قام مركز العودة الفلسطيني بتعميم مذكرة قانونية على البعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، محفزًا إياها على اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن التصريحات التي أدلت بها نائبة رئيس محكمة العدل الدولية، القاضية جوليا سيبوتيندي، والتي يعتبرها المركز "انحيازًا عقائديًا" لصالح إسرائيل يمس بنزاهة المحكمة في قضية الإبادة الجماعية في غزة.
تأتي هذه الخطوة في وقت حرج، تزامناً مع انعقاد الجمعية العامة، حيث يسعى المركز إلى تسليط الضوء على خطورة هذه التصريحات على ثقة المجتمع الدولي في منظومة العدالة الدولية. المذكرة تؤكد أن تصريحات القاضية سيبوتيندي ليست مجرد رأي شخصي عابر، بل تعكس ارتباطًا محتملاً بتيار أيديولوجي منحاز يتعارض بشكل مباشر مع واجب القاضي الدولي في الحفاظ على الحياد والاستقلال.
وأبرزت المذكرة التصريح الذي أدلت به القاضية سيبوتيندي في 10 أغسطس 2025 خلال فعالية دينية في كمبالا، أوغندا، حيث قالت: "الرب يعوّل عليّ للوقوف إلى جانب إسرائيل" (“The Lord is counting on me to stand on the side of Israel”). كما ربطت حديثها بالصراع في الشرق الأوسط باعتباره علامة على "نهاية الزمان" وفق قراءتها اللاهوتية. وتوضح المذكرة أن هذه التصريحات صدرت في كنيسة "واتوتو"، وهي من الكنائس الإنجيلية التي تتبنى لاهوتًا داعمًا لإسرائيل، وقد سبق لمؤسسها أن صرّح بأن كنيسته "تقدّم في كل سنة الكثير من الأموال إلى إسرائيل".
وتوضّح المذكرة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تلعب دورًا محوريًا في ضمان نزاهة واستقلال محكمة العدل الدولية. فبموجب النظام الأساسي للمحكمة، تشارك الجمعية العامة مع مجلس الأمن في انتخاب قضاتها، ما يمنحها مسؤولية سياسية وأخلاقية مباشرة لمتابعة أداء المحكمة والحفاظ على استقلاليتها. وبالتالي، فإن تحرك البعثات الدبلوماسية في هذا الإطار يُعتبر ضروريًا للحفاظ على ثقة المجتمع الدولي في المحكمة وقدرتها على الفصل في القضايا الكبرى بحياد.
وفي هذا السياق، قال مدير مركز العودة الفلسطيني د. طارق حمود في تصريح صحفي: "إن توزيعنا لهذه المذكرة أثناء انعقاد الجمعية العامة ليس خطوة رمزية، بل هو نداء عاجل للدول الأعضاء لتحمل مسؤولياتها تجاه حماية أعلى هيئة قضائية في منظومة الأمم المتحدة. لا يمكن للعالم أن يصمت بينما يتم تقويض نزاهة المحكمة التي تنظر في جريمة الإبادة الجماعية الموثقة بحق الشعب الفلسطيني في غزة. إن تصريحات القاضية سيبوتيندي التي تفيد بأنها ‘مكلّفة دينيًا’ بالوقوف مع إسرائيل، لا تضرب عرض الحائط بواجب الحياد القضائي فحسب، بل تهدد شرعية أي حكم مستقبلي وتضعف ثقة الشعوب في العدالة الدولية برمتها. نطالب بتحرك دولي جاد يضمن أن تكون المحكمة ضميرًا قانونيًا للعالم، لا منصة لتبرير الظلم تحت غطاء عقائدي".
وتدعو المذكرة القانونية بعثات الدول الأعضاء إلى اتخاذ خطوات ملموسة وعاجلة، عبر إثارة الموضوع في اجتماعات الجمعية العامة لتسليط الضوء على خطورة هذه التصريحات، ودعم فتح تحقيق داخلي في المحكمة للتأكد من مدى التزام القاضية بواجباتها. كما تطالب المذكرة بالعمل على استبعادها مؤقتًا من جميع القضايا المتعلقة بفلسطين حمايةً لسلامة الإجراءات، وتشجيع الدول على تقديم اعتراضات مكتوبة إلى المحكمة للتعبير عن رفضها لمشاركتها في القضايا ذات الصلة.
واختتم المركز مذكرته بالتأكيد على أن هذه المطالب ليست استهدافًا شخصيًا، بل هي خطوة ضرورية لحماية نزاهة المحكمة وصون حقوق الضحايا الفلسطينيين، وضمان استمرار ثقة المجتمع الدولي في العدالة الدولية في وقت حاسم.