في ثاني جلسات "أسبوع العودة".. فلسطينيون يسردون قصصا من معاناة اللجوء

في ثاني جلسات

لندن 08 ديسمبر 2020

استعرض ناشطون فلسطينيون نماذج من واقع المعاناة التي واكبت ظروف نشأتهم كلاجئين سواء في مخيمات تفتقر لظروف العيش الكريم أو في الشتات بعيدا عن أوطانهم وما واجهوه من إجراءات تضييقية وافتقاد بعضهم للهوية الوطنية الحاضنة، وكيف في نهاية المطاف تحدوا كل تلك الظروف وحولوا المحنة إلى منحة.

جاء ذلك خلال الجلسة الثانية المنعقدة يوم الثلاثاء ضمن فعاليات أسبوع العودة السنوي الأول الذي أطلقه مركز العودة الفلسطيني في 7 كانون أول/ ديسمبر الجاري وتستمر حتى 11 من الشهر ذاته بواقع 5 جلسات.

حياة المخيم

وخلال الجلسة التي أدارها نادر الحمود-مؤسس مدونة "فلسطين في أمريكا"، سردت حنان الحروب -معلمة فلسطينية فازت بجائزة المعلم العالمية، البدايات الأولى لنشأتها في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين قرب بيت لحم في حياة لجوء قاسية تغلفها الفقر والحرمان، مسلطة الضوء على واقع أطفال المخيمات وكيف يكبرون قبل أوانهم حينما تتفتح أعينهم على مشاهد القتل والضرب والاعتقال والظلم والتشرد التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين.

وأوجزت معاناتها الشخصية ومحطاتها المتنقلة في دروب التعليم حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، مؤكدة أن الفلسطيني الوحيد في العالم الذي "استطاع أن يحول الألم والمعاناة إلى أمل".

وأشارت الحروب إلى تعمد سلطات الاحتلال إغلاق المدارس الفلسطينية بهدف تجهيل الفلسطينيين لكنهم تغلبوا على ذلك عبر لجوئهم إلى "التعليم الشعبي" في أزقة وحارات المخيمات على أيدي معلمين وصفتهم بالـ"عظماء".

وأكدت أن الاحتلال لم يكتف بتشتيت الفلسطينيين وتهجيرهم من أراضيهم وإنما يستمر إلى اليوم في ملاحقة أعمارهم وأحلامهم، داخل الوطن وفي الشتات، لكنها في المقابل شددت على أن "الاحتلال يمكن أن يدمر بيوتنا ويقتلع أشجارنا لكن لا يمكن أن يقتل أحلامنا بداخلنا".

وأشارت إلى أنها وظفت لحظة تتويج فوزها بجائزة المعلم في 2016 لإيصال صوت وحلم ومعاناة أكثر من 13 مليون فلسطيني في الوطن والشتات بإرسال رسالة مفادها أنه "لا يمكن أن ينعم العالم بالسلام مالم يتمتع به الفلسطيني، وطالما بقيت أرضه مسروقة".

وشددت الحروب على حق كل فلسطيني في كل مكان أن يعود إلى أرض آباءه وأجداده الموروثة منذ آلاف السنين، داعية العالم إلى إنصاف الفلسطينيين وتمكينهم من العيش بسلام.

حرمان من الحقوق

من جانبها، تحدثت أمينة الأشقر-لاجئة وصحفية فلسطينية مقيمة في لبنان، عن الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطيني في مخيمات اللجوء في لبنان، حيث يحرم من حقوقه المدنية وأبرزها منع العمل في عشرات المهن، ما يجعله ظروفه "أسوأ من تلك التي في غزة أو سوريا".

وأفصحت الأشقر عن قصة معاناة والدها وكيف أجبر على العمل "من تحت الطاولة" لأكثر من 15 ساعة يوميا وطوال أيام الأسبوع لأجل أن يوفر لها مصاريف الدراسة في مدرسة خاصة حتى تتمكن من تعلم الإنجليزية، إلى أن حصلت أخيرا على مهنة لدراسة الماجستير في بريطانيا.

وأضافت "أن تكون لاجئ فلسطيني فهذا يعني أن تواجه الكثير من الضغط التمييزي خلال حياتك، ففي المخيم لا تشعر أنك تنتمي إلى أي مكان"، مبدية أسفها لأن حياة المخيمات بدلا من أن تكون لفترة مؤقتة فقد طالت لعقود".

لكنها في الوقت ذاته أكدت "أن مشكلتنا ليست مع الدول المضيفة وإنما مع وجود كيان في أرضنا طردنا وأخذ مكاننا"، مشددة على أن الطريقة الوحيدة لحل مشكلة اللاجئين تكمن في السماح لهم بالعودة إلى ديارهم.

وقالت إنه "ليس من العدل أن تستمر الأزمة إلى اليوم فأنا من الجيل الثالث من اللاجئين، فكيف للمجتمع الدولي الذي يدعي تطبيق العدالة أن يسمح لشيء كهذا أن يستمر؟".

نظرة دونية

في حين، شرح أسامة شاهين -لاجئ فلسطيني من سوريا يعمل كمهندس في المملكة المتحدة، معاناته في الحصول على تأشيرة دخول لدولتين خليجيتين بسبب وضعه كلاجئ، إلى أن انتهى به المطاف أخيرا في المملكة المتحدة بعد رحلة معاناة.

وأشار إلى أن اللجوء "بمثابة ألم مستمر للاجئ الفلسطيني، فهو بنظر الكثيرين في العالم شخص ثانوني، أقل من البشر"، كما قال.

