غزة كنَكبة ثانية: مركز العودة الفلسطيني يستضيف ندوة حوارية مع الدكتورة مها نصّار

غزة كنَكبة ثانية: مركز العودة الفلسطيني يستضيف ندوة حوارية مع الدكتورة مها نصّار

بمناسبة الذكرى السابعة والسبعين للنكبة الفلسطينية، نظّم مركز العودة الفلسطيني ندوة إلكترونية بعنوان "غزة كنَكبة ثانية"، استضاف فيها الدكتورة مها نصّار، الأستاذة المشاركة في التاريخ الحديث للشرق الأوسط بجامعة أريزونا، والباحثة البارزة في قضايا الهوية والمقاومة الفلسطينية.

وجاءت هذه الندوة ضمن فعاليات إحياء النكبة التي ينظمها المركز، حيث قدّمت تحليلاً عميقًا ومُلهمًا حول كيف أن الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة لا تمثل فقط كارثة إنسانية، بل هي أيضًا امتداد مباشر لنكبة عام 1948.

في مداخلتها، شددت الدكتورة نصّار على مركزية مفهوم "الصمود" في فهم النضال الفلسطيني المستمر، قائلة: "عادةً ما نتحدث عن الصمود في سياق البقاء على الأرض، لكنه أعمق من ذلك بكثير". وأشارت إلى جذور هذا المفهوم في بدايات المقاومة الفلسطينية ضد الاستعمار البريطاني والتوسع الاستيطاني الصهيوني.

ورغم ارتباط مفهوم الصمود بالرفض الشعبي في الضفة الغربية وغزة لترك المنازل تحت الاحتلال، أوضحت الدكتورة نصّار أن الصمود يمتد أيضًا ليشمل تجربة الفلسطينيين في الشتات القسري. وأضافت: "الصمود لا يقتصر فقط على البقاء في المكان، بل يعيش أيضًا في قلوب وعقول الفلسطينيين الذين يحملون ذاكرة قراهم وتاريخهم وحقوقهم أينما ذهبوا".

وقسّمت الدكتورة نصّار الصمود إلى أربعة مستويات متداخلة: صمود شخصي (التحمّل النفسي)، جماعي (بناء المجتمع تحت القمع)، مدني (التنظيم والنشاط الحقوقي)، ودولي (ربط التحرر الفلسطيني بحركات العدالة العالمية).

وفي حديثها عن الدمار في غزة، شبّهت الدكتورة نصّار العدوان الإسرائيلي الحالي بنكبة 1948، مشيرة إلى أن تهجير الفلسطينيين بالقوة – سواء بالقصف أو الحصار أو التجويع – هو جوهر النكبة المستمرة.

وبيّنت أن جوهر كلٍ من نكبة 1948 والنكبة الحالية في غزة يتمثل في الإنكار المنهجي لحق الفلسطينيين في العودة – وهو حق راسخ أخلاقيًا وقانونيًا، ومُعترف به في القانون الدولي، بما في ذلك القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأوضحت أن إسرائيل ترفض بشكل مستمر تنفيذ هذا الحق، وتتبنّى سياسات تقوم على الإقصاء، وضغوط التوطين، والتهجير الدائم. وقالت إن هذا الإنكار لا يُعدّ مجرد مسألة تاريخية، بل هو انتهاك مستمر وجوهري في مشروع الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، ويُشكّل عائقًا رئيسيًا أمام أي سلام عادل ودائم.

وأشارت إلى المحاولات المتكررة من قبل قوى دولية لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول الجوار بهدف قطع صلتهم بأرضهم الأصلية – وهي استراتيجية فشلت فشلًا ذريعًا، بحسب قولها. وأضافت: "رغم مرور 76 عامًا على التهجير، لا يزال اللاجئون متمسكين بجذورهم ويُصرّون على حقهم في العودة".

كما سلطت الدكتورة نصّار الضوء على البُعد المتوارث للصمود، مشيرة إلى أن الأجيال الأكبر تنقل ذاكرة فلسطين والنضال من أجل العدالة إلى الأجيال الشابة. وأكدت أن تعليم الأطفال عن وطنهم وتاريخهم وحقوقهم هو أيضًا شكل من أشكال الصمود.

وتطرّقت الندوة إلى التحول الجاري في الخطاب العالمي حول القضية الفلسطينية. وأشارت الدكتورة نصّار إلى تصاعد التضامن الدولي وتراجع الدعم الشعبي لإسرائيل، خاصة بين فئات الشباب والحركات التقدمية. وقالت: "الهيمنة التقليدية للرواية المؤيدة لإسرائيل داخل الأحزاب السياسية الأمريكية – الديمقراطية والجمهورية – بدأت تتصدّع".

وأوضحت أن هناك وعيًا متزايدًا، خصوصًا داخل الدوائر المناهضة للاستعمار والإمبريالية في الولايات المتحدة، بأن ما يحدث في غزة اليوم هو جزء من تاريخ أطول من الاستعمار والعسكرة والقمع العنصري.

واختُتمت الندوة بدعوة إلى العمل، أكّدت فيها أن النكبة ليست حدثًا ماضويًا منفصلًا، بل هي عملية مستمرة من الإقصاء والحرمان، وأن دعم النضال الفلسطيني من أجل العودة والعدالة والحرية يبقى مسؤولية جماعية مستمرة.

 

شاهدوا التسجيل الكامل للندوة:
https://www.youtube.com/watch?v=ulqN2H3zbI4

 

رابط مختصر : https://prc.org.uk/ar/post/4943