لندن، 2 نوفمبر 2021م
تمر اليوم الثلاثاء الثاني من نوفمبر، الذكرى الرابعة بعد المائة لصدور "وعد بلفور" المشؤوم، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في أرض فلسطين التاريخية، وتسبب لاحقا في تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين حتى وصل عددهم اليوم إلى 7 ملايين لاجئ.
تعيد حلول الذكرى التذكير بالخطأ التاريخي الجسيم الذي ارتكبته الحكومة البريطانية عام 1917م، حيث تسبب بتشريد جماهير الشعب الفلسطيني، وألحق به نكبات ومآسي وحروب متتالية، وسط مخاطر لا تتوقف تتعرض لها القضية الفلسطينية وتهدد بتصفيتها على مر السنين.
تمر المناسبة الأليمة، بينما يواصل اللاجئون في مخيمات الشتات العيش في ظروف مزرية لا تليق بآساسيات العيش الإنساني الكريم، بينما يتعرض نظراؤهم في أراضي الـ67 والـ 48 لمختلف أنواع الانتهاكات الإسرائيلية، سواء عبر الاعتقالات التعسفية والتمييز العنصري والطرد والتهجير القسري وهدم المنازل، والحصار الجائر على السكان بقطاع غزة بموازاة تعريضهم للحروب المدمرة، فضلا عن حرمان الفلسطينيين من الحقوق الأساسية وعلى رأسها حق تقرير المصير المعترف به عالميا.
يغتنم مركز العودة الذكرى الـ104، ليعيد مطالبته للحكومة البريطانية بالاعتذار عن وعد بلفور بما يتجاوز موقفها الصادر عام 2017م حيال اعترافها في الذكرى المئوية للوعد -وعقب حملة قادها المركز- بوقوع تقصير في حماية حقوق الفلسطينيين وخلل في الضمانات والتعهدات التي قطعتها في نص الإعلان الذي صدر في 2 نوفمبر 1917م.
وبهذا السياق، يذكر مركز العودة الحكومة البريطانية بأن قرار أعضاء المؤتمر السنوي العام لحزب العمال البريطاني التصويت نهاية سبتمبر 2021م، على قرار تاريخي يعتبر إسرائيل دولة فصل عنصري، ويدعو إلى الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، أبلغ دليل على عدالة الحق الفلسطيني وإدراك النخب السياسية البريطانية لحقيقة الظلم التاريخي الواقع على ملايين الفلسطينيين المشردين داخل الوطن وخارجه منذ سبعة عقود.
ويكرر مركز العودة التأكيد أن رحلة المعاناة الفلسطينية التي بدأت مع هذا الوعد، لن تنتهي إلا بإزالة مفاعيله السياسية والقانونية، وتمكين الشعب الفلسطيني من العيش بسلام فوق أرضه المحررة مع عودة اللاجئين المشردين إلى ديارهم.
كما يؤكد ضرورة قيام المجتمع الدولي بمعالجة تداعيات الوعد بشكل جذري ووضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ عقود، عبر إنهاء الاحتلال العسكري، وضمان محاسبة إسرائيل على جرائمها وانتهاكاتها.
وكان إقرار الحكومة البريطانية بوقوع تقصير في حماية حقوق الفلسطينيين جاء في معرض ردها على عريضة توقيعات إلكترونية رعاها مركز العودة في مطلع العام 2017، وأطلقها على الموقع الرسمي للبرلمان البريطاني، ونجح في غضون أسابيع في جمع نحو 14 ألف توقيع من مواطنين بريطانيين، الحد الذي يلزم الحكومة بإصدار رد رسمي على مطلب العريضة.
وقالت الحكومة البريطانية وقتذاك: "نحن ندرك أن وعد بلفور كان ينبغي أن يدعو إلى حماية الحقوق السياسية للطوائف غير اليهودية في فلسطين، ولا سيما حقهم في تقرير المصير".
وتابعت: "غير أن الشيء المهم الآن هو التطلع إلى الأمام وتحقيق الأمن والعدالة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال سلام دائم".
وبالرغم من رفضها الاعتذار عن وعد بلفور، فإن مركز العودة يعتبر رد الحكومة البريطانية يشكل سابقة هي الأولى في تاريخها تجاه الاعتراف بانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، ويعكس مدى التأثير الذي يمكن أن تتركه حملات الرأي العام والتي باتت تلعب أكثر في صالحة الرواية الفلسطينية رغم ضعف إمكانياتها.