وذكر شاهين أن عائلته ذات معاناة النكبة مرتين، الأولى حينما طرد في العام 1948 والثانية حينما نزحت من سوريا بعد تفجر الصراع هناك في العام 2011، حيث فقدت العائلة منزلين، مضيفا "مؤلم أن نكون لاجئين مرتين".

وأضاف أن كل لاجئ فلسطيني منا يعاني بطريقة مختلفة، ولكن نتشارك في الرغبة بالإرادة والبقاء والمحاربة من أجل حقوقنا".

"فلسطين تسكننا"

ومن أستراليا حيث تتواجد بها منذ سن الـ4، أكدت أصالة سيارة -أخصائية اجتماعية وناشطة في مجال العدالة الاجتماعية، أن الاحتلال الإسرائيلي فشل في انتزاع حق العودة من أذهان الفلسطينيين رغم تشتيتهم في كل العالم، مشددة على أنه لا قوة يمكن أن تبعدهم عن بلادهم الأصلية.

وقالت إن التوقيت والمكان ليس عائقا أمام المضي في دعم حق العودة، مشيرة إلى أن فلسطين تسكن في روحها رغم آلاف الأميال التي تبعدها عنها جسديا.

وأضافت سيارة أنها لم تنسَ بلادها الأصلية "وفلسطين كانت هدف وجودي ككل ولا زالت"، مشيرة إلى ترددها عليها أكثر من مرة وسط إجراءات إسرائيلية مذلة عبر الحواجز، ورأت أن العودة تعني إنهاء الاحتلال والوصول إلى البيت بدون أية عوائق ونقاط تفتيش مذلة.

انتهاكات ممنهجة

من جانبها أكدت لورينا موسى -رئيسة الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين في تشيلي، أنهم كفلسطينيين يتواجدون بأعداد كبيرة في تشيلي لا يمكن أن ينسوا حق العودة إلى ديارهم الأصلية التي هجر منها آباؤهم في العام 1948.

واتهمت موسى حكومة إسرائيل بالانتهاك الممنهج لحقوق الفلسطينيين الأساسية، مشيرة في هذا السياق إلى محاولاتها أكثر من مرة زيارة فلسطين لكن إسرائيل تمنعها.

وأضافت أن هناك الكثير ممن لا يستطيعون الدخول إلى فلسطين ليس فقط من اللاجئين الذين نزحوا في النكبة وإنما أولادهم وأحفادهم.

وشددت في مقابل ذلك، على أنه "لن نتحمل أن نبقى كفلسطينيين بأعدادنا الكبيرة في المنفى"، مضيفة أن الحل الأساسي لقضية اللاجئين يكون عبر تنفيذ حق العودة مع ضمانات دولية تلزم إسرائيل بذلك.

مسيرات العودة.. حدث مهم

الناشط أحمد أبو رتيمة -صاحب فكرة مسيرات العودة بقطاع غزة ركز في حديثه على معاناة الأجيال الجديدة من الفلسطينيين في قطاع غزة حيث يحرمون من أدنى حقوقهم الأساسية ومعزولون عن العالم بفعل الحصار الإسرائيلي.

وعاد بالذاكرة إلى عام 2018، حيث برزت فكرة مسيرات العودة السلمية على حدود قطاع غزة والتي واكبت إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، مشيرا إلى أن تلك المسيرات التي شارك بها أكثر من مائة ألف فلسطيني شكلت حدثا مهما وأثببت أن الأجيال الفلسطينية ورغم سبعين عاما لا زالت متمسكة بحقها في العودة إلى أرض الآباء والأجداد.

تغيير الوعي

من جانبه، أشار أنس راضي من مؤسسة الشباب الفلسطيني في بريطانيا- أوليف، إلى أن حاجة الحديث عن فلسطين دفعتنا لرفع الوعي حول القضية الفلسطينة في بريطانيا خلال السنوات الماضية".

وأضاف راضي في كلمته خلال الجلسة، أن "فلسطين هي واحدة من القضايا العادلة ولدينا واجب تجاهها لتغيير الوعي وبالذات في بريطانيا حيث لدينا فرصة كبيرة للقيام بذلك للدفع من أجل فلسطين حرة".

"تحركات خاصة"

لينا أبو جريدة -لاجئة فلسطينية في الأردن فازت بالعديد من الجوائز الدولية في صناعة الأفلام والكتابة والفن، شددت بدورها على أنه "لا يجب أن ننتظر موافقة أحد للاعتراف بنا ولكن يجب أن نقوم نحن بخلق الفرص والتحركات الخاصة بنا من أجل إيصال أصواتنا إلى العالم".

وشددت أبو جريدة على أنه لا يمكن أن تكون فلسطين حرة دون أن يمنح الفلسطينيون حقهم في العودة، مبدية حزنها في الوقت ذاته لأن "الجيل الأول للنكبة يموت خارج بلاده ولم يتمكن من العودة إلي دياره".

يشار إلى أن جلسة اليوم الثالث تنعقد مساء اليوم الأربعاء وتتخللها مداخلات لكل من: ملك مطر -فنانة تشكيلية من غزة، الشيف روبيو -طاه مستقل وغير تقليدي يتمتع بشعبية كبيرة في إيطاليا، ميسون زايد -ممثلة وكوميدية وكاتبة ومدافعة عن الإعاقة، مروان عبد الحميد -ناشط فلسطيني، إبراهيم غنيم -موسيقي ومغني راب، إزرا -فنانة فلسطينية من النمسا.

رابط مختصر : http://bit.ly/3n28mXi