في ضيافة "أسبوع العودة".. المؤرّخ أبو ستة يؤكد: العودة واقعية وقابلة للتطبيق وعلى الجيل الشاب قيادة المشهد

في ضيافة

لندن 10 ديسمبر 2020

استضاف مركز العودة الفلسطيني في لندن ضمن الجلسة الرابعة لـ"أسبوع العودة"، المؤرخ الفلسطيني البارز الدكتور سلمان أبو ستة، حيث كشف عن خارطة طريق عملية وقابلة للتنفيذ تمكن اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم الذين طردتهم العصابات الصهيونية منها في نكبة العام 1948، قبل تأسيس دولة إسرائيل.

في بداية الجلسة التي أدارتها سيلين صالح -عضو اتحاد العمل الطلابي من أجل فلسطين في بريطانيا، عدّ أبو ستة أن حق العودة مهم لأنه المفتاح الوحيد للسلام في المنطقة التي تعرضت لعدد من الحروب، ورأى فيه "البلسم للجراح الناجمة عن الجريمة الأكبر التي حصلت للفلسطينيين".

ما هي النكبة؟

وعرف أبو ستة النكبة على أنها الهجوم على الشعب الفلسطيني الأعزل من خلال 21 ألف مستعمر أجنبي و900 فرقاطة و31 عملية عسكرية هاجمت السكان الأصليين في حوالي 560 مدينة وقرية وطردوهم منها وحولوهم إلى لاجئين في كل بقاع الأرض حتى وصل عددهم اليوم إلى نحو 7 ملايين لاجئ فلسطيني.

وأشار إلى تسجيل 165 جريمة ارتكبتها عصابات الهاغاناة في تلك المدن والقرى "قبل أن يكون هناك شيء اسمه إسرائيل، ولسوء الحظ أن تلك الجرائم وقعت دونما أي تدخل لحماية الفلسطينيين من جانب البريطانيين الذين كانوا في فلسطين آنذاك".

ونبه أيضا إلى أن الجرائم وقعت وقتذاك "قبل أن يأتي أي جندي عربي نظامي إلى فلسطين، الذين وللأسف لم يستطيعوا إنقاذ أهلها".

واعتبر جريمة النكبة "لم يكن لها سابقة في التاريخ"، فقد خططت ونفذت تحت أضواء الكاميرات وتحت رعاية الأمم المتحدة والعالم الغربي، وكل ذلك تم خلال 8 أشهر بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة.

وأضاف أن تلك الجريمة "لازالت قائمة إلى اليوم"، مشددا في مقابل ذلك على أنه "لا يمكن أن نسامح".

11 نوع من الحروب

وعدّد أبو ستة 11 نوعا من الحروب قال إن إسرائيل شنتها ولا زالت ضد الفلسطينيين العزل، وهي على النحو التالي:

 1: الحرب العسكرية: عبر سلب الأرض واحتلالها بقوة السلاح.

2: إسكات أصوات الضحايا: بحيث لا يسمح للفلسطينيين بالحديث عن النكبة واللاجئين وآلاف الضحايا الذين سقطوا خلال النكبة وما تلاها.

3: الحرب السياسية: فالولايات المتخدة وكثير من الدول الغربية تصوت بشكل مستمر ضد خطوات الأمم المتحدة لمعاقبة إسرائيل على جرائمها.

4: الحرب الجغرافية: إذ أن الخرائط الإسرائيلية شطبت 55 ألف اسم لقرى وبلدات ومدن فلسطينية صنعها شعب فلسطين على مدار آلاف السنوات، وأُبدِلت بـ6 آلاف اسم إسرائيلي.

5: الحرب التاريخية: فالتاريخ الخاص بفلسطين في آخر ألفي سنة، منذ السيد المسيح وحتى الحرب العالمية الأولى، مُحي بشكل كامل ولا يتم تضمينه في كتب التعليم، وإسرائيل تعتقد بذلك بهذا أنها يمكن أن تجعل فلسطين أرضا بلا شعب.

ووصف أبو ستة هذا المحي لتاريخ الفلسطينيين بأنه "جريمة ضخمة ضد الإنسانية".

6: الحرب الأركيلوجية: من خلال إحداث تدمير ممنهج لكل المواقع الأثرية في القرى الفلسطينية داخل أراضي 48، إذ أن الإسرائيليين يريدون الترويج أنه لم يكن هنا شعب وليس للفلسطينيين تاريخ، وهذه أيضا جريمة.

7: حرب دينية عرقية: من خلال التسويق لمعتقدات بأن الله جند اليهود كلهم من عرق واحد أتوا من فلسطين وبعد ألفي عام من الغياب عنها قرروا العودة إلى الأرض التي منحها الله لهم.

