مركز العودة الفلسطيني: عامان على بدء الإبادة الجماعية في غزة.. جريمة مستمرة تتطلب محاسبة دولية عاجلة

مركز العودة الفلسطيني: عامان على بدء الإبادة الجماعية في غزة.. جريمة مستمرة تتطلب محاسبة دولية عاجلة

لندن، 7 أكتوبر 2025 - في الذكرى الثانية لأحداث السابع من أكتوبر، وما تلاها من عدوان إسرائيلي شامل على قطاع غزة، يؤكد مركز العودة الفلسطيني أن ما شهده القطاع على مدار عامين متواصلين ليس مجرد حرب، بل هو إبادة جماعية مكتملة الأركان، تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم أجمع. لقد حوّلت إسرائيل قطاع غزة إلى مكان غير قابل للحياة، في استهداف ممنهج وواضح لوجود الشعب الفلسطيني على أرضه.

على مدى 730 يومًا، أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل عن استشهاد أكثر من 67 ألف فلسطيني وجرح ما يزيد عن 160 ألفًا آخرين. إن غالبية الضحايا هم من المدنيين، من بينهم أكثر من 19,000 طفل و12,500 امرأة، وهو ما يؤكد الطبيعة المتعمدة لاستهداف الوجود الفلسطيني.

إن ما جرى في غزة هو تجسيد لأخطر مراحل المشروع الاستعماري الإسرائيلي القائم على التطهير العرقي. فالتدمير الشامل للبنية التحتية، واستهداف المستشفيات والمدارس، ومحو أحياء سكنية بأكملها عبر تدمير نحو ربع مليون وحدة سكنية بشكل كلي، وتهجير قرابة مليوني إنسان، وفرض حصار خانق أدى إلى مجاعة كارثية راح ضحيتها المئات، كلها أفعالٌ تُثبت نية التدمير الكلي أو الجزئي للشعب الفلسطيني في غزة، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة.

إن النية الإبادية المبيتة لدى القيادة الإسرائيلية تتكشف بوضوح في تعمدها إطالة أمد الحرب وإفشال كافة محاولات التفاوض، بل والوصول إلى حد استهداف الوفد التفاوضي الفلسطيني ومحاولة اغتياله بالكامل. إن هذه الممارسات تثبت أن هذه الحرب التدميرية ليست ردة فعل على أحداث السابع من أكتوبر، بل هي تنفيذ لمشروع استعماري مخطط له مسبقًا يهدف إلى تصفية الوجود الفلسطيني وقضيته، وفرض واقع ديموغرافي وجغرافي جديد.

يُحمّل مركز العودة الفلسطيني المجتمع الدولي، وخاصة الدول التي وفرت الغطاء السياسي والدعم العسكري لإسرائيل، المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم. فعلى مدى سنوات طويلة، حذّر مركز العودة الفلسطيني، إلى جانب مئات المنظمات الحقوقية الأخرى، من خلال عمله الدؤوب داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمستويات السياسية الأوروبية، من عواقب الصمت الدولي. لقد حان الأوان للمنظومة الدولية أن تستمع لهذه الأصوات وأن تقوم بإنفاذ القانون الدولي على الجميع دون استثناء، ووضع حد لحالة الحصانة المطلقة الممنوحة لإسرائيل لارتكاب ما يحلو لها من جرائم. هذه الحصانة التي لطالما شجعت المسؤولين الإسرائيليين على التبجح بانتهاكهم للقانون، وصولًا إلى تصريح علني لوزير إسرائيلي بالقول إن القانون الدولي لا ينطبق عليهم. إن استمرار هذا التواطؤ لا يهدد حياة الفلسطينيين فحسب، بل يقوض أسس النظام الدولي برمته.

إن استهداف غزة هو هجوم مباشر على القضية الفلسطينية برمتها، وعلى ثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني التي تمسك بها عبر عقود، ففي الوقت الذي تُطرح فيه مخططات لتهجير المزيد من الفلسطينيين قسريًا، يتمسك شعبنا المهجّر منذ 77 عامًا بحقه الراسخ وغير القابل للتصرف في العودة إلى دياره. إن هذه الإبادة هي محاولة يائسة لسحق هذه الإرادة وتصفية القضية، لكنها لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا إصرارًا على نيل حريته وتحقيق عودته.

وعليه، فإن مركز العودة الفلسطيني، في هذه الذكرى الأليمة، يطالب بالآتي:

  • تحرك دولي فوري: على الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن اتخاذ إجراءات حقيقية وفاعلة لضمان وقف العدوان بشكل كامل ودائم، وإنهاء الحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة.
  • محاسبة الجناة: ندعو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى تسريع التحقيقات وإصدار مذكرات توقيف بحق كافة المسؤولين الإسرائيليين، سياسيين وعسكريين، المتورطين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
  • فرض عقوبات شاملة: نطالب دول العالم بفرض عقوبات عسكرية واقتصادية ودبلوماسية على إسرائيل حتى تمتثل للقانون الدولي وتنهي احتلالها للأراضي الفلسطينية.
  • دعم حق العودة: نؤكد أن السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا من خلال الاعتراف بالحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم وفقًا لقرار الأمم المتحدة رقم 194.
  •  

    إن الصمت والتخاذل لم يعودا خياراً مقبولاً. يدعو مركز العودة الفلسطيني كل أحرار العالم، من حكومات ومنظمات ومجتمعات، إلى تحويل الإدانة إلى فعل، والوقوف بصلابة لفرض القانون الدولي ووقف هذه المذبحة.  ويُشيد المركز بالمواقف المبدئية للدول التي رفضت الصمت واتخذت خطوات عملية لفرض العدالة، داعياً بقية دول العالم إلى أن تحذو حذوها.

    نتوجه إلى كل قائد وسياسي وبرلماني في العالم، وإلى كل مسؤول في الأمم المتحدة، ونسألهم: أمام صور الأطفال الذين يُنتشلون من تحت الأنقاض، وأمام أنين الأمهات الثكالى، وأمام كرامة شيوخ يموتون جوعاً، أين هي إنسانيتكم؟ إن التاريخ سيسجل مواقفكم، وسيذكر من انتصر للمبادئ ومن اختار الصمت. لا تتركوا دماء غزة تلطخ ضمير الإنسانية إلى الأبد. تحركوا الآن، فكل دقيقة تأخير تعني المزيد من الأرواح البريئة التي تُزهق.

     

     

    رابط مختصر : https://prc.org.uk/ar/post/5046