اختتام فعاليات مؤتمر "تسمية الإبادة الجماعية "بكلمة للبروفيسور بيني غرين

اختتام فعاليات مؤتمر

لندن– اختتم مؤتمر "تسمية الإبادة الجماعية: المسؤولية العالمية تجاه غزة" بكلمة ختامية قوية ألقتها البروفيسورة بيني جرين، أستاذة القانون الأسترالية البارزة. أعربت البروفيسورة جرين عن تقديرها العميق لـمركز العودة الفلسطيني لتنظيمه هذا المؤتمر الذي وصفته بأنه "استثنائي"، مشيدةً بعمق النقاشات التي دارت عبر الجلسات الثلاث، والتي تناولت الاستجابات القانونية والمجتمعية للإبادة الجماعية.

وأكدت البروفيسورة جرين على ضرورة الاعتراف بالإبادة الجماعية كعملية مستمرة، وليست مجرد حدث منفصل، مشددةً على أن التاريخ لم يبدأ في 7 أكتوبر 2023. وأوضحت أن جذور الإبادة الجماعية المستمرة في غزة تعود إلى وعد بلفور، مبيّنة أن الإبادة الجماعية تتكشف عبر مراحل تبدأ بإزالة الطابع الإنساني، ثم التصعيد إلى العنف والفصل العنصري، يلي ذلك الإضعاف المنهجي، وصولًا إلى الإبادة الشاملة. وبعد الإبادة، أشارت جرين إلى أن الإبادة الجماعية لا تنتهي، بل تتحول إلى ممارسات المحو، حيث تسعى الدولة الجانية إلى إزالة كل أثر للمجموعة المستهدفة.

وانتقدت البروفيسورة جرين القيود التي تفرضها المنظومة القانونية على معالجة الطبيعة الهيكلية والمستمرة للإبادة الجماعية، موضحةً أن القانون الدولي يبحث عن أحداث بعينها بدلاً من العنف المنهجي المتواصل. وفسّرت ذلك بكون المؤسسة القانونية تبدأ سردها التاريخي من 7 أكتوبر، متجاهلةً عقودًا من القمع الاستيطاني الاستعماري التي سبقته. ورغم إقرارها بأهمية الآليات القضائية الدولية، مثل محكمة العدل الدولية (ICJ) والمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، إلا أنها أكدت أن الفلسطينيين وحلفاءهم ليسوا بحاجة إلى حكم قضائي لإثبات وقوع الإبادة الجماعية.

وقالت جرين:
"لا توجد أي صعوبة في إثبات نية الدولة الإسرائيلية، فكثير من الأوامر العسكرية والتصريحات الصادرة عن الكنيست، ومجلس الحرب، والجيش الإسرائيلي، كانت واضحة تمامًا—الفلسطينيون يُنظر إليهم على أنهم أقل من البشر ويجب القضاء عليهم لضمان استمرار مشروع التفوق العرقي الإسرائيلي."

وحذرت من الاعتماد الحصري على المسارات القانونية، مستذكرةً إخفاق الحكومة البريطانية في اتخاذ أي إجراء بشأن إبادة الروهينغا في ميانمار، مستشهدةً برفض رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون في عام 2015 الاعتراف بالإبادة الجماعية حتى تقرر محكمة ذلك.

 

دعوة للمقاومة الجماعية

وأكدت البروفيسورة جرين أن المحاكم وحدها لا يمكنها تحقيق العدالة، مشيرةً إلى أن العدالة الحقيقية تتطلب تعبئة جماهيرية وتحديًا عالميًا. وحثّت الحاضرين على المشاركة الفاعلة في الاحتجاجات، والمقاطعة، وحملات سحب الاستثمارات، والعمل المباشر، مؤكدةً أن التصدي للإبادة الجماعية يستلزم كسر القوانين الظالمة.

وقالت: "كما ناضل النشطاء ضد تجريم المثلية الجنسية في المملكة المتحدة، يجب علينا تحدي وتعطيل البنى التي تُمكّن الإبادة الجماعية اليوم."

وسلطت الضوء على حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، مؤكدةً أنها يقودها الفلسطينيون لكنها تحتاج إلى مشاركة عالمية لتكون فعالة. ودعت الأفراد والمؤسسات، بما في ذلك الجامعات والشركات وصناديق المعاشات التقاعدية، إلى قطع علاقاتها المالية مع إسرائيل، كما حثّت الحكومات على فرض عقوبات على إسرائيل ردًا على جرائمها.

 

المحاسبة العابرة للحدود

وفي حديثها عن المساءلة الدولية، أشادت البروفيسورة جرين بمبادرات مثل محكمة غزة، التي يقودها البروفيسور ريتشارد فولك، والتي تهدف إلى إنشاء سجل تاريخي دائم للأدلة التي توثق الإبادة الجماعية. كما أثنت على الجهود التي تبذلها المنظمات القانونية، مثل منظمة هند رجب، في رفع دعاوى قضائية بموجب الولاية القضائية العالمية ضد المسؤولين الإسرائيليين، مؤكدةً أن مجرمي الحرب يجب أن "يشعروا بعدم الأمان أينما ذهبوا".

 

دعم صمود الفلسطينيين

وأشادت البروفيسورة جرين بصمود الفلسطينيين اليومي، وخصّت بالذكر الأطباء، والصحفيين، والنشطاء في غزة الذين يواصلون عملهم رغم تدمير منازلهم وفقدانهم لأسرهم. كما دعت إلى التصدي الفاعل للدعاية الصهيونية، والتثقيف الذاتي، والعمل على إبقاء الرواية الفلسطينية حاضرة في المجال العام.

وأضافت: "الفلسطينيون ليسوا بحاجة إلى أن يتم "إضفاء الطابع الإنساني" عليهم—فهم بالفعل بشر. لكن يجب علينا التصدي بفاعلية للخطاب اللاإنساني الذي يسعى إلى محوهم."

 

نداء أخير للتحرك

وفي كلماتها الختامية، ذكّرت البروفيسورة جرين الحضور بأن حتى الأفعال الصغيرة تُحدث فرقًا، سواء من خلال المظاهرات العامة، أو التصدي للسرديات الصهيونية، أو دعم النشطاء الذين يواجهون القمع.

وختمت بقولها: "عندما ننظر إلى شجاعة الفلسطينيين، فإن الأفعال الصغيرة التي نقوم بها—رغم القمع الحكومي—هي أقل ما يمكننا فعله. ولكن يجب علينا القيام بها."

 

اختُتم المؤتمر برسالة واضحة وعاجلة: النضال العالمي ضد الإبادة الجماعية يجب أن يكون مستمرًا وغير قابل للمساومة. ومن الدفاع القانوني إلى النشاط الشعبي، ومن المقاطعة الاقتصادية إلى العمل المباشر، رسم المتحدثون استراتيجية متكاملة لتفكيك نظام الفصل العنصري ومحاسبة الجناة.

 

اختتم مركز العودة الفلسطيني هذا الحدث بتوجيه الشكر إلى جميع المتحدثين، والحضور، والجمعيات الطلابية الشريكة من جامعات بريطانيا على مساهماتهم القيّمة في جعل هذا المؤتمر منصة قوية للحوار، والمناصرة، وتحقيق العدالة. لقد كان لهذا التفاني والدعم دور أساسي في إيصال أصوات غزة وتعزيز التضامن العالمي.

22 فبراير 2025

رابط مختصر : https://prc.org.uk/ar/post/4888