8: حرب التشويه: فأي شخص يتحدث عن الحقائق وما يحدث للفلسطينيين حتى من بين المسؤولين الأمميين يمنح "شهادة شرير"، وهذا التشويه هو السلاح الذي يستخدم ضد كل من يكشف الحقيقة.

9: حرب قانونية: فالقانون في العديد من الدول وبالذات في الولايات المتحدة وألمانيا، يجرم الدعم للحملة الخاصة بمقاطعة إسرائيل ومن يتحدثون عن النكبة وينتقدون الجرائم الحقيقية التي ترتكبها إسرائيل.

10: الحرب الاقتصادية: حيث يمنع الفسلطينيون من التنعم بالموارد الخاصة بعيشهم، فإسرائيل تفرض الحصار على السكان قطاع غزة، وفي الضفة الغربية تتحكم بمفاتيح الحركة الاقتصادية.

أما الحرب الأخيرة، فهي "حرب لا نراها في أي مشروع استعماري آخر"، كما يقول أبو ستة، مبينا أنها ترتكز على إحداث إعاقات دائمة للمتظاهرين الفلسطينيين بهدف وقف مساعيهم للبحث عن الحقوق الوطنية، وإنما يصبح كل همهم تأمين الطعام والحد الأدنى من العيش لهم.

3 عناصر لحق العودة

وفي مقابل ما وصفها بـ"الصورة السوداوية"، نبه أبو ستة إلى وجوب أن يتذكر الفلسطينيون 3 عناصر لحق العودة، أولها، أنه "مقدس لكل فلسطيني في قلبه وعقله"، وثانيا، أنه حق قانوني كفلته القوانين الدولية وأهمها القرار الأممي 194، وأكدت الأمم المتحدة عليه أكثر من 130 مرة منذ 1949، وثالثا أن حق العودة منطقي ومعقول، شارحا بشكل مفصل خطة عملية لتطبيق حق العودة على أرض الواقع، مستعينا برزمة من الخرائط عرضها خلال الجلسة.

ووجه في مداخلته أكثر من رسالة إلى الشباب الفلسطيني يحثهم على التمسك بكل قوة بحق العودة وعدم اليأس، مبينا أن عدد الفلسطينيين سيرتفع من 13 مليونا اليوم إلى 18 مليونا في عام 2030، ومن بينهم 9 ملايين على أرض فلسطين، وبالتالي يصبح عددهم أكبر من اليهود.

وأضاف: "لن يحدث أن نتخلى يوما عن حلمنا في فلسطين، وكل محاولات إسكات الفلسطينيين لم ولن تنجح"، مضيفا أن الجيل الشاب من اللاجئين في داخل وخارج الوطن يقع على عاتقهم قيادة المطالبات بحق العودة إلى أرض آبائهم وأجدادهم.

وتابع: "صحيح ليس لدينا القوة العسكرية، لكن لدينا الحق في أيادينا  وقلوبنا وعقولنا"، مضيفا أن لدينا شيء مهم وهو الصمود منذ وعد بلفور وإلى اليوم، بغض النظر عن صعوبة الأمر وطول المدة".

يشار إلى أن الدكتور سلمان أبو ستة كان يبلغ من العمر عشر سنوات فقط عندما حدثت النكبة عام 1948، مما أجبره على ترك منزله. قضى أبو ستة 40 عامًا في البحث عن معلومات تتعلق بدولة فلسطين قبل وأثناء وبعد النكبة. لم يقتصر عمله على توثيق النكبة التي شُرد فيها أكثر من 800 ألف فلسطيني عام 1948 من ديارهم وقراهم، بل شمل أيضًا ضمان "عدم فقد ذكريات وهوية الوطن المحتل".

وتنعقد مساء اليوم الجمعة الجلسة الخامسة والأخيرة من "أسبوع العودة" وتستضيف كلا من: علي أبو نيمة -صحفي وكاتب وناشط أمريكي من أصل فلسطيني، هويدا عراف -محامية فلسطينية أمريكية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، فرح النابلسي -ناشطة بحقوق الإنسان وكاتبة سينمائية ومنتجة فلسطينية من المملكة المتحدة، رمزي بارود -صحفي ومحرر فلسطين كرونيكل، لبنى شوملي -من مركز "بديل" وهو منظمة فلسطينية مكرس للدفاع عن حقوق اللاجئين، نجوان بيرقدار-منسقة إعلام ومناصرة في مؤسسة زوخروت "ذاكرات".

رابط مختصر : http://bit.ly/3oOyyoR