني لحشد الدعم لهذه القضية"، أفصح حمود عن نية المركز إطلاق حملة دولية لجمع توقيعات اللاجئين الفلسطينيين "للتعبير عن الرفض الحازم لجميع محاولات إبطال حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة".
ولفت حمود انتباه الحاضرين إلى أنه مع وجود أكثر من 7 ملايين لاجئ فلسطيني منتشرين في جميع أنحاء العالم، يتعين على المجتمع الدولي تكثيف الجهود للحفاظ على الخدمات الحيوية من جانب الأونروا، مضيفًا أنه إلى أن يتحقق حلم الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم، سيواصل اللاجئون مواجهة تحديات كبيرة للتمتع الكامل بحقوقهم.
وخلال كلمته أمام الحضور، قدم المدير العام لمركز العودة الشكر لشركاء المركز الذين ساهموا بحيوية في الأعمال التحضيرية لهذا المؤتمر، مركز الجزيرة للدراسات والمركز الأوروبي لدراسات فلسطين في جامعة اكستر.
وقال إنه "لم يكن هذا الحدث ممكنًا لولا الجهود الشاملة التي بذلها فريق ومتطوعي مركز العودة الفلسطيني متعدد الثقافات، لإنجاح المؤتمر، معربًا عن امتنانه الحار كذلك لأولئك "الذين أتوا من أماكن قريبة وبعيدة لمشاركتنا أفكارهم ودعمهم وتضامنهم في هذا الحدث الخاص للغاية".
وفي بداية كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أعرب حمود عن تشرفه بالشخصيات الحاضرة، وقدم لهم نبذة تعريفية بسيطة حول مركز العودة وطبيعة عمله كمؤسسة نالت عضوية الأمم المتحدة عام 2015، وسرد أمامهم بدايات نشأته كلاجئ فلسطيني اقترن تعليمه بمقاعد الدراسة في مدارس الأونروا في بلدة المزيريب، جنوبي سوريا، كحال الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين.
"تحديات خطيرة"
وفي كلمة مركز الجزيرة للدراسات، أكد الباحث عرفات ماضي، على أهمية انعقاد هذا المؤتمر، الذي قال إنه فرصة عظيمة لإلقاء نظرة جديدة على عمل "الأونروا" بعد 70 عامًا من تأسيسها، لتسليط الضوء على التحديات التي تواجهها والموارد التي تحتاجها، والدور الذي يمكن أن تلعبه لتأمين مستقبل أفضل للاجئين الفلسطينيين.
ونبه ماضي في هذا السياق، إلى ما وصفها بـ"التحديات الخطيرة" التي تعصف بـ"الأونروا" واللاجئين الفلسطينيين، حيث تواجه تحديات أكثر فأكثر من إسرائيل، ومؤخرًا من الولايات المتحدة لتقليص عملها أو تفكيكها.
وقال، إنه بعد 70 عامًا منذ أن كلفت الأمم المتحدة "الأونروا" بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، لم يتم حل الأزمة، كما أن مستقبل اللاجئين وحقوقهم ما زالوا معرضين للخطر.
وأضاف "إن القضية الفلسطينية لا تزال ضمن أهم القضايا في الشرق الأوسط، في ضوء سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤيدة لإسرائيل والمواقف المتحيزة فيما يتعلق بالصراع".
ولفت ماضي الانتباه إلى أن القرارات الأمريكية الأخيرة المتعلقة بـ"الأونروا" والقدس ومرتفعات الجولان والمستوطنات الإسرائيلية، هي انعكاس لوجهة نظر الولايات المتحدة الأحادية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
واقع السكان بغزة
من جانبها، سلطت المفوض العام السابقة لـ"الأونروا"، كارين أبو زيد، الضوء على الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، في ظل الاحتلال والحصار والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، حيث عاشت هناك مع اللاجئين الفلسطينيين من عام 2000 إلى 2010.
