يسأل شاب، باللغة الانكليزية، أعضاء وفد برلماني أوروبي يزور لبنان تضامناً مع لاجئي فلسطين، وهم على مدخل مخيم برج البراجنة: «من أين أنتم؟». لا يمنح أحد سؤاله رداً، فيعيد طرحه من جديد، ولا جواب. فيصرخ الشاب الفلسطيني: «أين هي الديموقراطية، وأنتم لا تجيبونني من أين أنتم؟!». حينها، يقترب منه أعضاء الوفد السبعة، ويعرّفون عن أنفسهم، بعد أن يعتذروا عن عدم سماعهم السؤال في المرتين الأوليين. اعتاد اهل المخيم تلقي زيارات من وفود من أنحاء العالم. وفي كل زيارة، يرحّب اللاجئون أسمى ترحيب بالزوار الراغبين بالاطلاع على أوضاعهم، على الرغم من اقتناعهم بأن الزيارة تجسد المثل: «بيجي العاشق وبروح المشتاق»، كما تعلّق إحدى السيدات في المخيّم.
وكان الوفد قد وصل الى لبنان أمس الأول، في إطار زيارة تضامنية مع اللاجئين الفلسطينيين تستمر ليومين، ينظمها «مركز العودة الفلسطيني» في لندن، بالتعاون مع مجلس العلاقات الفلسطينية الأوروبية في بروكسل، وبالتنسيق مع منظمة «ثابت» لحق العودة. ويتضمن الوفد سبعة برلمانيين، من بينهم أربعة أعضاء في البرلمان الاوروبي، وثلاثة أعضاء في البرلمان البريطاني. كذلك، حضر عضو البرلمان البريطاني في حزب العمال جيرالد كوفرمان، يعرّف عن نفسه بصفته يهودياً معادياً للصهيونية، يبلغ من العمر ثمانين عامًا ويكافح منذ سنوات من أجل القضية الفلسطينية. وكان كوفرمان قد ترأس الوفد البرلماني الذي شارك في رحلة كسر الحصار على قطاع غزة في كانون الثاني من العام الماضي.يذكر أن أعضاء الوفد شاركوا أكثر من مرة في رحلات كسر الحصار، كما زاروا النواب المقدسيين الفلسطينيين الأربعة المعتصمين في مقر الصليب الأحمر في مدينة القدس تضامنا معهم ضد المحاولات الإسرائيلية لاقتلاعهم من أرضهم.ويشرح مدير «مركز العودة» ومنظم الرحلة ماجد الزير لـ»السفير»، أن «زيارة الوفد تهدف الى مناقشة موضوع حق العودة للفلسطينيين مع المسؤولين في لبنان، بالإضافة الى طرح ملف إعادة مخيم نهر البارد». وأشار إلى أن «الوفد قد اقترح في اليوم الأول من الزيارة التي استهلت بلقاء المسؤولين، إمكانية تقديم دراسة الى حكوماتهم، لتدعم الحكومة اللبنانية من أجل تعزيز الوضع المعيشي في المخيمات وإعادة إعمار البارد».في برج البراجنة وشاتيلاتزامنت زيارة الوفد أمس لأبناء اللجوء مع «الكوارث» التي تحلّ على البنى التحتية في مخيمي برج البراجنة وشاتيلا، كلّما أمطرت السماء. فها هو الوفد، في جولته التي جعلتها رداءة الطقس قصيرة، يشهد على فيضانات الأزقة.. بانتظار انتهاء مشروع تأهيل البنى التحتية. وها هو الوفد يرى بأمّ العين حالة المنازل الآيلة للسقوط بين لحظة وأخرى. كما تعرّف البرلمانيون على معنى أن يعيش اللاجئ تحت خطر الموت في كل يوم، بسبب أسلاك الكهرباء التي تعانق بعضها في أزقة المخيّم. ومنذ دخولهم المخيّم، وجدوا الناس يحذرونهم، طالبين منهم خفض رؤوسهم وتجنب لمس تلك الاسلاك «حفاظًا على حياتكم». إلا أن الزوار لم يعرفوا عن سقوط عشرات الضحايا مع كل موسم شتاء، بسبب تلك الأسلاك.بعد جولة في برج البراجنة، انتقل الوفد الى مقبرة صبرا وشاتيلا في مخيم شاتيلا، حيث كان بانتظاره نائب رئيس بلدية الغبيري العميد عبد السلام الخليل، ومدير منطقة بيروت الوسطى في «الأنروا» محمد خالد. وتولى علي الدويهي من منظمة « ثابت»، شرح تاريخ المجزرة. وبعد السماع، وضع الوفد إكليلاً من الزهور على ضريح الشهداء. وألقى كوفرمان كلمة أكدّ خلالها أن «أعضاء الوفد سيناضلون من أجل تحقيق حلم العودة للفلسطيني، من لبنان، وسوريا، والاردن، وبلدان الشتات كلها». ولم يسعف الطقس الماطر أعضاء الوفد للقيام بجولة طويلة في مخيم شاتيلا، فانتقلوا الى منزل عائلة أحد شهداء المجزرة، حيث تولّى من تبقى من العائلة سرد أحداث المجزرة الأليمة.زيارات رسميةوكان الوفد قد زار امس الرئيس ميشال سليمان، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال علي الشامي في مكتبه في قصر بسترس، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً برئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب النائب عبد اللطيف الزين، وممثلين عن فصائل منظمة التحرير.وأشار بيان صادر عن المنظمة الى أنه «تم البحث خلال زيارة الوفد للشخصيات القيادية الرسمية اللبنانية بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في ضوء عدم توفير حقوقهم المدنية والإنسانية».ومن المتوقع ان يزور الوفد اليوم مخيم نهر البارد، ويلتقي السفيرة البريطانية فرانسيس غاي، ممثل منظمة التحرير في لبنان السفير عبد الله عبد الله، ومسؤول العلاقات الدولية في «حماس» أسامة حمدان، على أن تنتهي الزيارة صباح غد الأربعاء.