جاء ذلك في "إعـلان برليـن"، وهو البيان الختامي لمؤتمر فلسطينيي أوروبا الثامن، المنعقـد تحت شعار "عـودتنا حتميّة، ولأسرانا الحرية"، في العاصمة الألمانية.
وقد التأم مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثامن، بنجاح كبير، السبت الثامن من أيار/ مايو 2010، في برلين، وشارك في أعماله أكثر من عشرة آلاف فلسطيني توافدوا من شتى أرجاء القارّة الأوروبية، وبحضور قيادات وشخصيات فلسطينية بارزة من فلسطين وخارجها. كما شارك في المؤتمر حشد كبير من الشخصيات العاملة وممثلي المؤسسات وقطاعات المتضامنين، العربية والإسلامية والأوروبية.
وقد نظّم هذا المؤتمر السابع، الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي أوروبا، ومركز العودة الفلسطيني، والتجمّع الفلسطيني في ألمانيا، بالاشتراك مع مؤسسات فلسطينية وعربية في ألمانيا وخارجها.
وأعلن المؤتمر في ديباجة "إعلان برلين" التمسّك بما ورد في مقرّرات مؤتمراته السبعة السابقة، التي انطلقت من لندن عام 2003، وتتوجّت في مؤتمره الثامن المنعقد في برلين عام 2010.
وجاء في الوثيقة التي تمخض عنها هذا الحدث الضخم "نؤكد أنّ شعبنا الفلسطيني في شتى مواقع وجوده، بعُمْقِه التاريخيّ وإرثه الحضاريّ وبهويّته وثقافته العربية والإسلامية، وحدةٌ واحدة، لا تنفصم عراها ولا تقبل التجزئة. وإنّ شعبنا مستمرّ في التشبث بحقه في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل التي تكفلها الشرعة الإلهية والمواثيق البشرية".
وتابع البيان الختامي للمؤتمر أنّ "حق العودة إلى أرضنا وقرانا وحقولنا في كافة أنحاء فلسطين حق فردي وجماعي ثابت، لم نعطِ تفوبضاً لأحد أن يتنازل عنه أو يساوم عليه، وإننا واثقون بأنّ عودتنا حتمية بإذن الله تعالى".وشدّد فلسطينيو أوروبا على أنّ "أسرانا وأسيراتنا الأبطال، القابعين في سجون الاحتلال الصهيوني، هم ضمير الشعب الفلسطيني، وثابت أصيل من ثوابته، لن يهدأ لشعبنا بال حتى يروا شمس الحرية تشرق من جديد فوق أرضنا. وإننا من هذا المؤتمر نطالب بالعمل الجاد لإطلاق سراح الأسرى بكافة الوسائل الممكنة".
وأكد "إعلان برلين" أنّ "القدس هي درّة فلسطين، وزهرة المدائن، وخزانة التاريخ، لن يشوِّه صورتها الاحتلال الصهيوني بالتهويد والشطب والإلغاء. ونهيب بالأمّة جمعاء أن تتحمّل مسؤولياتها الدينية والتاريخية تجاه ما يحدث للقدس والمرابطين فيها، من خلال تثبيت عوامل وجودهم وصمودهم بالغالي والنفيس".
وأدان مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثامن، "الحصارَ الظالم المفروض على أهلنا في غزة العزة، منذ أكثر من أربع سنوات"، مطالباً "المجتمع الدولي والأمة العربية والإسلامية وبحاجة الشقيقة مصر بالعمل على رفع الحصار وفتح المعابر وبخاصة معبر رفح".
وعبّر فلسطينيو أوروبا عن ثقتهم بأنّ "جدار الفصل العنصري ومصادرة الأرض من أصحابها وهدم البيوت، وتشييد المغتصبات، وتشديد الخناق على شعبنا، لن يغيِّر من حقيقة الأرض ولن يكسر إرادة الشعب في الثبات والمقاومة والصمود حتى التحرير".
ومضى المؤتمر إلى مطالبة "المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، وبخاصة أولئك الذين ارتكبوا جرائم الحرب ضد الإنسانية في غزة، من خلال متابعة توصيات تقرير غولدستون وتفعيلها وتطبيقها أمام المحاكم والمحافل الدولية".وفي ما يتعلق بالشأن الفلسطيني الداخلي؛ قال فلسطينيو أوروبا في وثيقتهم "نجدِّد تمسكنا بالوحدة الوطنية الفلسطينية، وحماية قضية شعبنا العادلة، من خلال تحقيق المصالحة الفلسطينية الشاملة على أسس ثوابتنا الوطنية، وندعو إلى إعادة بناء وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية على أسس تجعل منها مظلّة لكافة أبناء الشعب الفلسطيني".
وتابعت الوثيقة "ننتظر من صانعي القرار وقادة الرأي في أوروبا، مواقف جادّة تُنصِف شعبَنا الفلسطينيّ وتقف إلى جانب الحقّ والعدل وحريات الشعوب، فتنبذ الاحتلال وترفع الغطاء عنه، وتقطع الإمدادات عنه بأي صورة كانت". وأضاف البيان الختامي "كما نلفت الانتباه إلى ما يترتّب من مسؤولية تاريخية على أوروبا، لا يمكن الجدال بشأنها، عن النكبة التي حلّت بشعبنا الفلسطيني سنة 1948، وما أعقب ذلك بمفعول الانحياز إلى مشروع احتلال فلسطين وإمداده بمقوِّمات البقاء والتوسّع والعدوان. وما زالت أجيال شعبنا تدفع ثمن هذه المآسي حتى اليوم".
وخلص إعلان برلين إلى القول "إننا في مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثامن، ومن برلين، نحيِّي كافة أبناء شعبنا في الداخل والخارج، وأشقاءنا وأصدقاءنا في كلّ مكان، ونعاهد الله ثم نعاهدكم ونعاهد أسرانا الأحرار وشهداءنا الأبرار أن نبقى على العهد حتى التحرير والعودة بإذن الله تعالى"، كما ورد فيه.
وحضر مؤتمر فلسطينيي أوروبا، حشد من الشخصيات والقيادات الفلسطينية البارزة، يتقدمهم رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور عزيز الدويك عبر رسالة متلفزة، والقيادي البارز الشيخ رائد صلاح. ومن بين الشخصيات المشاركة أيضاً المفكر الفلسطيني منير شفيق ممثل المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي ومؤتمر الأحزاب العربية، والدكتور عبد الغني التميمي رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج، والكاتب بلال الحسن المتحدث باسم الهيئة الوطنية الفلسطينية للدفاع عن الثوابت، وفدوى البرغوثي زوجة القيادي الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي، وشكيب بن مخلوف رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، والعديد من الشخصيات والقيادات والمثقفين والإعلاميين والنقابيين، بالإضافة إلى شخصيات أوروبية ومسؤولي مؤسسات فلسطينية في أنحاء القارّة.
وشاركت في في أعمال هذا الحدث الأضخم من نوعه بالنسبة للشتات الفلسطيني في القارة، ثلاثة أجيال فلسطينية في أوروبا، أعلنت من خلال مؤتمرها الذي أقيم للعام الثامن على التوالي، عن التمسّك بالحقوق الفلسطينية، وفي مقدِّمتها حق العودة، وتؤكد مواصلتها العمل لأجل القضية الفلسطينية.