الجلسة الأولى: فضح الإفلات من العقاب – استكشاف التحديات القانونية في تعريف الإبادة الجماعية في غزة

الجلسة الأولى: فضح الإفلات من العقاب – استكشاف التحديات القانونية في تعريف الإبادة الجماعية في غزة

في مؤتمر تسمية الإبادة الجماعية: المسؤولية العالمية عن غزة، تناولت الجلسة الأولى الأطر القانونية المحيطة بالإبادة الجماعية، مستكشفةً كيف يتعامل القانون الدولي — أو يفشل في التعامل — مع الفظائع التي تتكشف في غزة. برئاسة هايدي ديكستال، جمعت الجلسة نخبة من العلماء القانونيين والممارسين الذين قدموا نقداً دقيقاً ورؤى معمقة حول آليات المساءلة وفجوات التنفيذ وتسييس المعايير القانونية.

بدأت هايدي ديكستال، المحامية المتخصصة في القانون الجنائي الدولي وحقوق الإنسان، إدارة الجلسة بالتأكيد على أن النقاش لم يكن حول استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" كزخرفة بلاغية، بل كان فحصاً دقيقاً للتعريف القانوني وآليات المساءلة واستراتيجيات الوقاية في إطار القانون الدولي. وشددت على أن القانون، الذي يهدف إلى حماية المدنيين وضمان العدالة، غالباً ما تتعرض فعاليته للتقويض بفجوات التنفيذ والتواطؤ السياسي.

  

 

نقد متقدم – البروفيسور ريتشارد فالك
قدم البروفيسور ريتشارد فالك، أستاذ القانون الدولي الفخري بجامعة، نقداً تاريخياً عميقاً للقانون الدولي، مشيراً إلى أنه صُمم أصلاً لخدمة مصالح الدول القوية. وأوضح أن هذا النظام القانوني بُني للحفاظ على الهياكل الجيوسياسية القائمة وحماية الأجندات الوطنية المهيمنة، بدلاً من خدمة العدالة للجميع. ومن منظوره، حافظ القانون الدولي تقليدياً على الوضع الراهن، مما فضّل أولئك الذين يملكون السلطة، الأمر الذي أعاق طويلاً جهود تحقيق المساءلة الحقيقية والعدالة.

وأضاف البروفسور فولك أن النضالات المناهضة للاستعمار والحركات العالمية لحقوق الإنسان بدأت تتحدى هذا الإطار التقليدي من خلال إعادة توظيف القانون الدولي كأداة للتحرر والمساءلة، رغم استمرار فجوة التنفيذ التي تترك القرارات القانونية دون تطبيق وتكرس الاستغلال والإفلات من العقاب. ودعا إلى إعادة تنظيم جذرية للممارسات القانونية لسد هذه الفجوة وتحويل القانون إلى أداة حقيقية لتحقيق العدالة والتغيير الدائم للشعوب المضطهدة.

 

 

سياسة التسمية – الدكتور نمر سلطاني
اعتبر الدكتور نمر سلطاني، أستاذ القانون العام بجامعة SOAS في لندن، بأن الفشل في تسمية الفظائع في فلسطين بشكل عاجل — سواء من خلال التقارير المتأخرة لمنظمات حقوق الإنسان أو تكميم الأفواه في الخطاب العام — يساهم في إطالة أمد الظلم. وأشار إلى أن الاعتراف المتأخر بظروف الفصل العنصري والإبادة الجماعية، كما تجلى في البيان المتأخر لمنظمة "مراقبة الإبادة الجماعية - جينوسايد ووتش" وغيرها، يقوض الجهود المبذولة لمحاسبة الجناة.

وأوضح د. سلطاني أن هذا التأخير ليس محض صدفة، بل يعكس تحيزات سياسية تُخمد الأصوات النقدية المبكرة وتشوه النطاق الحقيقي للأزمة. كما انتقد فرض معايير قانونية مرتفعة للغاية لتعريف الإبادة الجماعية، مستشهداً بمثال القاضي ترينداد في قضية محكمة العدل الدولية بين كرواتيا وصربيا، وأشار إلى أن مثل هذه المعايير تقلل من فاعلية اتفاقية الإبادة الجماعية وقد تحولها إلى حبر على ورق، مما يمكن الدول القوية من الإفلات من المساءلة.