وقالت أبو زيد، التي شغلت منصب نائب المفوض العام لـ"الأونروا" من عام 2000 إلى عام 2005 ، قبل تعيينها في عام 2005 كمفوض عام للوكالة: "أتذكر عقودي في غزة بسرور وحزن وغضب".
وأبرزت أبو زيد، النقص العام للحريات في قطاع غزة المحاصر، بما في ذلك الحق في تجاوز الحدود التي تسيطر عليها إسرائيل، مما أدى إلى "استحالة التمتع أو حتى العيش فيما يمكن اعتباره في مكان آخر حياة طبيعية".
وذكرت أن البيئة التي يعيشها السكان بغزة تبدو في كثير من النواحي والأوقات مقلقة ومتناقضة بشكل صارخ، خلال العقد الأخير.
وبشكل عام، أشارت المسؤولة الأممية السابقة، إلى تعدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي المتزايد على المنازل والأراضي والمواقع التاريخية والدينية للفلسطينيين، والتي تحدث "بشكل منتظم".
إحصائيات حول اللاجئين
بينما قالت مديرة الشؤون القانونية في "الأونروا"، راشيل إيفرز، إن استمرار وجود "الأونروا" مرتبط بتوفير احتياجات اللاجئين الفلسطينيين الأساسية نتيجة لعدم وجود حل سياسي لمحنتهم حتى اليوم.
وعدّت "إيفرز"، المزاعم الأمريكية بأن "الأونروا" تطيل مشكلة اللاجئين، "غير دقيقة"، لأن وجود الوكالة مقترن بعدم وجود حل سياسي لقضيتهم على النحو الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتابعت قائلة: "لا يزال اللاجئون الفلسطينيون لاجئين طالما لم يتم إيجاد حل لقضيتهم"، لافتة النظر إلى أن "أكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني مؤهلون اليوم للحصول على خدمات الأونروا في المناطق الرئيسية لعملياتها".
وقدمت المدير القانونية لـ"الأونروا" إحصائيات محدثة عن خدمات الوكالة والمستفيدين منها، مبينة أن أنها تقدم خدمات صحية وقائية وعلاجية لحوالي 3.1 مليون لاجئ من خلال أكثر من 140 عيادة صحية.
وتابعت: "من بين حوالي 5 ملايين لاجئ فلسطيني، تشير التقديرات إلى أن 1.2 مليون يعيشون في فقر مدقع، منهم 700 ألف، غير قادرين على تلبية حتى أبسط الاحتياجات".
وقالت إن آلاف اللاجئين الفلسطينيين ما زالوا مشردين، بعيدًا عن أراضيهم وعائلاته، وما زالوا يحتفظون بمفاتيح منازلهم التي أجبرهم المحتل الإسرائيلي على الخروج منها، عام 1948.
يشار إلى أن هذا المؤتمر يحضره أيضًا أكاديميون ومستشارون بارزين من بريطانيا وسويسرا والولايات المتحدة وكندا والأردن وقطر.
وستنبثق عن المؤتمر مجموعة من التوصيات الختامية، بالإضافة إلى أوراق بحث أكاديمية ستصدر في كتابٍ باللغتين العربية والإنجليزية.
وينعقد المؤتمر في توقيت مهم وحساس في إطار التأكيد على أهمية وكالة الغوث الدولية وحمايتها كضمانة دولية لحقوق اللاجئين الفلسطينيين، وذلك قبل يومٍ من التصويت النهائي والحاسم على تجديد ولاية "الأونروا"، غدًا الأحد (الأول من ديسمبر القادم)، حيث ستصوت كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على تجديد التفويض الذي أقرته اللجنة الرابعة بأغلبية، منتصف نوفمبر الحالي.
لمتابعة وقائع المؤتمر يرجى الدخول على الرابط التالي
https://www.youtube.com/watch?v=XtdsvOkzEQk