ومن وجهة نظره، فإن استخدام التسمية الصحيحة ليست مجرد مسألة لغوية بل خطوة حاسمة لسد فجوة التنفيذ وتحفيز المساءلة القانونية والأخلاقية عن الفظائع في غزة.

  

 

إعادة النظر في التحيز القانوني – البروفيسور نيف جوردون
قدم البروفيسور نيف جوردون من جامعة كوين ماري في لندن نقداً دقيقاً للتحيز القائم على الدولة في القانون الدولي. وأوضح أن الدول هي التي تضع وتطبق القوانين، مما يجعل هذه الأنظمة تفضّل مصالحها على حساب المجتمعات المهمشة مثل الفلسطينيين في غزة.

وأشار د. جوردون إلى أن القانون الدولي يركز عادةً على الأحداث المنفصلة، مثل قصف المنشآت المدنية، بينما يتجاهل الظلم الهيكلي والعمليات الكامنة وراءها. وشدد على كيفية استغلال تعاريف قانونية مثل "الدروع البشرية" وتصنيف المباني ذات الاستخدام المزدوج لتغطية الحقائق المتعلقة بالاستعمار الاستيطاني والتعصيب، مما يضعف دور القانون في الحماية ويضفي شرعية على العنف الحكومي ضد الفلسطينيين.

ودعا د. جوردون إلى تغيير كيفية تطبيق القانون الدولي، مطالباً بنهج أكثر دقة يواجه القيود الحالية ويضمن العدالة لأولئك الذين يعانون من الهياكل الاستعمارية المستمرة.

  

 

تأكيد السردية الفلسطينية – المحامية الدولية لارا البورنو
سردت لارا البورنو، المحامية الدولية الفلسطينية-الأمريكية، كيف بدأ الفلسطينيون في غزة، فور وقوع هجوم إسرائيل، بتسمية تجربتهم المعيشية بالإبادة الجماعية. أوضحت أنه خلال أيام قليلة أصبح مصطلح "الإبادة الجماعية" — أو "إبادة" كما يُطلق محلياً — وصفاً سائداً بين أولئك الذين يتعرضون للعنف، وهو أمر أكدته لاحقاً آراء علماء بارزين، بمن فيهم أستاذ يهودي إسرائيلي معروف. وبينما غالباً ما تُخفف وسائل الإعلام السائدة والخطابات السياسية الغربية من هذا الاعتراف أو تؤخره، شددت لارا البورنو على أن أصوات المتضررين تتحدث بوضوح لا جدال فيه.

وأضافت البورنو أن الآراء التي تهم حقاً هي تلك التي تصدر عن الفلسطينيين الذين يواجهون العنف اليومي والخبراء المستقلين الذين وثقوا هذه الفظائع على مر السنين. ورأت أن القبول السريع والموحد لمصطلح "الإبادة الجماعية" بين المتأثرين يشكل دعوة قوية للمساءلة تمتد ليس فقط إلى الجناة المباشرين في غزة، بل أيضاً إلى الرعاة الغربيين ووسائل الإعلام المتواطئة في إفلات العقاب. وشددت على أن الإبادة الجماعية لا تزال مستمرة وقد أصبحت آلية بشكل مقلق، محذرة من أن الإجراءات الحالية، مثل وقف إطلاق النار الهش، غير كافية لوقف الدمار، ودعت إلى إصلاح جذري للآليات العالمية للمساءلة لضمان حماية حقوق وحياة الفلسطينيين حقاً.

 

قدمت هذه الجلسة، الأولى من جلسات مؤتمر تسمية الإبادة الجماعية، فحصاً شاملاً للأبعاد القانونية للإبادة الجماعية، مما أسس قاعدة نقدية للجلسات اللاحقة التي ستتناول تمثيل وسائل الإعلام والتضامن الدولي. ومن خلال وجهات نظر المتحدثين المتنوعة، أكدوا على وعد القانون الدولي كأداة لتحقيق العدالة، وعلى القيود العميقة التي يواجهها أمام التحديات السياسية والهيكلية المتجذرة. وتدعو رؤاهم مجتمعة إلى جهد عالمي متجدد لسد فجوة المساءلة وضمان احترام حقوق وحياة الفلسطينيين.

22-2-2025  

 

 

 

 

 

 

رابط مختصر : https://prc.org.uk/ar/post/4882